قد لا يرغب الكثيرون في الاعتراف بذلك، لكن دبي تُعد إحدى المدن المحورية في المنطقة لكل ما يتعلق بموسيقى الراب والهيب هوب. بنيتها التحتية، إلى جانب كونها بوتقة تنصهر فيها الجنسيات المختلفة ومركزًا للفرص المالية المربحة، حوّلتها من قرية صيد صغيرة إلى مكان مثالي لنقل مهنة الفرد إلى مستوى آخر. وعلى الرغم من أن المشهد الموسيقي الخاص بها ليس بالضرورة الأعلى مقارنةً بمدن مثل القاهرة أو الدار البيضاء، إلا أن مشهد الراب في الإمارات يستحق الاهتمام عن كثب. يُنظر إلى دبي على أنها مساحة تجريبية حيث يتم دفع الحدود باستمرار من قبل المستمعين المتحمسين، وهي موطن لمجموعة من الموسيقيين الموهوبين الذين يصنعون أسماءً لأنفسهم بطرقهم الخاصة. في مقدمة هذه الموجة الجديدة من المبدعين يقف مغني الراب البالغ من العمر 22 عامًا، UglyMoss، أو مصطفى وضاح، الذي يُعتبر واحدًا من أفضل الفنانين الشباب في الخليج.
من أصول سورية ومصرية، نشأ الفنان المولود في دبي وتربى فيها ولاتزال المدينة مقره الرئيسي. يبدع في نوع من الموسيقى يصفه الكثيرون بأنه صعب التصنيف. يقول وضاح: “لطالما تخيلت أن صوتي هو بوابة لا يمكنك التنبؤ بما ستجده بمجرد عبورها”. بفضل موسيقاه التي تمزج بين الروك التقليدي والراب الحديث، يبدو الفنان الشاب من القلائل في العالم العربي الذين يستكشفون هذا النوع المحدد من الموسيقى، مما يجعله واحدًا من رواد نوع يطلق عليه اسم “الغضب” و”السوبر تراب”. يمكن تخيل الأمر وكأنه مزيج بين فرقة الروك المفضلة لدى والدك وحساسيات الموضة العصرية لدى شقيقك، وهو عاصفة مثالية من التأثيرات التي يحتضنها النجم الصاعد بفخر.
Voir cette publication sur Instagram
قال وضاح لمجلة “MILLE”: “انجذبت إلى هذه الأنواع الموسيقية لأنها سمحت لي بأن أكون نفسي وأن أتحدث بثقة عن أي شيء، من الأفكار العميقة إلى توصيل رسالة معينة، وكل ذلك بطريقة ممتعة”. وأضاف: “يمكنك الرقص على موسيقاي، أو ربما البكاء أو القفز، المهم هو أن موسيقاي ستكون دائمًا موجودة لتعود إليها وتجد لحظة هروب”.
يعتمد وضاح في كتابة كلماته على تجاربه الشخصية، كما أشار إلى أن محيطه وعلاقاته مع أصدقائه وأسَرته تلعب جميعها دورًا في تشكيل محتواه الغنائي واتجاهه الفني. كما يعزو تأثيراته الموسيقية إلى مجموعة من الفنانين. يقول: “استمعت كثيرًا إلى مايك دين، وأشعر أنه من أكبر المؤثرين في موسيقاي. كما كنت أستمع إلى الكثير من أغاني ليل واين، ASAP Rocky، وأيضًا عدد كبير من مغني الراب المغمورين من أتلانتا، وكل هؤلاء لهم تأثير على الطاقة التي أضعها في موسيقاي”. ويضيف أن هؤلاء الفنانين كان لهم أيضًا تأثير غير مباشر على اختياره لاسمه الفني.
قال وضاح: “في البداية كنت أفكر في أسماء مثل ‘Lil Moss’ أو ‘Yung Moss’، لكنني شعرت أن هذه الأسماء مكررة وأردت شيئًا مميزًا، لذا اخترت ‘UglyMoss’ الذي، رغم عشوائيته في ذلك الوقت، أصبح ملتصقًا بي منذ ذلك الحين”.
مثل معظمنا، نشأت شغف وضاح بالموسيقى منذ صغره. يروي ذكرياته عن طفولته ويقول إنه كان دائمًا محاطًا بالموسيقى، خاصة عند تواجده مع أجداده الذين كان لديهم شريط لعبد الحليم حافظ كان يستمع إليه مرارًا وتكرارًا. وأشار أيضًا إلى أن الأوتار الموسيقية كانت تُعزف بانتظام في منزله، مما فتح له الطريق لفهم عميق للموسيقى منذ سن مبكرة. ولكن نقطة التحول في دخوله إلى عالم الراب جاءت من لقاء غير متوقع غيّر مسار حياته. قال: “أتذكر أنني صادفت مغني راب مرة في حديقة الحي، ومنذ ذلك الحين أدركت أنني أريد أن أكون مغني راب محترف”.
Voir cette publication sur Instagram
يتحدث وضاح عن المشهد الحالي للراب في دبي بحماس: “المشهد هنا مليء بالفضول. كل عام نشهد نموًا، وكل الفنانين يلعبون دورًا في هذا”. وأضاف: “على الرغم من أن معظم مستمعي موسيقاي يأتون من مصر، فإننا نلاحظ بناء مجتمع حقيقي هنا في دبي. هناك شبكة أصيلة تُبنى، وهذا أمر رائع، والوضع يتحسن باستمرار”. ويواصل قائلاً: “فريقي وأنا نعمل على تغيير الوضع الحالي، إنه فقط مسألة وقت قبل أن تتغير الأمور”.
وضاح، الذي يغني أغنية “Toosie”، يسعى بحزم إلى إعادة تعريف معايير الصناعة بأكملها. كما أظهر اهتمامًا واضحًا بعالم الموضة على مر السنين، حيث ظهر في حملات لعدد من العلامات التجارية الشهيرة مثل “بلومينغديلز”، “أديداس”، وكذلك تعاون “Loveclosely” مع BMW خلال فعالية سول دي اكس بي. يعكس وضاح في حديثه عن هذه التجارب أن “الموضة والموسيقى مرتبطتان بالنسبة لي”، وأشار إلى أنه يتابع عن كثب عالم الموضة بفضل تأثيرات ASAP Rocky وRick Owens على هذا المجال. وأردف قائلاً: “أنا مصمم على أنني قريبًا سأكون مبدعًا يعمل في مجال عرض الأزياء، يصمم خطوطه الخاصة، ويواصل العمل في الموسيقى في الوقت ذاته”.
Voir cette publication sur Instagram
وعن طموحاته المستقبلية قال: “أحد أهدافي على المدى القصير هو القيام بجولات موسيقية مستمرة، أن أكون دائمًا على الطريق، وأقوم برحلات متتالية”. واختتم قائلاً: “خلال بضع سنوات من الآن أرى نفسي واحدًا من أعظم الفنانين في المنطقة. آمل أن أتمكن من نقل الموسيقى العربية إلى مستوى جديد وألهم جيلًا كاملاً لدفع الحدود إلى أبعد من ذلك”.
