Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

هل مواعدة شخص من خارج مجتمعنا بهذا السوء؟

الحب بالنسبة للشخص العربي هو في الحقيقة مشاكل لا تنتهي

تعتبر المواعدة بالنسبة لي أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد، خاصة أنني لم أكن قط ذلك الشخص الاجتماعي الواثق من نفسه والذي يمكنه جذب فتاة متى أراد ذلك. بصراحة، لم أكن سوى مجرد شاب أعزب يبذل جهداً كبيراً للانخراط مع الآخرين. وغني عن القول بأنني شعرت بسعادة غامرة عندما وجدت أخيراً فتاة أحلامي (والتي أتمنى أن تبادلني ذات الشعور). لقد كانت فتاة بيضاء وأنا من عرق مختلف… من مكانين مختلفين. قد يجد البعض أنّ مواعدة أشخاص من خارج مجتمعهم أمر ممتع ومثير للغاية، لكن ما الذي جلبه لي هذا الأمر؟ لم يجلب لي سوى الشعور بالتوتر والقلق الذي لا نهاية لهما.

ومن الجدير بالذكر أنّ جميع من حولي كانوا ينصحونني بإلحاح على الزواج. هل يبدو ذلك أمراً مألوفاً؟ أعتقد أنّ الجميع قد مر بهذه المرحلة. باختصار، هذا يعني الحرص على مواعدة أشخاص ينتمون لنفس الثقافة والعرق وحتى المعتقدات الدينية. هل تسألون “عن السبب”؟ بصراحة هناك العديد من الأسباب، وبالنسبة لي كلها بالطبع سخيفة وواهية للغاية، فهي لا تخرج عن نطاق الأسباب الطائفية التافهة أو أسباب أخرى أكثر قابلية للفهم والإقناع، ولكن لن أخوض في هذا النقاش معكم اليوم.

عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري، وقعت في حب فتاة، وكنت أعيش لحظات الحب بكل معانيه غير مكترث بكل هذه الأسئلة والمخاوف التي كنت أحرص على تجاهلها قدر الإمكان؛ إلا أنها بدأت تظهر وتزداد كلما أصبحت علاقتي بالفتاة أكثر جديّة، فقد قابلت عائلتها عدة مرات، وبالرغم من أنّهم أناس لطفاء إلا أنّهم كانوا في بعض الأحيان يبدون لي غريبي الأطوار، وكنت أحاول جاهداً ألا أركز بشكل كبير على تصرفاتهم بالرغم من أنني بصراحة كنت أعتقد بأن بعض ردود أفعالهم تجاهي كانت لا تخلو من الغرابة. لماذا ينبغي عليّ أن أواجه تحقيق بوليسي كامل في كل مرة أزورهم فيها أو عندما أحاول أن أمضي إجازة هادئة مع حبيبتي؟ لماذا كنت أشعر دائما بأنهم ينظرون إلى بازدراء واستهجان، وكنت أشعر بأنني لم أكن مناسباً لها، وكما لو كان الجميع ينتظرون مني قرار الانفصال عن الفتاة التي كانت ذات يوم نصفي الثاني.

في البداية، لم أرغب في الوقوع في فخ الضحية، لطالما كنت أشعر بأنني رمز لتحامل العالم الغربي على الأشخاص الذين يشبهونني. لقد اختبرت فترات طويلة من الشك والتساؤل. لماذا لا يحبونني؟ لماذا لا يعاملونني مثل شركاء شقيقاتها الأكبر سناً منها؟ لقد انتهى بي الأمر إلى الاقتناع بأنني مجرد شخص دون المستوى وصرفت النظر تماماًعن فكرة التحيز المحتمل الذي قد تشعر به العائلة ضدي.

هل قابلت صديقتي عائلتي؟ بالطبع لا. فقد أخفيت عنهم وجودها في حياتي، ومع كل يوم كان يمضي كانت تزداد صعوبة إطلاع والدي على هذا السر. لماذا؟ لأنني اعتقدت أن مواعدة أجنبية هو أمر مرفوض تماماً. فقد وقعت بجهل في فخ فكرة الاستشراق بانفتاح العائلات ذات البشرة البيضاء وانغلاق العرب، لطالما أثقلت هذه القضية كاهلي مثلما أثقلت كاهلها. ربما شعرت بذلك خشية أن تعاملني هي بنفس الطريقة التي تعاملني بها عائلتها. وكلنا نعلم أنني إذا افترضت حسن نيّة عائلتها وأنّها ليست عنصرية أو مختلفة، لا يمكنني أنّ أتوقع ذلك من عائلتي، وأنا أتحدث عن تجربة، إذ لطالما تم وصفنا بالتعصب الديني أو قصر النظر. 

في نهاية المطاف، كان عليّ أن أتحدث بصراحة إلى والدي، وأخبره عن الجزء الخفي من حياتي، وأنتم تعرفون ردود أفعال العائلات العربية تجاه مثل هذه المواضيع. ولكنني دهشت تماماً (أو لا، لقد شعرت بالحيّرة)، فقد رحب والدي بالأمر؛ حتى أنّه طلب مقابلتها. نحتاج حقاً لوضع حدٍ لهذه المحرمات والمخاوف الغبية التي تثير مخاوفنا فهي بالية وسخيفة، امنحوا والديكم فرصة يا رفاق! إن استطعتم.

على أي حال، لنعد إلى القصة الرئيسية. بعد فترة وجيزة من العلاقة، انتهى بنا الأمر إلى الانفصال، ليس بسبب الحب وإنّما بسبب كل ما يحيط بنا. لا زلت أذكر النقاشات السخيفة التي لا تنتهي حول ما إذا كنا سنحتفل بعيد الميلاد أم لا، وهل سيكون لدينا شجرة ميلاد في المنزل أم لا، وهل سنتبادل الهدايا أم لا. بصراحة أنا لا أمانع في فعل كل ذلك، إلا أنّ هذه الأمور في الواقع ليست جزء مني ولا من الثقافة التي نشأت عليها… وعلى أيّ معتقد ديني سينشأ أطفالنا؟ هل سنتزوج في كنيسة أم في مسجد؟ كيف سنتعامل مع ثقافتينا وما إلى ذلك من أسئلة… لكن واجهنا في مثل هذه السن المبكرة الكثير من المشاكل والقرارات لاتخاذها والالتزام بها مدى الحياة؛ من الواضح أنني لم أكن قادراً على مواجهة هذه التحديات في تلك المرحلة، ولسوء الحظ جاء الوباء ليغيّر كل شيء.

لقد تألمت لفترة طويلة بعد انفصالنا إلى أن صادفت صديقاً لعائلتها لم يكن يعرف عن علاقتي بها، وهو أحد الطلاب السابقين في المدرسة التي كانت تعمل فيها والدتها، وكنت أعتقد أنّه يكره الأم لأنه كان طالباً عندها، إلا أنني اكتشفت أن دوافعه لبغضها كانت غير ذلك تماماً، فقد أخبرني بأنّها كانت تُعرف في المدرسة بأنّها عنصرية من الدرجة الأولى، وبأنّها المعلمة التي لديها عقدة المخلّص الأبيض والتي يمكن أن تعيد الأطفال الأفارقة إلى زيمبابوي لتشعر بالرضا عن نفسها.

منذ ذلك الوقت تغيرت الأمور في داخلي، لم يعد الأمر يتعلق فيما إذا كنت جيداً أو سيئاً في نظرهم، لقد أصبح الأمر شخصياً، لأنني مهما فعلت لن يشعروا بالرضا تجاهي، لطالما كان هذا الأمر هاماً منذ البداية. لقد تغيّرت مفاهيمي بالكامل، لقد اختبرت إنكار الذات لفترة طويلة، هل تسببت لروحي بمشكلة نفسية من أجل هذا؟ لقد كنت خائفاً طوال الوقت من رفض عائلتي كونها ذات عقلية منغلقة في حين أنهم هم من كانوا كذلك، لقد انتابني الشعور بالمرارة لأنني تعرضت لهذا السلوك المشين ولم أكن محمياً، ولكن بصراحة ما زلت في حيرة من أمري حول من سأحب.

 هل المواعدة من خارج المجتمع بهذا السوء؟ ربما، أنا في حيرة. ماذا يجب عليكم أن تفعلوا؟ حاولوا أن تفعلوا كل ما بوسعكم وأحبوا بصدق وإخلاص.

الصورة: Shéhérazade ، جان برنارد مارلين (2018)

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة