“من أنتَ في خضمّ كل هذه الأحداث؟”… هذا هو السؤال الذي أجاب عنه الفنان السعودي محمد حمّاد 36 عاماً في فيلمه التجريبي #INFINITESINCE83 الذي أنتجه معرض أثر في جدّة.
انتقل حمّاد المولود في السعودية إلى نيويورك مع والديه عندما كان حديث الولادة. ثم انتقل إلى لندن وباريس حيث كان والدع يعمل لدى خطوط الطيران السعودية. وهنا، قرر هذا الفنان المستقبلي الاعتماد على نفسه وقضاء سنوات العشرين من حياته في السفر حول العالم.
يعتبر هذا الفيلم تجربةً شخصية حميمية عن معنى أن تنشأ بين ثقافاتٍ متعددة وأن تحمل هويات مختلفة. عادةً ما يتم تدريب الشباب السعوديين على التعبير عن شخصياتهم بصمت. من خلال الدمج بين صورٍ عائلية أرشيفية وصورٍ من أسفاره المتعددة ومحادثات هاتفية مسجلة مع والدته، يقدم فيلم #INFINITESINCE83 صوراً رقيقة وواقعية عن المجتمع السعودي ولمحةً عن نشأة حمّاد ودخوله سن النضج.
مثله مثل معظم الشباب العرب الذين يرفضون (ويفشلون) الانتماء إلى صورٍ نمطية محددة مسبقاً في قلب مجتمعاتٍ محافظة، يجد حمّاد صعوبةً في استكشاف هويته وغالباً ما تتحول تلك المحاولة إلى تفاوض مع النفس. لدى نشأته، فشل حمّاد في تحمّل الضغط الاجتماعي المتعلق بالحصول على شهادةٍ جامعية “جيدة” والسير على خطى والده. كونه ينتمي إلى مجتمعٍ يحدد فيه الدين والثقافة والعائلة جميع نواحي الحياة، حافظ حمّاد على بذور تلك النشأة السعودية في حنايا شخصيته، لكنه في ذات الوقت، وجد نفسه يشكك في بعض المعتقدات والقيم التي نشأ عليها.
وهذا بالتحديد ما يعبر عنه عمله. فهو يستكشف الجوانب المعقدة والمتداخلة لشخصيته خلال سنوات نضوجه من خلال الفن. من خلال أسلوبه الخاص والمميز في التوثيق، يقدم حمّاد نظرة قريبة وغير مسبوقة عن حياة جيل الألفية السعودي المتعددة الأوجه، ويعتبر عمله أشبه بمفكّرة بصرية يسمح للناس باستراق نظرةٍ إليها. وعن هذا يقول “أعتقد أنني خلقت تعمّداً مساحةً جديدةً لنفسي تتيح لي استكشاف العالم الذي أنتمي إليه بطريقةٍ فكرية وفلسفية.”
اليوم، يشعر حمّاد بالمزيد من الطمأنينة والهدوء تجاه عائلته وبلده الأم. وهو اليوم يشعر بالفخر لكونه سعودي وانتقل مؤخراً للعيش في المملكة.
ويضيف: “أتمنى أن يقابل السعوديون الناس على مختلف خلفياتهم الاجتماعية والثقافية بعقلٍ أكثر انفتاحاً وأن يدركوا كم بإمكاننا الاستفادة من بعضنا البعض من خلال تبادل الثقافات والأفكار.”
يحاول حمّاد تغيير الصورة النمطية عن الشباب السعودي وكيف أنهم محددون في قالبٍ ضيقٍ من الأفكار والمعتقدات، وذلك من خلال تشجيع السعوديين على الانخراط مع الآخرين والتواصل مع وعيهم الداخلي بشكلٍ أكثر إيجابية، دون التفريط بجذورهم وأصولهم.
ويختتم حمّاد قائلاً: “أعتقد أنني أفتقد التواصل مع جذوري وبناء أساسٍ وشبكة علاقات متينة لي في مكانٍ أستطيع أن أعيش فيه وأصبح جزءاً منه. من الهام خدمة المجتمع الذي تنتمي إليه بطريقةٍ إيجابية والمساهمة في خبراتك وما تعلمته عبر السنوات لكي تساهم في نمو المجتمع ككل.” والآن بعد عودته إلى بلده، حمّاد مستعد لاستعادة حريته والاستعانة بالفن لإحداث تغيير!
شاهدوا فيلمه على هذا الرابط.