نحن نعيش في عصر تزدهر فيه حركات مثل #BlackLivesMatter و # Strike4Climateو #Metoo. وفي عالم الفن أيضاً، يتولى الفنانون ومحبو الفن مسؤولية تغيير الروايات السائدة في ذلك المجال. ومثال على ذلك: الفنان الفرنسي الجزائري نيل بيلوفا البالغ من العمر 34 عاماً، والذي يتحدى حصرية الفن من خلال معالجة قضايا الهوية والعولمة والسلطة.
يشتهر الفنان الذي يستخدم مواد مثل الزجاج الشبكي وألواح الخشب الرقيقة، بفيديوهاته الجذابة التي فيها من القوة ما يكفي لطرح الأفكار والنقاشات التي نحتاج إليها بشدة، بالإضافة إلى طرح التساؤلات حول السلطة والتقاليد بلا خجل.
يقول بيلوفا في إشارة إلى معرضه الذي أقامه عام 2018 في قصر طوكيو، والذي يمكن القول بأنه الأكثر تميزاً في مسيرته حتى الآن: “أنا فخور للغاية بمشروعي (عدو عدويThe Enemy of my Enemy ). حيث تطرق المعرض للطرق المختلفة التي تتم بها كتابة التاريخ وما هي السلطة التي تشرّعه. أشعر أنني ساهمت في توسيع رقعة مجالنا ولو على نحوٍ بسيط وهو برأي مجال صلب وقاسٍ ومغلق في معظم الأوقات”.
رغم أن بيلوفا يفضل الابتعاد عن التسميات، ولكن يمكن وصف عمله بأنه راديكالي. ويشرح قائلاً بأن الفن الذي يُعتبر “راقياً أو عالي الجودة” من قِبل نخبة أهل الصناعة والنقاد، عادة ما يكون غير تجارياً.
ومن المفارقات أن الأشخاص الذين لا يحتاجون إلى المساومة في عملهم هم عادة أولئك الذين لديهم الوسائل المالية لاتخاذ هذا الموقف. إذ يوضح “إنهم يتمتعون بامتياز الحفاظ على هويتهم الخاصة وعلى أن يتطوروا خارج النظام وأن يكونوا أحرار، وذلك لأنهم لا يعتمدون على الفن كمصدر للعيش. فأنا قد اتخذت قراراً بالمشاركة بدلاً من أن أكون “حراً”، طالما أنني قادر على تحقيق التوازن بين الإنتاج أو المشاركة”.
إن الحرية ليست فكرةً يُحب هذا الفنان الارتباط بها، ولكن من الواضح أن الاستقلال هو من أهم القضايا في حياته حيث يبذل قصارى جهده كي لا يتم تقييده بالقوالب المفروضة أثناء تقديم معارضه في جميع أنحاء العالم في متاحف الفن المرموقة مثل متحف K11 في شنغهاي و MoMA في نيويورك وSchinkel Pavillon في برلين وICA في لندن ومتحف Hammer في لوس أنجلوس.
ليست فيديوهاته وأعماله ومنحوتاته هي فقط التي تنتقد الأنظمة السياسية؛ بل مساحة عمله كذلك والطرق التي يعرض بها فنه الذي هو شكل من أشكال المقاومة أيضاً. فعلى سبيل المثال، تم تمويل فيلمه الروائي “Occidental” من عائدات مبيعاته، كما تم تصويره في الاستوديو الخاص به.
يُعتبر بيلوفا فنان نادر الوجود في هذه الصناعة بسبب محاولته الحفاظ على اكتفائه الذاتي. فهو شخص لديه ضمير ويأمل أن يكون عامل تغيير فعال.
طلبنا من بيلوفا مشاركتنا أهم خمس نصائح له حول كيفية الحفاظ على الاستقلال كفنان.
ضعوا تركيزكم على عملكم وليس على نشره
اعتبروا دائماً أن مصادقة مؤسسة ما هي وسيلة فقط، وهي خلاف أو تعارض ضروري ولكنها ليست معياراً للقيمة أبداً. إذ أن المؤسسات هي التي تحتاج إلى الفنانين كي تستمر وليس العكس. فهم سيختفون مع الوقت، ولكن الفن يبقى دائماً. أعتقد أنه من المفارقة أن المؤسسة والأكاديمية اللتان يمثلهما الفنانون ويدعمونهما هما شريكتان لنا أكثر من كونهما أعداؤنا، لأن هدفهما هو الحفاظ على نفسيهما.
لا تعملوا بطريقةٍ خطية ذات بعد واحد، كي لا تكونوا مستبدين أو سلطويين
لا تفكروا أبداً بأنكم قد “وصلتم”، لأننا هنا نعيد تقديم ما اعتقدنا أننا انتقدناه أصلاً؛ هذا يحصل عندما نفقد فنون التواصل. من المهم دائماً الحفاظ على حالة التوتر مع العالم وإعادة التقييم وإعادة التشغيل، والبقاء في حالة حركة. إذ أننا سنجد الأضواء الصغيرة ضمن حالة عدم الاستقرار هذه.
لا تبدأوا مشروعاً إذا كنتم تعرفون بالفعل ما الذي سيصبح عليه
إذا أمكنكم تلخيص شيء ما شفهياً، فقد لا يكون من الضروري إعداد عمل كامل عنه. فبالنسبة لي هذه هي أفضل طريقة للحفاظ على الاهتمام بما تفعلونه وتحمل المخاطرة للوصول إلى الفن.
اعتمدوا على مجتمعكم
تجنبوا النظم التنافسية. اعملوا مع الآخرين وقوموا بتحدي الأشياء بشكل جماعي وادعموا الآخرين عندما تستطيعون ذلك.
تجنبوا القيام بأشياء مثلما ينبغي القيام بها أو مثلما نصحكم الآخرون بأن تفعلوا
فنحن نبني المجتمع الذي نرغب به من خلال ممارسته. إذ يجب إعادة كتابة القواعد وإعادة التفكير في النماذج والقوالب، وخاصةً اليوم. فما نقوم به يعتمد أيضاً على كيفية قيامنا به. وهنا يكمن البعد العقائدي والسياسي لأي عمل.