حديث مع أماني أسيبي أول عارضة أزياء ممتلئة في المنطقة

وهي تفتح الأبواب على مصراعيه في هذا المجال الجديد

رغم سعي عالم الموضة لأن يشمل الجميع وينصفهم لا يزال هذا الهدف صعب التحقيق، حيث يأتي الجمال دائماً مع الكثير من المعايير الخاصة به، ورغم أنها تتطور إلا أنها ما تزال مرتبطة بنوع محدد من الجمال.

تختلف معايير الجمال من عصر لآخر ولا يمكن إنكار أن جيلنا كان ضحية لمقاييس عالم الأزياء التي ترى الجمال من خلال الأجسام النحيلة فقط مما يصعّب على العارضات التأقلم مع أجسادهن.

يمكن أن يتحسن الوضع بتغيير طريقة تفكيرنا وهنا يأتي دور عارضة الأزياء التونسية أماني أسيبي المقيمة في دبي والتي عانت كثيراً قبل أن تفهم كيف تتقبل نفسها وتصبح من أبرز العارضات اللواتي يعملن بدوام كامل مدفوع الأجر رغم أنها لم تكن تعتقد في يومٍ ما أنها ستدخل وتنجح في هذا المجال.

https://www.instagram.com/p/Cb2ZZ12st3m/?utm_source=ig_web_copy_link

تقول عارضة الأزياء البالغة من العمر 24 عاماً: “لم تكن نيّتي أبداً في أن أصبح عارضة أزياء عندما كنت طفلة، ليس لأنني لم أرغب في ذلك بل لأنني لم أعتقد مطلقاً في أنني سأتمكن من هذا”. “لقد سئمت من التعرض للتنمر إلى أصبحت في سن 16 عندها شعرت أنني لم أعد أكترث وتغيرت الأمور تماماً بالنسبة لي، وقد بدأت بإجراء دورات تدريبية في مجال الأزياء بعد أن وجدتها الوسيلة الأهم التي أستطيع من خلالها التعبير عن نفسي فالموضة فن برأيي وبما أنني لم أجد طريقة للتعبير عن داخلي ولا عن الألم الذي شعرت به عندما كنت أصغر سناً، رأيت أن أفضل طريقة للتعبير عن ذلك هو من خلال الموضة “.

أصبحت العديد من المجلات منذ ذلك الحين تجد في هذه الشخصية التي تُوجت كأول عارضة أزياء ممتلئة في العالم العربي مصدر إلهام حيث لاقت خطواتها في عالم الموضة صدى لدى الآلاف في المنطقة مما شجعهم لخوض رحلاتهم نحو القبول والثقة وحب الذات.

وفي تعليقها حول رحلتها والمسؤولية التي تتحملها من موقعها كشخصية تحاول كسر الصورة النمطية للأجساد المثالية: “قد يكون بريد الرسائل الخاص بي محبطاً للغاية فهو لا يحتوي على رسائل الإعجاب، ولكن السبب الأهم لهذا الإحباط في الحقيقة أن يرسل لك أحدهم أردت الانتحار بالأمس ولكن بعد ذلك شاهدت مقابلتك على هذه الصفحة وقد ساعدتني”.

وتضيف: “بالنسبة لي أجد أن فصل الصيف هو الفصل الذي تتجدد فيه مشاعر الإحباط وعدم الثقة بالنفس فدائماً ما تصلني رسائل مثل” لا يمكنني الذهاب إلى الشاطئ “، ” لا أستطيع ارتداء ملابس السباحة”، ” لدي علامات تمدد”، “لا يمكنني ارتداء بكيني”. وفي نفس الوقت أتلقى رسائل من النساء يقلن لي فيها “منذ أن رأيتك تسبحين بالبيكيني جعلني هذا أشعر بتحسن تجاه نفسي” كل هذا يجعلني أشعر بمشاعر رائعة عند قراءة مثل هذه الرسائل”.

إن ظاهرة الهوس بالمظهر الخارجي وشكل الجسد ليست شيئاً جديداً ولا تقتصر هذه الظاهرة على العالم العربي فقط، ونلاحظ انتشارها بشكل كبير في الشرق الأوسط بدليل العدد الكبير لعمليات التجميل في العالم العربي خاصة عمليات شفط الدهون، ففي عام 2018 كشف موقع “تجميلي” الذي هو عبارة عن منصة تثقيفية حول جراحة التجميل أنّ هنالك 5.6 مليون عربي يزورون الموقع مهتمين بالإجراءات التجميلية إضافة للعديد من أولئك الذين أعربوا عن اهتمامهم بالخضوع لواحدة، كما وجدت دراسة خاصة بالموقع أن فقدان الوزن عن طريق شفط الدهون كان ثالث أكثر الإجراءات المطلوبة بعد عمليات زراعة الشعر وجراحة الأنف.

https://www.instagram.com/p/CbVGJQHBS41/?utm_source=ig_web_copy_link

تقول أماني: “إن شكل أجسامنا كعرب مليء بالمنحنيات فرغم أنكم قد تجدون امرأة نحيلة جداً، إلا أنها ستمتلك بعض المنحنيات في مكان ما من جسمها فليس لدينا أجسام فائقة النحف، ولا أفهم لماذا تشتهر المنطقة بالأزياء الرائعة والمبدعين والممثلات ولكن ليس لدينا حتى الآن أي عارضات بأجسام ممتلئة”.

