Soukayna

سكينة تحارب بالكتابة وصمة العار المرتبطة بالأمراض العقلية

"إنها طريقتي في إغلاق فصلٍ صعبٍ وعسير"

Soukayna

“لقد كانت تلك طريقتي لإغلاق فصلٍ مظلم وكئيب”… تقول الكاتبة المغربية سُكينة التي نشأت في مونتريال والتي تبلغ من العمر 25 عاماً، في الحديث عن كتابها “ووردز”، وهو أول كتاب يُنشر لها مؤلف من مجموعة من النصوص. التي كتبتها في السنوات الخمس الماضية.

تم نشر الكتاب في أبريل 2018 (ستتوفر نسخة ثانية في سبتمبر) بعد انتهاء سكينة من معركتها التي استمرت 10 أعوام مع الصحة العقلية.

أدركت سكينة، منذ أن كانت طفلة، أن الكتابة كانت قوتها الكبرى الحياة، ووسيلتها للتعبير عن الذات. تتذكر سكينة الهجرة إلى كندا من الرباط وهي في الخامسة من عمرها بأنها “حدث صادم للغاية”. انتقلت هي ووالداها إلى مونتريال خلال فصل الشتاء وتحول “الحلم” الكندي إلى كابوس. “لقد أصيب والدي باكتئاب شديد وأصبح عنيفاً، وكان على أمي أن تعمل من أجلنا جميعاً والتعامل مع زوجها، مما يعني أنه لم يكن لدي أي شخص ألجأ إليه، إلا الكتابة”.

https://www.instagram.com/p/Bc5uFO-D_nI/

حتى في سنّها الصغير، مرت سكينة بأوقات مظلمة وإدمان لدرجة أنها اعتقدت أنها لن تنجو منهما. كما كانت تعاني باستمرار في صمت كونها مثليّة. لا يخفى على أحد أن المجتمعات العربية تميل إلى التجمّع مع بعضها البعض، لذا فإن الاعتراف بحقيقة النفس غالباً ما يشكل خوفاً كبيراً.

“جميع المواضيع في كتابي هي موضوعات واجهتها شخصياً، وإذا عدنا إلى فكرة: ما الذي سيفكر به الجيران؟، أستطيع القول أنني كنت خائفة مما ستفكر به والدتي وأسرتي ومجتمعي المغربي أيضاً. المجتمع سوف يفكر أيضا”.

في لحظات الألم والعزلة، كانت الكتابة دواءً وملجأ؛ وأصبحت “نوعاً من آلية التكيف”، على حد تعبيرها. على الرغم من أنها قدمت نسخة من كتابها إلى جدها، وتعلمت تدريجياً أن تكون حقيقية وواضحة مع الأشخاص الذين ساندوها دائماً، إلا أنها ما زالت تَحظُر معظم أفراد أسرتها على وسائل التواصل الاجتماعي منذ إطلاقها كتاب “ووردز” وذلك من أجل الحفاظ على صحتها النفسية والعقلية.

https://www.instagram.com/p/ByOgcFeHXl0/

بوحي من الكاتبة الجزائرية آسيا جبار، وجدت سكينة القدرة على محاربة وصمة العار حول تجربتها كامرأة عربية مع الصحة العقلية، من خلال اللغة الإنجليزية. وتقول: “علقت آسيا جبار حول شعورها بالتحرر عندما كانت تكتب بالفرنسية، لأنه على الرغم من أنها كانت لغة مضطهديها إلا أن انفصالها عن لغتها الأم سمح لها أن تشعر بالراحة أكثر مع المواضيع التي كانت تعتبر من المحرمات. لقد منحتني اللغة الإنجليزية إمكانية الوصول إلى عدد كبير من المراجع والتعاريف التي لم أشعر أنني أستطيع استخدامها نفس القسوة لو كنت أتحدث باللغة الفرنسية”.

لكن سكينة استغرقت وقتاً طويلاً لتجد صوتها في هذا المجال الذي يسيطر عليه الذكور والمتمركز حول الذكور. وتقول: “لطالما شعرت بالغيرة من قدرتهم الحديث بسهولة عن مثل هذه الموضوعات القبيحة ومع ذلك، يُنظر إليهم على أنهم عباقرة. أما أنا، فكنت أحاول دائماً الكتابة بشكل جميل، واستخدام الاستعارات ولمسات من الغموض.” والغريب بالأمر أنها تشكر زوجها السابق المسيء على مساعدتها في التغلب على العقبات الجنسية. “عندما اشتكيت له من قلة النساء في الأدب اللائي تحدثن عن مواضيع هامة وكبيرة بطريقة قبيحة وفجّة قال لي أن الأمر متروك لي كي أصبح تلك الكاتبة”.

بعد أن ساعدتها الكتابة على التعافي، تأمل في أن تشجع كتابتها الواقعية والحقيقية الناس على أن يكونوا أكثر صدقاً مع صحتهم العقلية وتعترف بأن القبح يمكن أن يكون جميلاً – وخاصة لأولئك الذين يعيشون في بلدان يصعب فيها الحديث عن تلك المواضيع. “إذا كان بإمكاني أن ألهم أي شخص وأقول له أن الأمور تتحسن، فلن أتردد في ذلك”.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة