بعض النظر عن أداء واكين فينيكس المذهل، إلا أن فيلم “جوكر” تقليدي بكل معنى الكلمة. ربما حاول المخرج تود فيليبس (مخرج سلسلة أفلام “ذا هانغ أوفر”) إبتكار نوع جديد من الأشرار، ولكنه فشل فشلاً ذريعاً لأنه اعتمد على المرض العقلي الذي تعاني منه شخصية آرثر فليك. تحذير: تنبيه حرق أحداث!
طريقته في معالجة الأمر كانت غير واضحة ومليئة بالأمور المتوقعة خاصةً وأن إطلاق الفيلم أتى في فترة مشحونة سياسياً واجتماعياً تملأها أخبار عن إطلاق النار الجماعي ونقاش عالمي حول صلة تلك الأفعال بالأمراض العقلية.
يلعب فينيكس دور آرثر فليك بشكلٍ رائع، فهو شخصية بائسة ومعذبة تحلم بشهرةٍ في عالم الكوميديا، ولكنه غير قادر على العثور على عمل آخر غير عمله كمهرج. يعيش آرثر مع أمه بيني في بناءٍ متداعٍ ويقع في غرام جارته.
في طفولته عانى آرثر من العنف وربما سبب له ذلك حالة عصبية تجبره على الضحك بطريقة لا يستطيع التحكم بها ولشرح حالته تلك يحمل معه بطاقة تعريف بالحالة يقدمها لكل شخصٍ يراه في نوبة الضحك تلك. كما أنه مهووس بمقدم البرامج موري (روبرت دنيرو) ويحلم معه أحلام اليقظة في شقته الكئيبة.
خلال الفيلم يتعرض آرثر للضرب عدة مرات ونراه يخربش على دفتره بعض النكات بالإضافة إلى أفكار عن مرضه العقلي (بكلمات مهجأة بطريقةٍ خاطئة). كل ذلك يؤدي في النهاية إلى ظهور “جوكر” الشرير الذي تتبعه الآن حركة جماهيرية ترفع شعار “اقتلوا الأثرياء” وترفض سلطة الطبقة العليا.
لدى اطلاقه، تعرض الفيلم للكثير من الجدل. بعض النقاد والمشاهدين قالوا أنه يمجّد العنف وهذه فكرة خطيرة نظراً لارتفاع عدد حالات إطلاق النار الجماعي في الولايات المتحدة.
وبرأينا أن الفكرة القائلة بأن الفيلم يمجّد العنف وسيطرة البيض صحيحة بعض الشيء. فالفيلم يضع “جوكر” في دوامة بين الأمور الأخلاقية ومرضه العقلي من جهة وبين العنف من جهة أخرى. ولكن برأيي أن الفيلم افتقر إلى كل التدرجات بين تلك الأمور. ولهذا السبب لا يعكس الفيلم صورة المجتمع بشكلٍ دقيق. بكل بساطة، آرثر فليك شخصية مكتوبة بكسل عن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض العقلية ولزيادة الأمر سوءاً، تمت إضافة السيجارة التقليدية التي لا تفارق فمه.
إن مرض فليك العقلي الغامض وغير المحدد يجعل الفيلم فاشلاً بالنسبة لي، وكان ليكون أفضل لو لم يعتمد فيليبس على الكليشيهات والأفكار التقليدية عن المرض العقلي لبناء تلك الشخصية. وفي نهاية الأمر أرى أنه يستغل تلك الفئة من الناس مما أوقعه وأوقع الفيلم في دوامة الجدل.