كما عبّرت: “كنت أتمنى عندما كنت أصغر سناً أن أجد شخصاً مثلي في هذا المجال أتطلع إليه، ثم فكرت بما أنه يوجد مساحة شاغرة في منطقتنا ولا أحد يستغلّها فلماذا لا أحاول أن أوصل صوتي للجميع في المنطقة وأكون هذه الفتاة العربية المسلمة والتي تملك نفس الثقافة والتقاليد وتتحدث نفس اللغة لتستمع وتحاول فهم وجهات نظر الجميع، لا يمكننا جميعاً أن ننظر للعارضات الغربيات، فهم لا يفهموننا جميعاً.”

إن فكرة تواجد عارضات بأجسام ممتلئة وقياسات كبيرة في هذا المجال أمر صعب بالفعل فحتى الآن لا نراهن يعرضن للعلامات العالمية في مواسم الأزياء، آخذين بعين الاعتبار إلى أن منطقتنا لا تزال تتحكم بها درجة معينة من المحافظة، ولا تزال لا تتفق مع فكرة عرض الأزياء من الأساس بحجة أنها لا تتماشى مع القيم الأساسية للمجتمع العربي. ولكن اليوم أصبح موضوع تمثيل تلك الفئات المهمّشة أمر بالغ الأهمية في الوقت الحالي خصوصاً أنه لم يسبق لأحد أن فعل ذلك.

أرى أنه توجد بعض المشاكل المتعلقة بتمثيل فئات معينة في الشرق الأوسط فماذا يعني أن يقول لي أحدهم “أنتِ تمثلينا جميعاً لكنك متحررة جدّاً!” هل يجب علي ارتداء الحجاب حتى تكونون سعداء؟ هل يجب أن أرتدي ملابس محتشمة لتشعروا أنني أمثلكم؟ إن فعلت ذلك سأكون كاذبة لأنني في الحقيقة أمثل هذا الجيل الجديد من العرب المتحرر للغاية والمنفتح جداً على الثقافة والموضة والفن ولست من أولئك المقيدين الذين لديهم آباء صارمين، بالنهاية لا أريد أن أتصرف بشكل محتشم لمجرد أنهم يريدون مني ذلك، هذه ليست أنا”.

“من الجنون أيضاً أن الناس يتوقعون منا أن نكون دائماً سفراء لثقافتنا كما لو أننا لا نستطيع أن نتواجد فقط من أجل أنفسنا، فأنا لا أتحدث باسم أي شخص آخر”.

لكن قد يؤثر هذا الأمر على وضعكم المادي حيث أصبحت العلامات أكثر حذراً بشأن من يريدون الارتباط به والأراء والمواقف التي تدعمها هذه المواهب مما يعني أنهم قد يُستبعدون البعض بسبب الخوف من الانتقام السلبي والانتقادات عبر الإنترنت.

“لقد خسرت في الماضي عدة حملات مع علامات كبرى لأنهم أخبروني أنهم لا يمكنهم التعاون معي، وعندما تساءلت ماذا تقصدون؟ فكان الجواب “أنتِ مثيرة للغاية” وهذه مشكلة كنت أواجهها، ما هو المثير جداً؟ هل ترونني أنشر صوراً عارية؟ هل ترونني بملابس داخلية؟ لا أفهم ما هو المثير للغاية؟”

“إنهم لا يريدون أن يعملوا معي لأنني لا أمثل الشرق الأوسط وأخلاقه حسب رأيهم، وأنا أقول لهؤلاء الأشخاص أنتم تعملون مع المؤثرين والعارضات اللواتي يتواجدن ويشاركن جميع أنواع الأعمال ولكنكم لا تريدون العمل مع شخص لديه قيم وأخلاق فقط لأنه مثير وجذاب على وسائل التواصل الاجتماعي في حين لا تجدون أي مشكلة بالتعامل مع الفتاة التي تلعب دور “الحلال” على وسائل التواصل الاجتماعي مع أنها تقوم بكل شيءٍ آخر علناً في دبي في اليوم التالي!”.

https://www.instagram.com/p/B2_clFQnCS7/?utm_source=ig_web_copy_link

رغم استمرار السعي لجعل عالم الموضة أكثر شمولية من خلال فتح المجال أمام عارضات الأزياء ذوات الأجسام الممتلئة إلا أنّ بعض المشكلات لا تزال قائمة مثل أشكال الأجساد المثيرة للجدل بالإضافة إلى الدلالات الكامنة وراء مصطلح “الحجم الزائد”.

“إذا أردنا الغوص أكثر في عالم المقاس الزائد فدائماً ما يقول الناس “أوه، لكنها ذات مقاس زائد، يمكنها أن تأكل بقدر ما تريد” ولكن في الحقيقة إذا لم يكن لديكم هذه المؤخرة الكبيرة وهذا الخصر النحيف فلن تكونوا مناسبين فالعلامات التجارية تريد البيع فقط ولكي يتمكنوا من ذلك فإنهم يهتمون بالشكل الجميل فقط، وإذا لم تكن العارضة جميلة فهي لا تبيع، وبالنسبة لهم إن وجود فتاة ممتلئة تتمتع بخصر رفيع وجسم ذو منحنيات بارزة فهي فتاة مثيرة وتبيع”.

يتسع هذا المجال الإبداعي الذي يشمل الموضة وعرض الأزياء يوماً بعد يوم حيث تجرب العديد من المواهب الطامحة حظها في أن تصبح سفيرة لبعض أهم العلامات. ولقد نجحت أماني في أن تكون في الطليعة، ولكن لكي يصبح هذا التمثيل أكثر ديمقراطية علينا أن نعي أنه لا يزال هناك حاجة ماسة لفهم وتقبل أشكال الاجسام باختلافها، وكما قالت عارضة الأزياء المُلهمة هذه: “إذا تعلمت أن تحب نفسك وتتصالح معها، سيحبك العالم في نهاية الأمر”.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة