التوعية بسرطان الثدي أم حيلة تسويقية؟ الحقيقة السامة وراء “الغسيل الوردي”

هل كل هذا اللون الوردي مجرد تمويه؟

شهر أكتوبر هو شهر التوعية بسرطان الثدي، وها نحن مرة أخرى نغمر بشعارات الشرائط الوردية والتعبئة الوردية والحملات التي تتلون بالوردي من عدد لا يُحصى من العلامات التجارية في مجال التجميل. للوهلة الأولى، يبدو الأمر وكأنه تدفق هائل من الدعم والتضامن. ولكن تحت السطح، تكمن حقيقة مزعجة: العديد من هذه العلامات التجارية، بينما تدّعي التوعية بسرطان الثدي، تساهم في المشكلة ذاتها التي تدّعي محاربتها من خلال استمرارها في بيع منتجات تحتوي على مكونات مسببة للسرطان.

هذه الممارسات الترويجية تُعرف غالبًا باسم “التلميع الوردي”، مما يثير سؤالًا غير مريح: كيف يمكن لشركات التجميل أن تقدم نفسها كداعم للتوعية بسرطان الثدي بينما تبيع منتجات مليئة بالمواد الكيميائية المعروفة بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان؟ قد تبدو حملات الشرائط الوردية في صناعة التجميل جذابة على السطح، لكنها غالبًا ما تخفي واقعًا سامًا.

عند إلقاء نظرة فاحصة على مكونات المنتجات اليومية مثل صبغات الشعر ومزيلات العرق ومنتجات العناية بالبشرة، نجد قائمة مقلقة من المواد الكيميائية الضارة، التي تم ربط الكثير منها بالسرطان. تحتوي صبغات الشعر الدائمة غالبًا على مادة “بارا-فينيلين ديامين” (PPD)، وهي مادة كيميائية تسبب تهيج الجلد وردود فعل تحسسية، ولكن هذا ليس الجزء الأسوأ. أظهرت الأبحاث أن الاستخدام طويل الأمد لصبغات الشعر يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. وفقًا لدراسة نشرتها مجلة International Journal of Cancer، النساء اللاتي يستخدمن بانتظام صبغات الشعر الدائمة لديهن خطر أعلى بنسبة 9% للإصابة بسرطان الثدي. بالمثل، غالبًا ما تحتوي صبغات الشعر الداكنة على مشتقات قطران الفحم، التي وُصفت بأنها مسرطنة من قبل برنامج علم السموم الوطني. وقد تم ربط التعرض المطول لهذه المواد الكيميائية بسرطان الثدي والمثانة.

مزيلات العرق ومضادات التعرق ليست بريئة أيضًا. تحتوي العديد منها على مركبات قائمة على الألمنيوم تعمل على سد قنوات التعرق. هناك جدل مستمر حول العلاقة بين الألمنيوم وسرطان الثدي، لكن تشير عدة دراسات إلى أن مركبات الألمنيوم قد تحاكي هرمون الإستروجين، وهو هرمون يعزز نمو خلايا سرطان الثدي. بينما تحتوي بعض مزيلات العرق أيضًا على البارابين كمادة حافظة، وهي مادة تحاكي الإستروجين في الجسم.

المنتجات المصممة لحمايتنا من أشعة الشمس، مثل واقيات الشمس، يمكن أن تحتوي أيضًا على مكونات ضارة. يعتبر الأوكسي بنزون أحد هذه المواد الكيميائية الشائعة التي أظهرت الأبحاث أنها تؤثر على توازن الهرمونات. وفقًا لمجموعة العمل البيئي (EWG)، هناك قلق متزايد من أن المواد الكيميائية التي تتداخل مع الهرمونات مثل الأوكسي بنزون قد تسهم في تطور السرطان، ومع ذلك، لا تزال هذه المادة موجودة في العديد من تركيبات واقيات الشمس تحت مسمى “الحماية”.

على الرغم من هذه الحقائق المثيرة للقلق، فإن العديد من العلامات التجارية التي تبيع المنتجات التي تحتوي على هذه المواد الضارة تضع الأشرطة الوردية على عبواتها وتطلق حملات توعوية خلال شهر أكتوبر. هذا ما يُعرف بـ “الغسل الوردي”، حيث يتم استخدام التوعية بسرطان الثدي كأداة تسويقية مع الاستمرار في بيع المنتجات التي قد تسهم في المرض. ووفقًا لمنظمة شركاء الوقاية من سرطان الثدي (BCPP)، فإن أكثر من 1400 منتج يومي – بدءًا من الشامبو إلى المستحضرات – يحتوي على مواد كيميائية مرتبطة بسرطان الثدي. ومع تشخيص حوالي 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي عالميًا في عام 2020، تظل العلاقة بين المنتجات التجميلية السامة وسرطان الثدي مصدر قلق كبير نظرًا للتعرض الطويل الأمد لهذه المكونات الضارة.

لحسن الحظ، يشهد قطاع التجميل حركة متنامية نحو منتجات أنظف وأكثر أمانًا. تعتمد المزيد من العلامات التجارية قوائم مكونات نظيفة وتلتزم بصياغة منتجات خالية من السموم المعروفة. وقد وضعت علامات تجارية مثل “تاتا هاربر” و”إيليا بيوتي” و”آر إم إس بيوتي” معيارًا لما يُعرف بالجمال النظيف، حيث تثبت أن بالإمكان إنتاج منتجات فعّالة وفاخرة دون مكونات ضارة. هذه الحركة ليست مجرد صيحة؛ بل هي استجابة للطلب المتزايد من المستهلكين على الشفافية والسلامة. بدأ الناس يدركون أن ما يضعونه على أجسادهم قد يؤثر على صحتهم، ويدفعون نحو التخلص من المكونات السامة. ووفقًا لتقرير صادر عن Grand View Research، من المتوقع أن يصل سوق الجمال النظيف العالمي إلى 22 مليار دولار بحلول عام 2024، مما يشير بوضوح إلى أن الأمور تتجه نحو التغيير.

ولكن رغم تزايد زخم حركة “الجمال النظيف”، تواصل العديد من الشركات الكبرى في هذا المجال مقاومة التغيير. بدلاً من إعادة صياغة منتجاتها، تختبئ وراء الشرائط الوردية ووعود “التوعية” الغامضة. لكن رفع الوعي دون اتخاذ خطوات فعلية هو أمر فارغ من المحتوى. تقع على عاتق شركات التجميل مسؤولية أكبر من مجرد بيع المنتجات؛ ينبغي أن تكون صحة وسلامة المستهلكين في مقدمة أولوياتها.

إن الوعي الحقيقي بسرطان الثدي يتجاوز مجرد التغليف الوردي؛ إنه يعني إزالة المكونات الضارة من منتجات التجميل. إذا كانت العلامات التجارية تهتم حقاً بمكافحة سرطان الثدي، فعليها البدء بتنقية تركيباتها. فليس من المنطقي الادعاء بأنها جزء من الحل بينما لا تزال جزءاً من المشكلة.

كمستهلكين، لدينا القدرة على المطالبة بما هو أفضل. في المرة التالية التي ترى فيها منتجًا ملفوفًا باللون الوردي، توقف لحظة لتتجاوز المظهر الخارجي واقرأ قائمة المكونات. دعم الشركات التي تلتزم بالشفافية وتحدي تلك التي تختبئ وراء حيل تسويقية هو السبيل الأمثل. تبدأ الوقاية من سرطان الثدي بتقليل تعرضنا للمواد الكيميائية الضارة—وهذا يشمل ما نضعه على بشرتنا، وفي شعرنا، وتحت أذرعنا.

شارك(ي) هذا المقال