تعرف المرأة العربيّة أنّ الخروج إلى شوارع مدُنِنا المليئة بالاختلافات قد يحتاج أحياناً عقلاً دقيقاً من جهة وقادراً على فهم الموضة من جهة أخرى. صحيح أنّنا جميعاً نرغب بارتداء جزمة قماشيّة بساق عالية من ماركة Balenciaga مع كنزة نصف كمّ كبيرة الحجم بينما نجوب شوارع المدينة، ولكن الحقيقة أنّ علينا مواجهة بعض الوقائع! إنّ اختيارَ ملابسك، كامرأة في المنطقة العربيّة، لا يهدف غالباً لإبراز مظهرك الخاصّ بقدر ما يهدفُ لمناورة المتطلّبات الثقافية، وأحياناً القانونيّة لهذه المنطقة.
ولكن هناك موهبة لفعل ذلك.. نوعٌ من التوازن الموروث الذي يمكنك إيجادُه بين الانصياع للوضع الرّاهن وتجنّبه بمهارة، عن طريق ارتداء ما تريدين والإبقاء على بعضٍ من إطلالتك الخاصّة وهويّتك في الوقت نفسه.
من المعروف أنّ منطقة الخليج هي من أصعب الأماكن للتفكير بإطلالتك، خصوصاً مع وفرة الممنوعات والمسموحات غير المُفصَح عنها فيما يخصّ الملابس، وهو ما يجعل إيجاد اللباس المناسب أمراً صعباً. لذا، جمعنا لكم في MILLE مجموعة من النصائح التي تحتوي على بعض النصائح، آملين أن تساعدكم.
جدّة
العباءة الحرباء: نظراً لأنّ السعوديّة تطلب من مواطنيها أن يلبسوا بحسب ما تسمح به الشريعة الإسلاميّة، أصبح امتلاك عباية في خزانك ضرورة لا غنى عنها. إلّا أنّ العباية خلال العشرة سنوات الماضية بدأت تفكّر من تلقاء نفسها، فغيّرت لونها من الأسود إلى الأزرق الفاتح ثمّ إلى الألوان الفاتحة من تدرّجات الزهري والبيج. ثمّ لم تلبث النقوش أن ظهرت، وبدأ التطريز والأحجار الكريمة والشيفون والأربطة وكريستال Swarovski والتزيينات الحريريّة تغيّرُ شكل العباءة للأبد.
بالرّغم من أنّ العباءة هي الزيّ السائد للنساء في المملكة العربيّة السّعودية، إلا أنّ الأسود الحالك هو لون راقٍ دائماً، ونصيحتي لك هي أن تتلاعبي به قليلاً فيصبح أكثر جمالاً. أضيفي بعض اللون، اطبعي بعض الأشكال، ولا تكوني خائفة من ارتداء الأحزمة (فلدينا خصور كما تعلمين!).
الزيّ السرّي المخبّأ تحت العباءة: تعرفُ أيُّ امرأة عاشت في السعودية أنّ المعاناة الحقيقيّة تكمن في اختيار الزيّ الذي سترتدينه مع أنّك تعرفين أّنك الوحيدة التي سترينه في نهاية المطاف! هذا إذا لم تكوني ذاهبةً لتلبية دعوة عشاء في منزل إحدى صديقاتك طبعاً. التسوُّق في جدّة هو كالتسوّق من أجلكِ ومن أجل نفسك الثانية في الوقت نفسه! أنتِ ملكة ترتدي بنطالاً رياضيّاً وكنزة نصف كمّ عاديّة، ونفسك الثانية هي عبارة عن إعادة تشكيل لامرأة حازمة ترتدي تنّورة ضيّقة وبلوزة قصيرة. الشخصيّتان موجودتان، ولكن تحديد أيّ من المرأتين ستتولّى دفّة القيادة هو مرهونٌ بالمكان الذي تقصدينه!
الخزانة التي تعبرُ بكِ إلى نارنيا: إنّها رحلة إلى الأرض التي تحتوي على كلّ تلك الملابس التي اشتريتِها خلال تخفيضات مول العرب، والتي تتطلّعين لارتدائها بفارغ الصبر! أتكلّم عن الفساتين والتنانير والكنزات والأحذية ذات الكعب المرتفع، وإلى ما هنالك. إنّها ببساطة خزانة الأحلام وجنّة المتسوّقين! لدى كلّ فتاة في جدّة الكثير من تعابير وأفكار مثل “سأرتدي هذه عندما أسافر إلى كذا”! فنحن نعلم أنّ الأزياء هي لتغذية الرّوح وليس لكسب رضى الناس. ولذلك، بإمكانك طبعاً أن ترتدي ذلك الفستان الرائع منDior في غرفة نومك، ولكنّ إذا كنت ترغبين بالتباهي بذلك القميص الثمين الذي اشتريتِه من Topshop فلا تنسي أن تضعيه في حقيبتك لتعيشي مغامرة #girlboss دون قيود.
