عندما أطلقت كريستيانا ولارا جبارة منصة “FAME Collective“، ربما لم تتخيلا أنهما بصدد بدء حركة فنية متكاملة. كان الهدف الأولي للأم وابنتها تغيير الطريقة التي يُحتفى بها بإبداع النساء في الشرق الأوسط في عالم غالبًا ما يُهمّش فيه إنتاجهن الفني. هكذا جاءت فكرة “FAME”، المنصة التي تحمل اختصارًا لعبارة “فنانات الشرق الأوسط”، حيث تجمع بين الفنون الجميلة، التصميم الداخلي، المجوهرات، والإكسسوارات، لتروي قصصًا متنوعة وغنية تعكس ثراء المنطقة وتنوعها. لكنها في الوقت نفسه تتجاوز كونها مجرد منصة فنية.
توضح لارا أن الهدف لم يكن فقط عرض أعمال فنية جميلة، بل كان الاحتفاء بصمود النساء في المنطقة وإبداعهن وقوتهن، والعمل على تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم إليهن. جاءت الفكرة من خلال تجربة كريستيانا في دراسة الفن المعاصر في معهد سوذبيز، وخلفية لارا في الإخراج الإبداعي. لاحظتا غيابًا واضحًا لتمثيل حقيقي للنساء الشرق أوسطيات، وقررتا إنشاء مساحة تسد هذه الفجوة.
من خلال هذه المنصة، سعت كريستيانا ولارا إلى خلق مجتمع يُدمج بين التراث والهوية الحديثة، حيث يصبح الفن أداة للتمكين. أرادتا تكريم القصص الشخصية والجماعية لنساء المنطقة من خلال الفن، مع مساعدتهن على الوصول إلى جمهور محلي وعالمي.
نجحت “FAME” في تحقيق هذا الهدف من خلال جمعها بين أسماء بارزة مثل ندى دبس، ورانيا مطر، وأتيلييه نوبر، إلى جانب مواهب صاعدة. سواء من خلال مجموعاتها الرقمية أو الفعاليات المؤقتة التي تُقام في أماكن مثل ميكونوس ودبي، استطاعت المنصة خلق مساحات تُتيح للنساء فرصة مشاركة قصصهن والشعور برؤية أعمالهن تُقدر وتُحتفى بها.
المنصة ليست مجرد مكان لعرض الأعمال الفنية، بل هي مجتمع نابض بالحياة. عبر الإنترنت، تبرز “FAME” كمنصة منسقة بعناية، حيث تحمل كل قطعة قصة فريدة، وكل فنانة صوتًا مميزًا. وعلى أرض الواقع، تأخذ المعارض والفعاليات المؤقتة هذه القصص وتمنحها الحياة. وتقول لارا إن أحد أجمل الجوانب هو رؤية النساء يتواصلن من خلال الفن، يُنشئن صداقات، ويشكّلن مجتمعًا متنوعًا وداعمًا.
إلى جانب ذلك، تضيف “FAME” بُعدًا خيريًا إلى رسالتها. تعمل المنصة كمنشأة اجتماعية، حيث تُخصص جزءًا من أرباحها لدعم مؤسسات نسائية مثل “Stand for Women” في بيروت و”Palestinian Feminist Collective”. كما تتعاون مع منظمات غير ربحية لدعم رائدات الأعمال في الشرق الأوسط، ما يعزز دور النساء ليس فقط على الصعيد الإبداعي، بل أيضًا على الصعيد الاقتصادي.
اختيار الفنانات يتم بعناية فائقة، مع التركيز على الأعمال التي تعكس الأصالة والتراث الثقافي، وتروي قصة الفنانة نفسها. تسعى المنصة إلى إظهار شخصية الفنانة وتاريخها في كل قطعة، سواء كانت مجوهرات، أثاثًا، أو حتى “الفن القابل للارتداء”، حيث تُدمج الرمزية الثقافية بالتصميم الراقي.
من خلال حملات مثل “رحلة إلى الذات”، استكشفت المنصة موضوعات الهوية والتمكين، بهدف تذكير النساء بقوتهن وإمكاناتهن. ترغب لارا في أن يشعر كل من يتفاعل مع “FAME” بالإلهام والاتصال، ليس فقط بالفنانات، بل بأنفسهم أيضًا.
إن بناء هذه المنصة لم يكن مجرد مشروع عمل، بل تجربة عززت العلاقة بين الأم وابنتها. تقول لارا إنهما تعلّمتا تقدير نقاط القوة والرؤى المختلفة لكل منهما، مما عمّق علاقتهما الشخصية وأثمر عن مشروع يعكس شغفهما المشترك.
في النهاية، تتجاوز “FAME Collective” حدود الفن. تطمح المنصة إلى إلهام الناس، سواء من خلال تصفح الموقع، حضور الفعاليات، أو مجرد التعرف على قصتها، لتقدير جمال وقوة وصمود نساء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
