عندما يتعلق الأمر بتحويل الأحلام إلى حقيقة، فالأمر أكثر صعوبة بالنسبة للفلسطينيين. فالمقاومة تأتي أولاً كون الأمة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وبالنسبة للكثيرين، فهم يتركون أهدافهم الشخصية وأحلامهم على نار هادئة.
ولكن أولئك القادرين على تجاوز حدود البلاد، يجدون أبواب جديدة مفتوحة أمامهم، وتبدأ المقاومة في اتخاذ شكل مختلف، يتشابك مع تطلعاتهم. هذا هو حال قاهر حرحش، الذي يحلم منذ طفولته بأن يصبح عارضاً.
خلال السنوات القليلة الماضية، تحقق حلمه إلى واقع بعد أن كان يبدو بعيد المنال. بعد أن تم رفضه مراتٍ لا حصر له من قبل الوكالات المحلية، تمكن العارض المولود في القدس من التوقيع مع وكالة في تل أبيب عندما كان عمره 16 سنة فقط، مما جعله أول عارض أزياء فلسطيني.
على الرغم من بدايته المبكرة، ما زال حرحش يعاني من التمييز العنصري من قبل الوكالات التي توظفه، وتم عرضه أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية – ليس لموهبته – ولكن لتبييض سمعتهم.
بعد أن شعوره بالإحباط، شق حرحش طريقه إلى برلين بعد عام واحد فقط، حيث ذهب للتوقيع مع شركة Iconic Management.
التقت ميل مع العارض ذو الـ19 عاماً لمعرفة بدايته في عرض الأزياء، ومشهد عرض الأزياء في فلسطين والعقبات التي يواجهها على طول الطريق.
كيف دخلت مجال عرض الأزياء؟
أنا أحب الكاميرا. ولكن عندما كنت في الثامنة من عمري، رأيت تايسون بيكفورد يسير في مدرج العرض خلال أسبوع الموضة في نيويورك. استحوذت خلفيته العرقية على انتباهي، وسألت على الفور شقيقاتي “من هو ولماذا يسير على المدرج؟” لقد شرحن لي ما هو عرض الأزياء، وعرفت أن هذا ما أريد القيام به.
عندما بلغت السادسة عشرة من عمري، بدأت بتقديم الطلبات لوكالات عرض الأزيا، وتم رفضها جميعها تقريباً، قائلين إنهم ليسوا مستعدين لعارض أزياء فلسطيني. لقد سحقني ذلك لكنني لم أستسلم أبداً وظللت أؤمن بأن أصلي العربي جميل أيضاً.
ما هي بعض التحديات التي واجهتك؟
نفس النوع من المشاكل التي يواجهها العديد من عارضي الأزياء. لكن عندما كنت في تل أبيب، كانت جنسيتي تعمل ضدي. كان بعض الناس يطلبون مني أن أتجنب القول إنني فلسطيني. لكنني أخذت نفسا عميقا وقلت بكل بساطة لا. أنا شعبي وشعبي هم أنا.
أحب أن أرى تواجداً فلسطينياً أكبر في عالم الموضة، لكنني أعرف أيضاً أن الاحتلال الإسرائيلي في الوطن هو ما يمنع الكثير منا من متابعة أحلامنا. ولكني هنا لأخبر الناس عن التعايش وإذا لم يرغب أحد في العمل معي لأنني فلسطيني، فهم يحتاجون إلى إعادة النظر في وجهة نظرهم لأن خلفية شخص ما لا ينبغي أن يكون عائقاً. يجب أن يكون الناس قادرين على الاحتفال باختلافهم. يجب أن تكون دائماً فرصة للحوار البناء حتى نتمكن من إيجاد طرق للتواصل مع بعضنا البعض.
كيف تصف مشهد عرض الأزياء في فلسطين؟
أرى بعض الناس يحاولون تنظيم عروض الأزياء لعرض أعمال المصممين المحليين، لكن لا توجد ميزانية ونحن تحت الاحتلال، لذا فإن النجاح دائماً ما يكون محدوداً.
يسألني الكثير من الشباب والفتيات الفلسطينيين عن عرض الأزياء، وأوجههم دائماً إلى الأشخاص المناسبين أو أعطيهم النصيحة. حلمت مؤخراً بأن أفتتح وكالة عرض أزياء للأشخاص من ذوي الإثنيات التي لا تُرى على منصة العرض. أحب أن أفعل ذلك في يوم من الأيام.
ما مدى اختلاف المشهد بالنسبة لك الآن في ألمانيا؟
بشكل عام، تختلف كل مدينة ألمانية من حيث أفكارها ومدى انفتاحها على الثقافات المختلفة، لكني أعتقد أن برلين هي المكان المناسب لأي عارض يريد بداية جيدة.
الناس هنا موهوبون ومرتاحون جداً. أنا أحب كل من أعمل معهم وجميع أصدقائي هنا. برلين ستكون داري الثاني بعد القدس وفلسطين. قبلني الناس بسرعة هنا. ولا أخاف أن تقوم الشرطة هنا بطلب بطاقة هويتي.
هل كان من الصعب على عائلتك قبول اختيارك لهذه المهنة؟
تخشى كل عائلة من أن ينتهي طفلهم بقرار يندمون عليه. كان هذا هو أكبر مخاوف عائلتي وكان علي أن أريهم أنني ملتزم بما أردت القيام به.
كيف يشعرون حيال ذلك اليوم؟
أمي تسأل دائما عن العروض التي أقدمها وأخي يطلب مني دائماً أن يعطيه نصف راتبي!
كعارض أزياء عربي، ما هي بعض التحديات التي تواجهك؟
أولاً، مجرد أننا غير متواجدين بقوة، ولكن أيضاً عدم وجود أصالة لدى العرب الآخرين داخل هذه الصناعة. أشعر أن الكثير من الناس يغضون الطرف عن حقيقتهم في الوقت الذي يجب ألا يكونوا فيه خائفين من المخاطرة وتمثيل أنفسهم وشعوبهم.
من الذي تود العمل معه في المستقبل؟
أود أن أتعامل مع فيرساتشي، غوتشي، برادا، جيفنشي، وإيف سان لوران لأنها العلامات التجارية التي لطالما أحببتها. حلمت دوماً أن أسير على منصة هذه العلامات الرائدة. لدي الكثير من الحب للمدراء الإبداعيين والفرق التي تقف وراءهم.