متى كانت آخر مرة رأيت فيها صورة حرّكت شيئًا عميقًا داخلك — ليس فقط بجمالها، بل بما تحمله من تمرّد؟ “زلزال”، كتاب الصور الأول للمصور المغربي-الفرنسي ياسين طه، المقيم في دبي، هو تلك الصدمة البصرية. يقول طه في حديثه إلى مجلة MILLE: “زلزال تعني الزلزال بالعربية. اخترت هذا الاسم لأنني أردت شيئًا يشعر بالاضطراب واللا فلترة”. ويضيف: “الموضوع ليس مجرد فوضى، بل حركة، وانقطاع، وطاقة”. وهذا تمامًا ما يجسّده هذا الكتاب: هزّة ثقافية من 130 صفحة، ارتدادية قادمة من الهامش لا تنتظر إذنًا من أحد.
انسَ مشاريع “التمثيل” المصقولة أو سرديات الشتات المُعدّة بعناية لنظرة الغرب. “زلزال” هو انفجار بصري مدروس، يعيد الميكروفون إلى من تم تجاهلهم طويلًا. ومن المقرر إطلاقه هذا الشهر ضمن فعاليات مهرجان BRED في أبو ظبي، الممتد من 23 إلى 27 أبريل. هذا الإصدار النصف سنوي لا يسعى إلى نيل الإعجاب، بل إلى إثارة الوعي.
لطالما تنقّل طه بين عوالم إبداعية متعددة — من جلسات التصوير في باريس إلى مشاريع فنية في المغرب والشرق الأوسط. لكن الإحباط ظلّ ثابتًا: الإعلام العربي السائد بدا مفرطًا في الحذر، بينما اختزلت النظرة الغربية الهوية العربية في قوالب نمطية. فقرر أن يبني فضاءه الخاص. “كنت بحاجة إلى مساحة تحتمل خشونة ما نحن عليه وجماله في آنٍ واحد. مساحة لا تتوسّل القبول، بل تصنع مسارها الخاص”، يقول طه.
و”زلزال” هو تلك المساحة.
تضم قائمة المساهمين أسماء بارزة من المشهد البصري البديل: زينب كوتن من المغرب، تانيا طرابلسي من لبنان، عمر شعاع من الأردن، رحيم ربيعة من الجزائر، و Gibsterg من الإمارات، وغيرهم. بعضهم أصدقاء، وآخرون اكتشافات عبر الإنترنت، يجمعهم كلهم ذلك الإلحاح الإبداعي. الشرط الوحيد؟ “إذا كان عملك صادقًا، وملحًّا، وخارجًا قليلًا عن المألوف، فمكانه هنا”، يقول طه.
وحقًا، الأعمال خارجة عن المألوف — بأفضل معنى للكلمة. صفحة تبرز جلسة أزياء في حي برباس الباريسي، وأخرى لصبي وجدته في مدينة العين. هناك صورة لطقس بوجلود في المغرب، حيث يتجاور رأس الماعز مع حقيبة أطفال بلاستيكية، في مزيج يُشبه عالمنا تمامًا: لا شيء فيه واضح أو وحيد المعنى. في صورة أخرى، طائرة مهجورة تستعيدها الطبيعة شيئًا فشيئًا، تصبح مجازًا للمنفى، والعودة، والذاكرة. لا تسميات جاهزة، ولا رموز تُشرح لك. فقط صور تنبض بالتناقض والثقافة والرفض للاختزال.
تكمن جمالية “زلزال” في تناقضاته. يقول طه: “استعادة الهوية لا تتعلّق بتسويقها، بل بعيشها دون اعتذار، حتى عندما لا تتماشى مع نظرة الغرب أو مع الذوق المصقول للإعلام العربي”. هذا التوتّر حاضر في كل لقطة — الإيمان جنبًا إلى جنب مع التمرّد، الحنين وسط الفوضى. والأهم من ذلك، لا شيء يبدو مفلترًا أو مخففًا. “رؤية فنانين مختلفين يتحدثون لغة بصرية مشتركة دون أن يُطلب منهم تليين هويتهم” — هو، بالنسبة لطه، أحد أكثر عناصر المشروع إرضاءً.
