هل تستطيع الموضة تغيير العالم؟ هذا ما تعتقده وتؤمن به المصممة الفلسطينية ميرا عدنان البابا والمقيمة في غزة.
وغالبا ما يشار إلى غزة بأنها “أكبر سجن في العالم”. فهي المكان الذي يعيش فيه مليوني شخص على قطعة صغيرة من الأرض فقط وتحت الحصار، حيث انتهت المواجهات مع إسرائيل في الأسبوع الماضي باستشهاد 32 شخصاً على حدود الشريط الفاصل لوحده.
وقد وجدت هذه المصممة البالغة من العمر 27 عاماً طريقتها الخاصة في القتال – من خلال صناعة الملابس.
فتقول وهي تناقش الروح المتمردة التي تكمن في عملها ومجتمعها “الموضة قابلة للتكيف وسلسلة وغير تقليدية وقوية، وكذلك ثقافة الجيل الجديد في غزة الذي يحاول تحدي كلٍّ من القيود السياسية والتقاليد الاجتماعية”.
كطفلةٍ لجيلٍ ثالث من اللاجئين (بإعتبارها وُلدت في السعودية وانتقلت إلى غزة في عام 2004) كانت عدنان البابا متأقلمة مع المفهوم المعقد لسياسة الهوية، حتى قبل أن تصنع لنفسها إسماً في عالم الموضة بوقت طويل.
إذ أصبحت الموضة وسيلتها لاستكشاف هويتها والأفكار المضطربة الخاصة بكل من الأنوثة والذكورة الفلسطينية، من خلال عرض رؤية لطيفة وناعمة للرجال من ناحية، ورؤية قوية ومستقلة وجميلة بشكلٍ مذهل للنساء من ناحيةٍ أخرى. حيث يمكننا قراءة عبارات مثل “ناعم كالحرير أو حلو مثل العسل” على تيشرتاتها الرجالية.
مع تصاميمها التي تقع في مكان ما بين الرقة والجرأة، تدور علامتها التجارية التي تحمل اسمها حول تغيير الحوار والأفكار. كما أنها أضافت روعة الحنين إلى تصاميمها من خلال التركيز على الروح الرومانسية لماضي غزة المنسي.
فتقول بهذا الخصوص “لقد استوحيت هذه المجموعة من فلسطين خلال فترة الثمانينات، قبل الانتفاضة الأولى في عام 1987، حيثُ كانت النساء ترتدي التنانير العادية التي يصل طولها إلى الركبة والسترات الضخمة والفساتين ذات الأكمام المنتفخة مع االشالات البيضاء بأسلوب بابوشكا (أي الشال المربوط تحت الذقن كما ترتديه النساء البولنديات والروسيات الكبيرات في السن). أما الرجال فكانوا يرتدون سراويل زاهية الألوان مع قمصان فضفاضة”.
إن استكشاف الماضي ليس نوعاً من الإستسلام أو التنازل بالنسبة لعدنان البابا، بل نوع من الكبرياء والأمل. إنه يتعلق بالمثابرة وتذكّر أنه مثلما كانت فلسطين أرض السعادة، كان الحلم بمستقبل أفضل ممكناً. وأنه ما يزال بإمكان فلسطين في عام 2019، احتضان أحلام الشباب بمستقبل أفضل. “آمل أن أتمكن قريباً جداً من البدء في نشر تصاميمي من مدينة غزة إلى العالم”.
قد تكون عدنان البابا تعيش وتعمل في عالمٍ تسوده الفوضى، ولكن طبيعتها مريحة وسلسلة ومرنة. ومن خلال تمثيلها للهوية فلسطينية متعددة الإنتماءات – وهي الهوية التي نادراً ما تُرى – تمنحكم علامتها الانتعاش والقوة.
إن العيش في مجتمعٍ محافظٍ مزقته الحرب ليس بالأمر السهل، ولكن البابا تستمد الوحي باستمرار من مرونة شعبها. فقد وجدت الشجاعة والإبداع لشن تمرد ضد الوضع الراهن، حيثُ تقول: “بعد الحصار والصراع وثلاثة حروب وتصعيدات لا تعد ولا تحصى، لا تزال غزة تتصرف كمراهقة متمردة ليس لديها ما تخسره”.
تعمل عدنانا البابا وفق شروطها وأسسها الخاصة دون الإلتزام بأي توقعات. وكونها تعمل على تحديد وتعريف مستقبل الأزياء في غزة، فهي تذكرنا دائماً بأنه علينا جميعاً أن نمتلك الجرأة لنحلم أحلاماً كبيرة. “نحن مدينون لأنفسنا بأن نكون متفائلين لأننا مصممون على أننا نستحق الأفضل”.