لماذا نحن مهووسون جداً بعلم التنجيم؟

لقد أصبح النظر إلى النجوم أهم ممارسات حب الذات

على الرغم من أن علم التنجيم هو تقليد قديم يعود إلى ما يزيد عن 2500 عام، إلا أنه خلال السنتين الماضيتين تحولت صيحة قراءة الكون من كونها تقليداً خاصاً بالهيبيين من العصر الجديد، إلى وسيلةٍ للراحة لجيل الألفية

يكاد لا يمر يوماً دون رؤية ميمات الأبراج المنتشرة على حسابي على الإنستاغرام. وعلى الرغم من أنني اعتدت على السخرية من الأشخاص الذين يقومون بقرأة أبراجهم كل يوم، إلا أنني قد أصبحت الآن شخصاً يتخذ القرارات بناءً على تراجع كوكب عطارد، كما أنني أتحقق من توافق الصداقة على  Co-Star تطبيق

Spotify الشهير حالياً حتى أنه لديّ قائمة على

(لشاني نيكولاس (وهي أحد شهيرات الإنترنت التي تتحدى الرأسمالية والذكورية من خلال علم التنجيم

قد يبدو كل هذا كعلاجٍ آخر للملل، ولكن الاهتمام المتزايد (والحقيقي) في علم التنجيم بين أبناء جيلي ليس أمراً سخيفاً دوماً- إنه في الحقيقة يقول الكثير عن مدى شغفنا بالاستقرار والسلامة في عالمٍ صعبٍ ومتقلب

Vogue, Cosmopolitan,Refinery 29 تقوم مجلاتٍ مثلو

Broadly بشكلٍ منتظم بمشاركة النصائح حول كيفية القيام بأي شيء وفقاً لبرجك الخاص، كما عقدت النائبة عن القناة النسوية

مؤخراً مؤتمراً حول علم التنجيم. إلا أن المجلات النسائية ليست هي الوحيدة التي تسير وراء هذه الصيحة، فكذلك صناعة الأزياء مهووسة بها بنفس القدر. i-D إذ تحظى سوزان ميلر، المنجمة المفضلة في عالم الموضة وفقاً لشرك

بأكثر من 6 ملايين زيارة على موقعها على الإنترنت كل شهر، كما كانت هناك رموز فلكية واضحة بخصوص عروض الأزياء أيضاً، وعلى الأخص في Marine Serre عرض أزياء

لخريف 2019 والذي كان موضوعه عن الأبراج

فلماذا قررنا الوقوع في غرام علم التنجيم مجدداً؟ بكل بساطة، نحن نعيش في عالمٍ جعلت فيه الليبرالية والرأسمالية حياتنا مربكة ومتوترة، ومستقبلنا متقلب. لقد ولدت بعد سنوات قليلة فقط من سقوط جدار برلين في وقت أطلق عليه الإقتصادي الأمريكي فرانسيس فوكوياما إسم “نهاية التاريخ”. إذ قيل إن زوال الاتحاد السوفيتي أعلن انتصار الديمقراطية الليبرالية المستوحاة من الولايات المتحدة على العالم وبالتالي فإن الإيديولوجيات قد ماتت. ولكن بعد مرور 30 عاماً، أصبح من الواضح تماماً بأنها لم تنتهي على الإطلاق

لقد كنت قد بلغت الثامنة عشر من العمر عندما بدأ الربيع العربي وشهدتُ كيف أن الناس لم يحصلوا على حقوقهم، رغم نضالهم بحماس من أجلها. وعلى مدار العامين الماضيين، صوتت المملكة المتحدة لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتم انتخاب دونالد ترامب المحافظ للغاية رئيساً لأقوى دولة في العالم

لذلك ربما يكون السبب في ذلك أننا نشعر بالإحباط والغضب والرغبة بالتغيير، لكننا أصبحنا خائبي الأمل نبحث بلا حول عن المعنى الوجودي في مجتمع عدمي تم اختصار المواطنين فيه إلى مجرد مستهلكين

في مثل هذه الأوقات، عادةً ما نرى أشخاصاً يبحثون عن الإيمان داخل الدين، لكن جيل الألفية وجيل Z (الذي يلي جيل الألفية) ليسوا كذلك. فوفقاً لإحدى الدراسات، فإن 35 في المائة من الشباب في أمريكا ادعوا أنهم لا ينتمون إلى أي دين في عام 2005، في حين أن “المتدينين” كانوا يمثلون 16 في المائة فقط من السكان قبل عشر سنوات. ومع وجود جيل كامل يتبنى وجهات نظر غير متطابقة حول الهوية والجنس، أصبح من الصعب في كثيرٍ من الأحيان الالتزام بتعريف محدد وقديم للدين لا يشمل اختلافاتنا الفردية. بطبيعة الحال، عندما يتجاهلك دينك ويدينك بسبب من أنت، فإن الإيمان به قد يصبح مؤذياً ويمكن أن يؤدي إلى صدمة. فبينما يكافح الشباب (والأصوات المهمشة على وجه الخصوص) لإيجاد مكانهم في المجتمع ولإيجاد إيمان يقبلهم تماماً، يلجأ الكثيرون إلى علم التنجيم

ظهر علم التنجيم كوسيلةٍ للشفاء حيث لا يتم الحكم على الناس ويتم الترحيب بأي شخص. وهو مستوحى من أساليب تكسير القيود لشاني نيكولاس – التي تملك 227 ألف متابعاً على الإنستاغرام – يعتمد عدد متزايد من علماء الفلك على اتباع نهج جذري في قبول الذات والعناية بالنفس وحب الذات خارج المعايير الإجتماعية القائمة والبناءة. وبينما يكافح الكثير منا لإيجاد مكانه في المجتمع، يبدو أن النظام الشمسي يقدم يد العون في ذلك

Illustration by Nourie Flayhan

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة