لماذا نحن مهووسون بالرومانسية؟

رسالة حب أفلاطونية

في عمر السادسة والعشرين، كانت كل محادثة تقريباً مع والدتي تنتهي بتذكير “للتسوق”. ولكنها لم تكن تشير إلى عاداتي الإنفاقية المفرطة، بل تشير إلى الرجال. فبرأيها، أنا سأصل قريباً إلى تاريخ انتهاء الصلاحية الوهمي المحدد للمرأة العربية، وهي ترغب وبشدة أن أجد الحب.

 

شرحت لها بأنني قد أقمت العديد من العلاقات القوية والحميمة على مدار حياتي، وما أفزعها هو أن تلك العلاقات لم تكن مع شخص واحد، ولكنها لم تكن رومانسية كذلك، وهو ما يرضيها لأنه لا يزال يتماشى مع وجهات نظرها المناهضة لتعدد الأزواج. وأتفهم أن طريقة تفكيري المسايرة لهذا القرن قد تسبب القلق لوالدتي ذات التفكير التقليدي.

 

لكن حتى بين نظرائي، ليس هناك وصف دقيق لتدرجات الصداقة. فالحب والعلاقة الحصرية والانفصال هي مفاهيم يُنظر إليها على أنها خاصة بالعلاقات الرومانسية فقط، ومع ذلك فقد أحببت بعمق وتمّ التخلي عني بقسوة من قِبل أشخاص كانت علاقتي بهم أفلاطونية.

 

نحن نفكر في الحب والحميمية مع الذين نقوم بمواعدتهم فقط. حيثُ توجد الكثير من الأفلام التي تتحدث عن العديد من الألغاز والقلوب المحطمة والحب الرومانسي وأوجهه التي لا حصر لها، لكنني لم أشاهد فيلماً يتعمق في تعقيدات الصداقة.

 

كيف يمكن أن يكون هناك فيلمٌ واحدٌ، عندما نفتقر إلى المفردات والمصطلحات لوصف تلك العلاقة ببساطة؟ فكل شخصٍ لا نقوم بمواعدته هو مجرد صديق. شخص ما أخبرناه أسرارنا العميقة، وكذلك الشخص الذي قابلناه للتو الأسبوع الماضي. كيف يمكن لأيّ كان أن يصنع فيلماً عن الصداقة في حين أننا لا نستطيع حتى تحديد مؤهلات هذه العلاقة؟

 

لم يكن هذا سهواً. فنحن قد أعلنّا بأن الصداقةَ أقل شأناً من الرومانسية، وأغفلنا أهميتها وأهملناها في هذه حياتنا. ولكن على الرغم من حقيقة أننا اعتبرناها لا تستحق وصفاً خاصاً بها، إلا أن فروقاتها الدقيقة ما زالت قائمة.

 

فالحب، بغض النظر عن تعريفك له، لا يقتصر على العلاقات الرومانسية ولا على الإعجاب أو الغيرة. في الواقع، لا يوجد مفهومٌ يرتبط بالعلاقات الإنسانية خالٍ من مفهوم الرومانسية. حيثُ يمكن أن نكون في حالة حبٍّ عميقٍ مع صديق أو ربما نكنّ مشاعر تجاهه. أنا أؤمن وبشدة بوجود إعجابٍ أو حبٍ أفلاطوني. إذ يمكن للصداقات أن تتلاشى وتموت من تلقاء نفسها، ويمكن أيضاً أن تنتهي من خلال الهجر والاختفاء أو حالات الانفصال التي تحطم القلب والتي تتطلب الكثير من الجهد العاطفي لتجاوزها مثلها مثل الطلاق.

 

يمكن للأصدقاء أن يكونوا متملكين ومسيئين أيضاً، وهذا هو السبب الذي دفعني إلى الدفاع ضد المخاطر التي تسببها القيود التي وضعناها على العلاقات الأفلاطونية.

 

يأتي تقدير الصداقة الحميمية الأفلاطونية وتكريمها مع الاعتراف بسلبيات هذه العلاقة. فالأصدقاء يشعرون بالغيرة والتملك والسيطرة والإضطهاد تماماً كما يمكن أن يفعل الشركاء الرومانسيون. لكن ربما يكون ذلك بسبب إهمالنا لفهم تعقيدات الصداقات والحب الأفلاطوني، وهذا يعني أننا نتجاهل المخاطر التي تأتي معها.

 

Illustration courtesy of Nouri Flayhan

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة