Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

من الجزائر إلى لبنان، هؤلاء الشباب لا يشعرون بالراحة لكونهم عرباً

أكون أو لا أكون، هذا هو السؤال.

لطالما كانت القضايا المتعلقة بالهوية مزعجة ومؤرقة للكثيرين من الأشخاص، خاصة بالنسبة لأولئك الذين ينحدرون من منطقة مثل منطقتنا، وإن لم تكن قوياً ومتوازناً بما يكفي من الناحية العقلية والنفسية، فلن تقوى في مرحلة ما من حياتك على مواجهتها وتخطيها بسلام.

مبدئياً، يتم وصف أي شخص ينحدر من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأنه عربي، إلا أن هذا الوصف قد يُثير لدى البعض الشعور بالاستياء والانتقاص.

وهنا تجدر الإشارة أنّه بالرغم من وجود الكثير من العناصر المشتركة التي تجمعنا، إلا أنّ هناك أيضاً العديد من التعقيدات والفوارق التي تميزنا عن بعضنا، في حين أن الكثيرين قد يشعرون بالراحة والتعاضد تحت مظلة مصطلح “عربي”، فإن آخرين يرفضونه أو يميلون للتدقيق فيه بعمق. في الواقع الهوية العربية ليست الوحيدة الموجودة في المنطقة، لذا فإنّ هذا المصطلح قد ينفي من وجهة نظر الكثيرين تعددية الخلفيات والثقافات الموجودة في المنطقة.

لذا وبهدف الاستفاضة في هذا الموضوع تحدثنا إلى شباب تونسيين وجزائريين ولبنانيين عن أسباب شعورهم بعدم الارتياح عند نعتهم بلقب “عرب”:

مليسا لكريب، جزائرية

بالرغم من أني ولدت في عائلة قبائلية اعتادت تناول طبق الكسكس التقليدي، وأرتدي ثياباً ملونة وأتحدث بلسان عربي، إلا أنني لم أشعر أبداً بالارتباط بالهوية العربية. إنني أحترم هويتي العربية، إلا أنني لم أشعر بانتمائي لها مطلقاً، لا لشيء، بل لأني نشأت في بلدة في جنوب الجزائر، ولم يكن الأطفال لطفاء معي على وجه التحديد لأنني لم أكن “عربية”. لكن من هو العربي الحقيقي في هذا الجزء من العالم؟

بالنسبة لي، اللغة العربية هي لغة السلطة الإمبراطورية، مثل اللغة العثمانية أو الفرنسية؛ والتي أحكمت سيطرتها علينا. لقد أصبحت هذه اللغة جزءاً منا وهي ليس بالضرورة سيئة الآن، إلا أنني لا أقوى على نسيان ما عانته قبيلتي.

بطرس نادر، مصري

أشعر بأني أفريقي ومصري ثم قبطي – بهذا الترتيب تماماً. تأتي أفريقيا في المرتبة الأولى لأنها القارة التي أنتمي إليها؛ هذه جذوري وأنا أفتخر بالمكان الذي أنتمي إليه، ثم تأتي بعدها هويتي المصرية وجنسيتي والأرض التي هي وطني حيث تعرّفت إلى الثقافات المتعددة الموجودة فيها بشكل متناغم. وفي النهاية أنا قبطي، وأعتقد بأننا جذور المجتمع المصري قبل الفتح العربي. بالرغم من أنني ما زلت أشعر بالفخر لكوني جزءاً من هذه الجمهورية العربية، إلا أنني أحرص دائماً على التطرق لهذه الحقيقة. القبطية ليست مجرد ديانة، بل هي اسم أحد المجموعات التي تواجدت في هذه البلاد بعد اليونانيين وقبل دخول العرب.

كذلك الحال مع أوروبا، فهناك العديد من الثقافات كما أنّ كل دولة تختلف عن الأخرى، لكن هذا لا يعني أنهم غير متحدين أو لا يدعمون بعضهم البعض، ولكن في نفس الوقت هناك بعض الأمور التي يجب ألا تذهب طي النسيان، وهذا الأمر ينطبق على منطقتنا وحتى في كل دولة على حدة بدءاً من الشمال إلى الجنوب، حيث سنجد الكثير من الاختلافات الواضحة والتي يجب علينا بذل قصارى جهدنا للتمسك بها.

Clique C، لبناني

باعتباري مواطن لبناني ولدت وترعرعت في الإمارات العربية المتحدة، وعشت في الولايات المتحدة لمدة عام وأقيم حالياً في تركيا منذ عام 2018، فقد منحني الانتقال المستمر من بلد إلى آخر والتعرف على أشخاص من جميع أنحاء العالم ينحدرون من خلفيات ثقافية مختلفة فرصة الانفتاح على جمال الاختلافات بين الثقافات واللغات والجوانب التقليدية لكل بلد.

في الواقع، لقد كان للتنقل أثر كبير على عقليتي وشخصيتي حيث لم يعد بإمكاني الادعاء بأنني لبناني أو قبول لقب “عربي” بعد الآن. أعتقد أن الحصول على جنسية / المواطنة بناءً على المكان الذي تنتمي إليه قد عفا عليه الزمن ويعتبر انتهاكاً لحقوق الإنسان. من الرائع التعرّف إلى الاختلافات الثقافية، إلا أنّ الحكومات التي تقسم الدول وتعطيها تسميات (عربية، آسيوية، أوروبية، لاتينية، إلخ) غير قادرة أبداً على رسم مستقبل مشرق للجنس البشري يسوده السلام.

ابتسام لقود، تونسية

خلال نشأتي، أتذكر مدرساً في مدرسة ابتدائية قال بأنّ العرب هم أناس يأتون من الخليج العربي في حين أنّ البقية كانوا مختلفين. بالرغم من أنّه لم يستفض بالشرح كوننا صغار، إلا أن هذا الكلام جعلني أفكر وأتساءل من أنا وما هي حقيقة هويتي.

وهو الأمر الذي دفعني للبحث في تاريخنا وثقافتنا حتى اكتشفت أن أستاذي كان على صواب. هل يتعلق الأمر باللهجة أو حتى بالأسماء، في الواقع الكثير منهم ينحدرون من جذور أمازيغية أو بربرية لا تجدها في أي مكان آخر في المنطقة. وإنكار ذلك أمر غير منطقي بالنسبة لي.

بصراحة، حتى يومنا هذا لا أعرف حقاً طريقة مثالية للتعبير عن نفسي، بالرغم من أنني أدرك تماماً بأني لست عربية بنسبة 100٪ إلا أنني لست أمازيغية بنسبة 100٪ ومع ذلك فهما جزء مني.

تم تعديل بعض الأسماء لأسباب تتعلق بهذه المقالة.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة