فيروس كورونا جعلني أدرك بأنني أريد أن أكون مزارعة

أنا جادّة في كلامي!

لقد حوّل فيروس كورونا خطتي طويلة المدى لأن أكون مزارعة إلى خطة قصيرة المدى للغاية. فعلى ما يبدو سيتّخذ عالمنا واقعاً جديداً على المدى الطويل، ولهذا أريد أن تكون حياة الريف هي واقعي الجديد!

لن أقوم بعد الآن بكتابة مقالات عن رأيي حول كل ما يحدث في العالم. فما أريده الآن هو قضاء أيامي مع عائلتي وأصدقائي والعناية ببعضنا البعض والاهتمام بكوكبنا. أنا أعد نفسي لحياة تبدو على النحو التالي:

أستيقظ كل صباح وأقوم بروتيني الصباحي للجمال. أغسل وجهي ، وأفرش أسناني وأستعمل بعض المرطب لأن بشرتي تكون جافة جدًا في الصباح. ثم أعصر كوبًا من عصير البرتقال إذا كان الشتاء. خلال فصل الصيف، ربما كنت سأستبدل عصير البرتقال بعصير الليمون. ثم أقوم بالتبديل بين رشفات مشروبتي الطازجة وقهوتي حيث أستمتع بالخبز المحمص مع الزبدة والمربى المحلي.


في حياتي الجديدة، سأعيش في مزرعةٍ في مكانٍ ما، ويُفضل أن تكون في سليانة بتونس حيث ترعرعت. وسيظل بإمكاني استخدام الإنترنت لأنه حقٌّ من حقوق الإنسان (شأنه شأن الماء والكهرباء). حيثُ سأستعمل الإنترنت لأتفقد عائلتي وأصدقائي، ولكن ليس قبل أن أتأكد من إطعام كلبتي فيفي ودجاجاتي التسع عشرة.

ثم أود أن أكتب قليلاً. وإذا كان العالم ما يزال مكاناً يجب أن أعيل نفسي فيه وأجني المال، فسأطلق على هذا الجزء من يومي بـ “العمل”. وستكون الكتابة ببساطة هي مساهمتي في المجتمع.

في هذه الحياة التي سأعيشها، لن يكون هناك وجود للأغنياء وأصحاب الملايين لأنه سيكون من الواضح جداً أن الرأسمالية لا تضمن لأحدٍ البقاء أو السيطر، لذا ستصبح سياسات الهوية شيئاً من الماضي. إذ سيتم حل أزمة الهوية بالنسبة للجميع لأن البشر أدركوا أن العنصرية هي منظومة تُستخدم للحفاظ على الأنظمة القمعية التي تعطي الأولوية للاقتصاد على حياة البشر.

وبدلاً من الكتابة عن العنصرية والطبقية، سأكتب قصصاً خيالية (وهو نوع لم أكن مهتمةٌ به أبداً)، ولكن ربما بدأن الاهتمام به بعد فترة الحجر الصحي هذه التي تستغرق 20 يوماً!

ثم سأعود لمزرعتي الصغيرة التي سأزرع فيها البطاطس والطماطم والفلفل والبصل وبعض الأشياء الأخرى التي أود طهيها.

أعلم أن هذا كله تفكير خيالي وساذج للغاية. إذ ليس لدي أصلاً مهارات أولية كمزارعة. وأعلم أيضاً أن مجرد التفكير بهذه الأحلام يعتبر رفاهيةً كبيرة في الوقت الحالي. وأنا أعلم أنني، وعلى الأغلب، لن أكافح بنفس القدر الذي سيكافح به الكثيرون غيري من أجل النجاة من هذه الجائحة. فلطالما كنت واعيةً بالامتيازات التي أملكها في حياتي وما زلت واعيةً بها.

لا يمكنني أن أتخيل حياةً غير مستدامة في أعقاب هذه الجائحة، هي الحلّ لكل البشرية والكوكب ولصحتي العقلية.

أرفض تصديق فكرة أن العالم في متوقف في الوقت الحالي، رغم أن تلك الفكرة كانت أساس كل الأفكار الخيالية التي راودتني. كل شيء نفعله الآن سيكون حجر الأساس للمستقبل القادم، وكل ما يمكنني فعله هو الجلوس في المنزل والاستعداد للحياة التي أريد أن أعيشها.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة