يمتد تأثير سيمون فتال، إحدى أبرز الفنانات المعاصرات في المنطقة، إلى زمنٍ طويل. فقد ولدت فتال في سوريا ودرست الفلسفة في جامعة السوربون المرموقة في باريس خلال ذروة ثورة 68 للشباب.
وقد امتزج عملها منذ ذلك الحين بنهجٍ تجريبي وتقدمي للتشكيل، إلى جانب أسس أكثر فلسفية ومفاهيمية.
تلعب الأساطير دوراً رئيسياً في عملها، حيث تزخر بالقصص العربية الشعبية من جلجامش إلى حكاية “ذات الهمة” العربية الأقل شهرة. وبصرف النظر عن وضوحه في فنها، يمتد انجذاب فتال إلى رواية القصص العربية إلى أعمالها الإبداعية الأوسع نطاقاً، ويتضح ذلك من قيامها بتأسيس بوست أبولو بريس الشهيرة في سان فرانسيسكو، والتي تنشر الشعر والكتابة التجريبية والترجمة، بما في ذلك قصائد عدنان.
تتناول الفنانة هذه الحكايات بشكل غير تقليدي في نحتها من خلال رفض السرد ببساطة – فبدلاً من مجرد نحت مشاهدٍ من القصص، يحمل عمل فتال تلميحاتهم وإشاراتهم بخفة. ويظهر هذا من خلال ألوانها الترابية والمقاييس الصغيرة لمنحوتاتها، والتي تشير إلى دورها في سلسلة أكبر من اللوحات.
بصرف النظر عن العناصر الترابية ذات الجذور العميقة في أعمالها النحتية، فإن فتال تبقيها حقيقية. فكما علقت لموقع الفنون والثقافة “عندما تعملون بالسيراميك، فأنتم قريبون من الحياة وقريبون من الأرض”، كما تقول. “أنتم تلامسون الأرض الحية، ولذلك أنتم تلمسون وسيلةً بدائيةً وبسيطة للغاية – الوسيلة الأكثر بدائيةً التي يمكنم الحصول عليها. إنها طريقة غنية ومحفزة للغاية للعمل”.
على الرغم من أن العصور القديمة تُخبر عن (محور) أعمالها، إلا أن معرض فتّال الجديد المنفرد “ووركس آند دايز” في معرض بي أس 1 الشهير الذي ستقيمه “أم أو أم ايه” في مدينة نيويورك، يعد عملاً حديثاً ولا يمت للقِدم بصلة. يتكون المعرض إلى حد كبير من أعمالها الخزفية التي تم إنتاجها في العقد الماضي، باستثناء القليل من لوحاتها التي نجت من فترة السبعينات.
يُقام المعرض برعاية السورية – الأميركية ربا قطريب، التي تُظهر اتساع إبداع فتال من خلال تضمين أكثر من 250 عملاً في المعرض. ونظراً لأن عمل فتال وثيق الصلة بالصناعة في الوقت الحالي، فإن المعرض لا يتم تنظيمه بأثرٍ رجعي (فهو يتبنى ترتيباً زمنيًا) ولكن بإخراجٍ سينوغرافي. فعلى سبيل المثال، الغرفة الأولى هي الأصل أو المنشأ” في حين أن الغرفة الثانية تشبه القرية، والتي تظهر شخصيات فتّال بأحجامٍ صغيرة (بأحجام الماكيت) تشارك في الأنشطة اليومية.
يعمل هذا القرار أيضاً على عكس ما يتم توقعه عادة من الفنان العربي (أو القيم الفني الراعي)) في معرضٍ غربي، ورفض لعلم الآثار الشرق أوسطي الراكد والبحث في ماضيه.
يتفاعل عمل فتال مع الموقع الحالي لمعرضها، أي من خلال العلاقات الخارجية الأمريكية. ويتجلى ذلك في لوحتي الكولّاج (أي الفن التلصيقي) لعام 2016 المعروضتان بعنوان “لقد عثروا على أسلحة دمار شامل” و “الموت في عمّان” التي تُظهر صوراً لجثتي ابني صدام حسين: قصي وعدي بعد تشريحهما، المصنوعتين بمفهوم المصنوعات اليدوية القديمة وتمجيد التاريخ الحديث لفترة ما بعد الاستعمار.
معرض “ووركس آند دايز” لسيمون فتّال في “أم أو أم ايه بي أس 1” بنيويورك من 31 مارس حتى 2 سبتمبر