في السنوات الأخيرة، ظهرت موجة من الدراما بقيادة نسائية تتناول قضايا النساء، مسلطة الضوء على مواضيع مثل الطلاق، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وحقوق الإرث، والاستقلال المالي. أعمال مثل “فاتن أمل حربي” و”تحت الوصاية” ابتعدت عن الصور النمطية للنساء الساعيات للانتقام أو السيطرة، لتقدم جرعة من الدراما الاجتماعية المتجذرة. ومع ذلك، وراء هذه السرديات تكمن إشكالية هامة: الميل إلى تشكيل الشخصيات النسائية لتتماشى مع التوقعات المجتمعية بدلاً من تحديها. تقدم هذه الأعمال قضايا النساء من خلال سيناريوهات تعزز الديناميات السلطوية السائدة بدلاً من المطالبة بالتغيير.
يمثل مسلسل “برغم القانون” مثالًا على هذا الاتجاه. عند عرضه، تمت مقارنته سريعًا بأعمال شعبية أخرى تتناول صراعات النساء ضمن أنظمة قانونية واجتماعية قمعية. لكن، رغم تحقيقه لمعدلات مشاهدة عالية وتصدره، أخفق في النهاية في تقويض القواعد التي يدعي انتقادها.
تدور أحداث القصة حول ليلى، التي تجسدها إيمان العاصي، محامية يُجبرها اختفاء زوجها أكرم المفاجئ على العودة إلى مهنتها. تجد نفسها وسط شبكة من الخيانة والخداع، تسعى وراء حقائق حول أكرم (يجسده محمد القس) تهدد مستقبل عائلتها. وعلى السطح، قد تبدو رحلة ليلى كقصة امرأة معقدة وصلبة تتحدى القيود المفروضة عليها. ولكن مع تطور القصة، يتضح أن دورها أبعد ما يكون عن رمز للمقاومة، بل هو شخصية مصممة بعناية لتنسجم مع الصورة المثالية للمرأة “القوية” في المجتمع—تلك التي تتكيف مع الأدوار المحددة لها، مستجيبة للأحداث بدلاً من أن تكون صانعة لمصيرها.
تتكرر هذه القضية في “برغم القانون”: تُسند للشخصيات النسائية أدوار تبدو مفصلة وفقًا لأنماط مألوفة، بدلاً من أن تكون مستندة إلى واقع ملموس. فعلى سبيل المثال، تُصور سوسن، التي تؤدي دورها جوري بدر، كإمرأة انتقامية ومتلاعبة، تسعى وراء الذهب، مدفوعة بالغيرة. تعيق مساعي ليلى للوصول إلى الحقيقة بدافع الحقد، مغوية الأصدقاء ومتلاعبة بالولاءات لخدمة أغراضها. دوافعها ضحلة، مصممة ليس لتعطيها تعقيداً، بل لتبرر سقوطها—شخصية مرسومة كتجسيد لـ”الشر الأنثوي”، وغرضها الوحيد هو استثارة ازدراء الجمهور.
في المقابل، يحظى الخصوم الذكور بعمق وتفهم. أكرم، الخصم الرئيسي، يظهر كضحية للظروف عبر قصة مؤلمة تبرر سلوكه العنيف، ويصبح عنفه مجرد ندوب ناتجة عن إهمال عاطفي، مما يمنحه طبقات وإحساسًا بالمأساة لا تتمتع بها الشخصيات النسائية. يظل الخصوم الذكور محاطين بتبريرات تجعل قسوتهم قابلة للفهم، في حين تُقدَّم الشخصيات النسائية كشريرات بشكل فطري بلا تعقيدات تُذكر.
وتستمر هذه الانحيازات في لحظات مهمة، كما في مشهد بين ليلى وشقيقتها فاتن. بعد سنوات من العنف النفسي والمالي من قبل زوجها، تجد فاتن بعض العزاء في علاقة افتراضية، لكن ليلى، بدلاً من التعاطف معها، تدينها، مُعيدة إنتاج ازدواجية المعايير التي تُفسر أخطاء النساء كفشل جوهري، بينما تُبرر أخطاء الرجال. وعندما تصفع ليلى شقيقتها، وهو مشهد صادم يكشف ولاءها للقيم الاجتماعية، يُترك المشاهد لمواجهة الحقيقة المرة: حتى البطلة، التي من المفترض أن تكون المدافعة عن التغيير، تدعم نفس المعايير المزدوجة التي يُفترض بها تحديها.
يستخدم “برغم القانون” نضالات شخصياته النسائية كعنصر درامي، لكنه يفعل القليل لتحدي البُنى التي خلقت هذه النضالات. بدلاً من ذلك، يستغل سحر “تمكين النساء” بينما يُقدم معاناة النساء كوسيلة للترفيه. رحلة ليلى—وعقاب أكرم في نهاية المطاف—يبدوان كتنازلات سردية تهدف إلى إرضاء الجمهور بدلاً من إثارة التفكير. تعاني الشخصيات النسائية وتتحمل، لكنها لا تتحدى النظام الذي يبقيها في مكانها. فالحل ليس تحريراً أو عدالة، بل إحكام لضمان أن تبقى الأمور كما هي.
في جوهره، يعتمد “برغم القانون” على مظهر التمكين بينما يترك الأسس البطريركية غير مهتزة. وهذا يطرح السؤال: هل أصبح تصوير قضايا النساء في الإعلام مجرد علامة تجارية مربحة