يستضيف بينالي الفنون الإسلامية 2025، الذي يقام حاليًا في جدة، أعمالًا مذهلة لمجموعة من الفنانات العربيات المبدعات من مختلف أنحاء العالم العربي. تقف هؤلاء الفنانات الرائدات في طليعة حركة فنية متجددة، تعيد تعريف الفن الإسلامي من خلال المزج بين الابتكار والتقاليد بأسلوب تحولي عميق يثير الفكر. تستكشف أعمالهن، المعروضة حتى 25 مايو 2025، موضوعات الهوية، والتراث، والروحانية، مقدمةً تأملات عميقة حول تعقيدات التجربة الإنسانية. تعكس كل قطعة الإبداع، والمرونة، وعمق التعبير الفني، مما يجعل هذه اللحظة فارقة ليس فقط في مسيراتهن الشخصية ولكن أيضًا في تطور الفن الإسلامي ككل.
فيما يلي نسلط الضوء على هؤلاء الفنانات الرائدات، اللواتي يدفعن حدود التعبير الفني إلى آفاق جديدة في النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية. من العطور المعبرة إلى المنحوتات المبهرة، تتحدى أعمال الفنانات العربيات الجمهور للتفاعل مع الفن الإسلامي بطرق غير متوقعة، مما يساهم في إعادة صياغة السردية التقليدية لهذا الفن على الساحة العالمية.
“بوابات ناعمة” – حياة أسامة
تنتمي الفنانة السعودية حياة أسامة إلى أحد الأحياء النابضة بالحياة في الرياض، حيث لعبت الأقمشة دورًا محوريًا في الحياة اليومية، مستخدمةً لإضفاء الدفء على المساحات القاسية والاحتفاء بالمناسبات الاجتماعية. في عملها الفني “بوابات ناعمة”، تعيد أسامة تدوير قطع قماشية مستمدة من احتفالات محلية، وتحولها إلى ممر نابض بالألوان.
تقول أسامة عن عملها:
“كان الهدف هو نقل إحساس بالترابط الإنساني المشترك من خلال اللون، ومن خلال مادة حيوية بالنسبة لنا، وهي القماش. مخيطة بين طياته، تكمن ذكريات ملموسة للتواصل الإنساني.”
“أتمنى لك الجنة” – فاطمة عبدالهادي
Voir cette publication sur Instagram
Une publication partagée par Fatma abdulhadi (@fatmaabdulhadi_)
تتمحور التركيبة الفنية العميقة للفنانة السعودية فاطمة عبدالهادي حول الرمزية الروحانية لنبتة الريحان، التي ترتبط في التقاليد الإسلامية بالاحتفالات والمآتم على حد سواء. استوحت عبدالهادي عملها من قول والدتها: “رائحة الريحان هي عطر الجنة.”
في هذا العمل، تخلق الفنانة بيئة حسية غامرة، حيث يتفاعل عبق الريحان وظلاله ليحركا تأملات عميقة حول الحزن والذاكرة.
“بصريات شمس صاعدة” – تمارا كالو
في عملها “بصريات شمس صاعدة”، تعيد الفنانة اللبنانية تمارا كالو تخيل كاميرا الحجرة المظلمة التي طورها العالم المسلم ابن الهيثم، من خلال منحوتة نحاسية معاصرة.
يدعو هذا العمل الزوار إلى رؤية العالم من خلال إسقاط مقلوب، مستوحى من آيات قرآنية وحرفية العصر العباسي. عبر تحدي التصورات التقليدية عن الماضي والمستقبل، والشرق والغرب، تقدم كالو تجربة تأملية تمحو الخطوط الفاصلة بين الزمن والمكان.
“بتلات ثقيلة ح د د” – راية قسيسية
تمزج الفنانة الأردنية راية قسيسية في عملها بتلات ثقيلة بين الفولاذ والزخارف النباتية المستوحاة من أرشيف جدتها الراحلة، مقدمةً تأملًا بصريًا حول الحزن، والمرونة، والذاكرة. تمثل الورود الذابلة المصنوعة من الحديد تناقضًا بين صلابة المادة ورهافة الشعور، ما يرمز إلى الخسارة العابرة والقوة المتوارثة عبر الأجيال. كما يعكس العنوان ثنائية المعنى بين مفهوم الحداد والصلابة، مما يبرز استكشاف العمل لمفاهيم الفقدان والصمود.
هذه الحديقة النحتية ليست مجرد إحياء للماضي، بل هي دعوة للتأمل في الارتباط العميق بين التراث والهوية.
نافورة الوسائط – أنهار سالم
في نافورة الوسائط، تستكشف الفنانة أنهار سالم، ذات الأصول اليمنية-الإندونيسية، التداخل بين الإعلام الرقمي والثقافة البصرية الإسلامية. يعتمد العمل على إسقاطات رقمية تُنتج باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يتم تحويل مقاطع الفيديو العشوائية إلى إيقاع بصري موحد يتدفق كالماء على أيدي الزوار. تنتشر حول النافورة بلاطات فسيفسائية مزينة بصور رقمية مأخوذة من مجتمعات الإنترنت في مختلف البلدان، مما يعكس التحولات المعاصرة في تمثيل الهوية والرموز البصرية. من خلال المزج بين التكنولوجيا والتقاليد، تعيد سالم تصور مفهوم الطهارة والعبادة، متسائلةً عن أثر المنصات الرقمية في إعادة تشكيل الطقوس الدينية والوعي الجماعي في عصر التواصل المستمر.
هديتي لك حديقة – بشائر هوساوي
استوحت الفنانة السعودية بشائر هوساوي عملها هديتي لك حديقة من التقاليد العائلية في استضافة الحجاج، مقدمةً رؤية بصرية حول أفعال العطاء والتنقية الروحية.
يضم العمل مئات المكانس مرتبة في أنماط إيقاعية تحاكي حركات الكنس الطقسية التي شهدتها هوساوي في طفولتها، ما يعكس الأبعاد المادية والروحية للتطهير، مقدّمًا تحية صادقة لإرث عائلتها، ومجسدًا دورات التجدد والشفاء.
اقرأ أيضا: تعرفوا على الفنانات العربيات الناشئات في المنطقة من خلال قائمة الموسيقى هذه