شأنه شأن معظم الأشخاص الذين لديهم جنسيات متعددة، عانى المصمم عبد الطيب المولود في السودان والذي نشأ في فرنسا من أزمات الهوية، إلا أنّه حرص على إعادة تعريف معنى الوطن من خلال مجموعته الأخيرة.
يقول: “تتناول هذه المجموعة قضية الافتقار إلى الهوية الذي يمكن أن يشعر به الأشخاص المنحدرون من أصل أفريقي خلال حياتهم في المجتمعات الأوروبية”. “إنها تسمى المجموعة ’My Nation Bears Your Name‘ وهي حصيلة ثماني سنوات من دراسة الحوار بين السودان وأوروبا”.
أثناء دراسته لتصميم المنسوجات في المدرسة الوطنية العليا للفنون التطبيقية “Olivier de Serres” في باريس، اكتشف الطيب حبه للمنسوجات والحرف اليدوية، لقد برع في كل شيء من الحياكة والنسيج إلى تقنية الشيبوري للصباغة اليدوية، إلا أنّ هذا لم يكن هذا كافياً، فقد كان يسعى لاستثمار تصاميم النسيج في سرد قصص معينة، الأمر الذي دفعه لدراسة الموضة في مدرسة الفنون /La Cambre Mode/s في بروكسل.
كما تعاون فيما بعد مع Margiela و Ann Demeulemeester وقريبا Bottega Veneta، وهذه ليست سوى البداية. لقد عزم الطيب على جلب تراثه السوداني إلى صناعة الموضة، وإذا كان لفوزه بجائزة 254 Forest في عام 2020 أي دلالة، فهي أنّه يسير في الطريق الصحيح. ناهيك عن ترشحه لجائزة Franca Sozzani للمواهب الصاعدة في Fashion Trust Arabia 2021.
ويوضح قائلاً: “تتيح لي الموضة فرصة معالجة قضايا مثل الهوية الثقافية ومعنى الوطن في عالم العولمة ودور أصحاب البشرة السوداء في أوروبا، كل ذلك من خلال دمج التراث العربي الأفريقي والحرف اليدوية مع الموضة الغربية”.
بين العطلة الصيفية التي كان يقضيها في السودان والاستماع إلى المغنين الكلاسيكيين مثل محمد وردي وأم كلثوم ظل الطيب وفياً لهويته العربية الأفريقية على الرغم من نشأته في بوردو في فرنسا. وبطبيعة الحال، ظهر تراثه السوداني في إبداعاته المستوحاة من ذكريات طفولته وحكايات عائلته.
يقول الطيب مستذكراً “أتذكر دهشتي من حفلات الزفاف في السودان، حيث كان يسمح لي كطفل بالمساعدة في كل خطوة، بما في ذلك احتفالات النساء. كانت النساء يستعددن من خلال تعطير ملابسهن بالبخور وتزيين أيديهن وأقدامهن بالحناء”.
لقد كانت الألوان الغنية والأقمشة والذهب وملامح الفرح والبهجة في احتفالات الرقص مصدر إلهام كبير، حيث يقول “والدتي هي مصدر إلهامي الأول، لطالما أدهشني إحساسها بالألوان وذوقها في اختيار قماش ثوبها!”.
تظهر مجموعة التخرج “My Nation Bears Your Name” عارضات يلوحن بالعلم السوداني، وهي لحظة تذكرنا بحفلات افتتاح الألعاب الأولمبية. شأنه شأن المشاهير أمثال عز الدين عليّة وThierry Mugler، يحب الطيب التلاعب بالتفاصيل المتميّزة والأشكال المنحوتة. قام المصمم بالاحتفاء بالسلال المصنوعة من أوراق النخيل التقليدية من موطنه من خلال ابتكار “نموذج أصلي” مستوحى من شكل السلال.
ويشرح قائلاً: “لقد ألهمني تمثال Spoon Woman للفنان Alberto Giacometti، لذا فإن الجانب النحتي حاضر مع فكرة الخصوبة لدولة أم تنقل ثقافتها إلى طفلها”.
إلى جانب استخدام الأقمشة الطبيعية مثل صوف الجبردين واللودن البحري والبوبلين القطني، قام الطيب بدمج تقنيات صناعة السلال (المحبوكة من أوراق النخيل الجافة التي تعلمها مع ابن عم جدته في السودان) مع التطريز والزخرفات التي ميّزت كل قطع المجموعة.
ثم أضاف “هذه التقنية هي خبرة حقيقية وكنز الأجداد من السودان، إلا أنّ هيمنة العولمة في البلاد قد ساهم في طمس المهن الحرفية والتقليدية، مما حال دون انتقال التقنيات بين الأجيال وتعرضها للضياع “.
الاعتمادات:
الإخراج الفني: Pierre Daras و Gretar Gunnlaugsson لـ254forest Studio
الموديلات: Sokhna و Lynca من وكالة IMMBXL