في زمن تسود فيه الصورة النمطية للمؤثرين كمجرد صناع محتوى ترفيهي يسعون وراء المشاهدات، تبرز أسماء قليلة تنجح في كسر هذا القالب، وتجعل من منصاتها الرقمية مساحة للوعي والتأثير الحقيقي. من بين هؤلاء تلمع رغدة كيومجيان، المعروفة على وسائل التواصل باسم رغدة ك، التي بدأت رحلتها بمحتوى بسيط ويومي، قبل أن تتحول تدريجيًا إلى واحدة من أبرز الأصوات المدافعة عن القضايا الإنسانية في المنطقة.
رغدة، المُدرجة مؤخرًا ضمن قائمة فوربس للمؤثرين الشباب، اختارت أن تبتعد عن هوس الأرقام، لتسخّر شهرتها – التي تجاوزت 6 ملايين متابع على إنستغرام – في خدمة رسائل أعمق، من دعم المهمشين إلى إطلاق مبادرات خيرية ذات أثر ملموس. أبرز هذه المبادرات كانت حملة “قطعة دفا”، التي جمعت في نسختها الثانية أكثر من 200 ألف قطعة ملابس للعائلات المحتاجة في غزة والأردن، بالشراكة مع البنك الدولي للملابس.
بعد هذا الإنجاز الملحوظ، أجرينا مع رغدة كيومجيان هذا اللقاء السريع للحديث عن بداياتها، وتحولها نحو العمل الخيري، والدور الذي يجب أن يلعبه المؤثرون في صناعة التغيير.
كيف بدأتِ رحلتك في عالم التأثير؟ هل كانت خطوة مدروسة أم وليدة الصدفة؟
رغدة كيومجيان: أعتقد أنها كانت مزيجًا من الشغف والصدفة. بدأت بنشر محتوى بسيط ويومي يعكس واقعي، ومع مرور الوقت لاحظت أن هذه المساحة يمكن أن تكون أكثر من مجرد منصة ترفيهية. أدركت تدريجيًا أن لدي القدرة على إيصال رسائل مؤثرة وتحفيز التغيير.
هل تذكرين لحظة محددة شعرتِ فيها بأنك على الطريق الصحيح؟
رغدة كيومجيان: نعم، كانت عند إطلاق حملة “قطعة دفا” للمرة الأولى. رأيت الناس يتحركون، يشاركون، يتبرعون. لم يكن التفاعل مجرد تعليقات أو إعجابات، بل فعل حقيقي. حينها، شعرت أن هذه الرسالة تستحق أن أتابعها بجدية.
اليوم، تتبنين قضايا إنسانية على منصتك. هل كان ذلك جزءًا من رؤيتك منذ البداية؟
رغدة كيومجيان: منذ اليوم الأول، كنت أبحث عن محتوى يحمل قيمة. لم يكن هدفي الظهور فقط، بل بناء منصة تُحدث فرقًا. أؤمن أن المحتوى الهادف له قوة مضاعفة لأنه يجمع بين الإلهام والفعل.
ما الذي دفعكِ إلى التركيز على العمل الخيري والمناصرة؟ هل هناك تجربة شخصية ألهمتك؟
رغدة كيومجيان: الدافع الأساسي هو الشعور بالمسؤولية. حين تمتلك صوتًا مسموعًا، يصبح من واجبك أن تستخدمه في الخير. أكثر ما أثر بي كانت رسائل الشكر والامتنان من العائلات التي استفادت من “قطعة دفا” — لحظات لا تُنسى بكل معنى الكلمة.
برأيك، هل على المؤثرين دور يتجاوز الترويج لأنفسهم؟
رغدة كيومجيان: بالتأكيد. لدينا فرصة ذهبية لتسليط الضوء على قضايا لا تصل أحيانًا إلى الإعلام التقليدي. وسائل التواصل يمكن أن تكون أداة وعي، لا مجرد وسيلة للترندات.
كيف تختارين القضايا التي تركزين عليها؟
رغدة كيومجيان: أختار القضايا التي لها أثر مباشر على الناس — سواء كانت إغاثية أو تعليمية أو اجتماعية. أحب أن أرى نتائج ملموسة، وأن يشعر المتابع بأنه جزء من الحل. لهذا كانت “قطعة دفا” قريبة إلى قلبي.
ما الذي ألهمكِ لإطلاق حملة “قطعة دفا”؟ وكيف تطورت؟
رغدة كيومجيان: انطلقت الحملة من مشاهدتي لمعاناة الأسر في غزة والأردن خلال الشتاء. البداية كانت متواضعة، لكن بفضل دعم الناس، تطورت إلى مشروع ضخم. في كل نسخة، نزيد من التنظيم، الشفافية، ونوسّع دائرة التأثير.
هذا العام، جمعتم أكثر من 200 ألف قطعة. ما سر هذا النجاح؟
رغدة كيومجيان: الشفافية كانت العنصر الأساسي. الناس رأوا إلى أين تذهب التبرعات، شعروا أنهم جزء من الحملة. قوة السرد الإنساني والتفاعل الجماهيري لعبا دورًا كبيرًا في الوصول إلى هذا الرقم القياسي.
كنتِ حاضرة أثناء توزيع التبرعات. هل هناك لحظة لا تُنسى بالنسبة لك؟
رغدة كيومجيان: كثيرة هي اللحظات التي أثّرت بي، لكن أكثرها قوة كانت أثناء تعبئة الملابس، ورؤية المتطوعين يعملون بحماس. كان شعورًا جماعيًا رائعًا — تضافر حقيقي من أجل الخير.
قلتِ إن العطاء مسؤولية مستمرة. ما نصيحتك لمن يريد استخدام منصته لصنع التغيير؟
رغدة كيومجيان: ابدأوا بخطوة صغيرة، لكن بثبات. التغيير لا يأتي فجأة، بل عبر تراكم الجهود. كونوا صادقين، واشركوا جمهوركم في الرحلة. السوشيال ميديا ليست فقط للترفيه — إنها أداة جبارة لنشر الخير والإلهام.