الكتاب صُمم بالتعاون مع صديقه المقرّب ومصمم الغرافيك داوود طبيب زاده، بتصميم يمنح الصور مساحتها الخاصة دون فرض أي شكل تقليدي. “الكتاب يمنح العمل تنفسًا بصريًا حقيقيًا — بلا حشو، بلا بهرجة”، كما يصفه طه.
فما هي الرسالة بعد الصور؟ لا يريد طه أن تخرج من الكتاب مُلهَماً فقط — بل أن تهتز داخليًا. “آمل أن يرى القرّاء العرب أنفسهم في هذا العمل كما لم يفعلوا من قبل: معقّدين، متناقضين، وأقوياء. أما غير العرب، فأتمنى أن يزعزع زلزال افتراضاتهم. هذا ليس مشروع تمثيل. ليس موجودًا ليمنحك راحة. بل ليهزّ الأرض تحتك، كما يفعل الزلزال الحقيقي”.
الكتاب متاح الآن للطلب المسبق عبر zelzal.carrd.co، مع إمكانية الشحن إلى جميع أنحاء العالم. وإذا كنت متشوّقًا لإلقاء نظرة داخلية، فقد منحنا طه خمس صور حصرية — مرفقة بقصصها:
“أحببت هذه الصورة لأنني وتيليلا كنا نتحدث منذ أكثر من خمس سنوات قبل أن نلتقي أخيرًا. وعندما التقينا، كان التوقيت مثاليًا. كان التواصل فوريًا، كله طاقة وتدفّق إبداعي. إنها تمامًا نوع العارضات اللواتي أحب العمل معهن: حاضرة بالكامل، مندمجة في العملية الإبداعية، وتحمل رؤيتها الخاصة.”
تصوير: ياسين طه
“اخترت هذه الصورة لأننا صنعناها كفريق، مع العائلة الجديدة التي كوّنتها في دبي. هناك قوة في خلق عمل بهذه الخصوصية في مدينة لا تزال جديدة عليّ. كل شخص أضفى طاقته الخاصة، وهذا واضح في النتيجة. الصورة بسيطة وهادئة، لكنها مليئة بالمعنى — تمامًا كأفضل أنواع أزياء الشارع.”
تصوير: موز
“هذه الصورة تلتقط مشهدًا من طقس بوجلود في المغرب. أحب التناقض فيها: حقيبة أطفال بلاستيكية ورأس ماعز. المزج بين الطفولة والوحشية، بين اللعب والاضطراب — هو تمامًا ما يشبه عالمنا. لا شيء فيه واضح أو مطلق. وهذا التوتّر، هذا التضاد، هو ما أريد إبرازه في ‘زلزال’.”
تصوير: عبد الرحمن عجة
“تعكس هذه الصورة الطاقة الإبداعية القادمة من أماكن لا يلتفت إليها العالم عادة. تذكير بأن أعذب الثقافات وأكثرها أصالة تولد في الهامش. مزيج الوجوه، الأساليب، والحركة — هناك فوضى منظمة وإيقاع لا يمكن اصطناعه. هذه صورة تنبض بالحياة، بطاقة لا مثيل لها.”
تصوير: حمزة رشدي
“أحب كيف تستعيد الطبيعة ما هو لها دائمًا. هذه الصورة تحمل رمزية كبيرة — الطائرة وسيلة للهرب، وأحيانًا وسيلة للعودة. تتحدث عن المنفى، والحنين، وكل ما بينهما. كونها مهجورة وتستعيدها الأرض تدريجيًا، يقول الكثير عن الزمن، وتلاشي الذاكرة، لكن أيضًا عن أن الأرض لا تنسى.”
تصوير: روساريو ناندجوي
اقرؤوا أيضا
دليل أفضل مسلسلات يابانية يمكنك مشاهدتها اون لاين، أبرزها على نتفلكس
مسلسلات نور الغندور: قائمة بأبرز أعمال النجمة المصرية
مسلسلات صينية: أفضل مسلسل صيني تاريخي ورومانسي ودرامي
اسماء اميرات ديزني: القائمة الكاملة بالصور والمعلومات