القاهرة
الأناقة في الشوارع وعند ركوب السيارة: القاهرة مدينة متناقضة عندما يتعلّقُ الأمرُ بالنساء والأزياء! إنّها مدينة تجدين فيها كلّ شيء.. امرأة مُحجّبة تقفُ بجانب فتاةٍ رياضيّة ترتدي سروال يوغا وكنزة قطع دون أكمام من ماركة Under Armour. لن تواجهي أيّ عقبات عند تنقّلك بسيّارة، ولكنّ التحرّش هو أمرٌ موجود في شوارع القاهرة مع الأسف، ولكن القاعدة العامّة في نهاية المطاف هي: “إلبسي ما يجعلك سعيدة”. المدينة آمنة بشكل عام ونابضة بكلّ صنوف الاختلافات، ولا أحد من الذين يسكنون هنا يمكنه نكران ذلك.
الثقة هي المفتاح: أعرف أنّ هذا قد يبدو مجرّد قولٍ شكليّ أجوَف، ولكنّني وجدتُ فعلاً أنّ أفضل طريقة للسير ضمن مدينة ذات هويّة تشبه تلك التي تملكها القاهرة عندما يتعلّقُ الأمر بزيّ الإناث؛ هو أن تكوني قويّة وواثقة بنفسك. قد تكونين الفتاة التي ترتدي زيّاً رياضيّاً بينما تقف في عربة “الإناث” في الميترو المزدحم بالنساء المحجّبات ساعة الذروة؛ أو المرأة الوحيدة المحجّبة بين صديقاتك في مطعم صغير في ليلة هادئة. جوهر هذه المدينة يمكن اختصاره بكلمة “مش حتفرق”، وهو جانب يعزّز قدرتك على الاختيار الحرّ.. هناك الكثير من الاختلاف حولك، وكلّ ما عليكِ فعله هو أن تكوني واثقة بنفسك بغضّ النظر عن الزيّ الذي تختارينه.
الموقع ثمّ الموقع ثمّ الموقع: تعتمد تسعون بالمئة من الأزياء في القاهرة على المكان الذي تنوين الذهاب إليه. تُعتبرُ الزمالك على سبيل المثال المُقاطعة الأكثر انفتاحاً، تليها المعادي ومن ثمّ داون تاون. تتميّز المناطق السّابقة بكونها تستضيف نسيجاً مختلفاً من المجتمعات. أمّا المناطق الرّيفيّة فهي تتطلّب بطبيعة الحال مقاربة أكثر تحفّظاً بخصوص الملابس، وذلك إشارة على احترام العادات الموجودة في ثقافة هذه المناطق الرّيفيّة مثل الفيّوم ودهب.
دبي
قومي بذلك: يعتبر الموقف تجاه الأزياء في دبي في هذه الأيّام موقفاً متغيّراً ومتقدّماً باستمرار. بوجود Sole DXB و Dubai Design District و DDFCو Fashion Forward Dubai كواحدةٍ من أهمّ معارض الأزياء القياديّة في المنطقة؛ تقود دبي موجة من التغيير، بما في ذلك تغيير الطريقة التي ينظر بها الناس في الشرق الأوسط للأزياء. إذا كنتِ فتاة شابّة في دبي، ارتدي ما يحلو لكِ تماماً واستمتعي باللحظة، فأنتِ تشهدين شيئاً عظيماً إبّان إقامتكِ في عاصمة الأزياء في الشرق الأوسط! كيف استطاعت دبي أن تكسب هذا اللقب؟ سؤال هام.. من خلال نشر أفكار تشجّعُ على قَبول الآخر وتشجيع الإبداع.. كانت دبي هي السبّاقة في المنطقة لجعل الشّابّات العربيّات يشعرنَ بالراحة التامّة وهنّ يلبسن ما يشأنَ.
الزيّ المحلّي: الموهبة شيء نادر في عالم اليوم المستنسخ، وفي الأزياء خصيصاً، سيزدهر المصمّمون إذا ساعدتموهم. ففي عصر التواصل الاجتماعي الإلكتروني، أصبح بإمكاننا جميعاً أن نؤثّربالآخرين، وهكذا: اشتري بضاعة محلّيّة، وادعمي الشباب المبدعين الذين يبزغون في مشهد الأزياء في الشرق الأوسط.
قدّري وشاركي: هنالك اعتقادٌ خاطئ مفادُهُ أنّ منطقتنا ليس فيها شيء يذكر، وأنّها تعاني للوصول إلى مفاهيم مثل أهمّية المساواة بين الجنسين! ولكن عندما يتعلّق الأمر بالموهبة، فإنّ باع دبي طويل في هذا الخصوص.. الأزياء هنا من عالم آخر، ومنافذ بيع الأعمال الإبداعيّة لا تكاد تُعَد! فإذا وجدتِ مُصمّماً جديداً لطيفاً يصنع القبّعات على سبيل المثال؛ اشتري قبّعة، والتقطي صورة وشاركيها، اكتبي مقالاً عنها واقترحيها على أصدقائك. عند قيامك بذلك من المحتمل جدّاً أن تساعدي شخصاً ما على بناء حياته المهنيّة! آمني بتأثير الدومينو.
صور ل @Ali Al Shehabi