أن تكون مغني راب جيدًا هو عمل شاق، ولكن سولجا يجعله يبدو سهلاً للغاية. الشاب القادم من السودان شهد صعودًا مذهلاً خلال السنوات القليلة الماضية، مقتربًا خطوة بخطوة من لقب أكثر الفنانين الواعدين الذين خرجوا من بلده الأصلي، مع كل إصدار جديد. قبل انتقاله إلى القاهرة، موطنه المتبنى منذ عام 2021، صقل سولجا مهاراته في كل من ماليزيا والمملكة العربية السعودية، حيث أثرت إيقاعات كل بلد على صوته الخاص وأضفت عليه مستوى معينًا من العمق الذي يجعله يتميز عن معاصريه.
بفضل خلفيته المتنوعة، يسعى هذا الفنان متعدد المواهب، الذي يتنقل بين الهيب هوب والأنواع الموسيقية البديلة، إلى أن يُنظر إليه على أنه حامل شعلة للتبادل الثقافي والاندماج الفني، وهو ما يحاول تجسيده منذ ظهوره قبل أربع سنوات. بالنظر إلى التقدم الذي أحرزه والاعتراف الذي حققه خلال هذه الفترة، يمكن القول بأن سولجا يسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدفه في أن يكون “جسرًا بين الثقافات والتجارب والناس” كما يقول بنفسه.
“إذا استطعت أن أوفر لشخص لحظة من الفهم أو التأمل، أو إذا استطعت إلهام شخص ما للتعبير عن نفسه، فهذا هو الهدف. الأمر يتعلق بإنشاء روابط تتجاوز مجرد إيقاع جذاب أو كلمات ذكية. آمل أن أكون مصدر إلهام وتمكين، خاصة للفنانين الشباب الذين يخرجون من السودان”، قال مغني “حقيقة” لموقع ميل.
ألبومه الأول “ديجا فو”، الذي كان قيد الإعداد لفترة طويلة ويُعتبر واحدًا من أكثر المشاريع إثارة التي خرجت من المنطقة هذا العام، تم إصداره قبل أسابيع قليلة، ليكون أول بيان صوتي كامل له. الألبوم الذي يتألف من 14 أغنية يتنقل بين مجموعة واسعة من الأنواع والمواضيع، وكلها تعكس رحلة سولجا على مدار فترة ثلاث سنوات مضطربة تميزت بالحرب، النزوح، والاكتشاف الذاتي العميق. الألبوم الذي وزعته “إمباير” وأنتجته “سفن بيردز” بشكل تنفيذي، يأخذ المستمعين في رحلة صوتية غامرة، تجمع بين السرد المؤثر والإيقاعات التجريبية، مما يخلق تجربة تتفاعل بعمق مع الجمهور على المستوى الحسي والعاطفي.
فيما يلي، جلس موقع ميل مع النجم الصاعد للتعرف عليه أكثر ومناقشة مسيرته الفنية القادمة.
سولجا، حدثنا عن نفسك وكيف بدأت رحلتك مع الموسيقى.
لقد رأيت الكثير من العالم وأحاول ترجمة تلك التجربة إلى موسيقى. نشأت في السودان، لكن رحلتي أخذتني إلى ماليزيا، المملكة العربية السعودية، ومصر. كل مكان ترك بصمته علي، ويمكنك سماع ذلك في موسيقاي. على الرغم من رحلاتي حول العالم، بقيت دائمًا متجذرًا في تراثي السوداني وأسعى دائمًا لصنع موسيقى تكرم لغتي وثقافتي. بدأت صغيرًا، مستخدمًا الراب كوسيلة للتعبير عن أشياء لم أتمكن من وضعها في كلمات بأي طريقة أخرى. تدريجيًا، أصبح الأمر أكثر من مجرد هواية. أصبح وسيلة للتنقل بين تقلبات الحياة ووسيلة للاتصال بالآخرين الذين يشاركونني تجارب مشابهة.
يبدو أن إنشاء “ديجا فو” كان رحلة شخصية. هل يمكنك أن تخبرنا المزيد عن ذلك؟
“ديجا فو” عميق جدًا بالنسبة لي. إنه أشبه بمذكرات السنوات القليلة الماضية من حياتي. كانت العملية علاجية لكنها تحدٍ، خاصة مع الحرب في السودان. لكن هذه التحديات كانت أساسية في تشكيل الألبوم. كانت هناك أيام شككت فيها بنفسي، ولكن كانت هناك أيضًا لحظات من الوضوح حيث بدا كل شيء وكأنه ينقر في مكانه. هذا الألبوم هو مزيج من نضالاتي، أفراحي، وكل شيء بينهما. بينما أستمتع بالعفوية في إصدار الأغاني الفردية، فإن إنشاء ألبوم هو رحلة مُرضية تتيح لي الغوص بعمق في نفسي الإبداعية.
ما الفرق بين إصدار الأغاني الفردية وإصدار ألبوم؟
الأغاني الفردية تشبه الرسائل القصيرة من لحظة معينة في الزمن. أما الألبوم، فهو أشبه بكتابة كتاب. إنه صورة أعمق لمن أكون، وأين كنت، وما شعرت به. بينما تكون الأغاني الفردية رائعة للاتصال الفوري، فإن ألبومًا مثل “ديجا فو” هو المكان الذي أستطيع فيه حقًا رسم صورة لما أعيشه وهناك مساحة أكبر للتعبير عن نفسي والتجربة بأنماط مختلفة. على سبيل المثال، في “قصص”، أحاول إعادة تصور الأسلوب الموسيقي السوداني الكلاسيكي “الزنيق” بطريقتي الخاصة. إنه جزء من رؤية مستمرة لدي لتصدير هذا الصوت عالميًا.
بالتأكيد صوتك فريد من نوعه. كيف تطور هذا الصوت؟
صوتي هو مزيج من الثقافات والتجارب. إنه متجذر في أصولي السودانية ولكنه مغمور بكل شيء اكتسبته على طول الطريق. إنه يتطور باستمرار، وأنا متحمس لرؤية إلى أين سيأخذني. ربما سأدمج عناصر دولية أكثر أو أجرب أنواعًا جديدة. الاحتمالات لا حصر لها.
يبدو أن ارتباطك بمستمعيك، خاصة في السودان، مهم جدًا لك. هل يمكنك التوسع في ذلك؟
الاتصال مع مستمعي كان دائمًا ذا أهمية كبيرة بالنسبة لي. إنه شعور متواضع أن تعرف أن موسيقاي تتردد معهم. إنه يجعلي متأصلًا ويذكرني بسببي في صنع الموسيقى. إنه تذكير بأنه بغض النظر عن المكان الذي أذهب إليه، يبقى جزء مني في السودان، وهذا الجزء يتحدث من خلال موسيقاي.
كيف أثرت حياتك كفنان على منظورك؟
كوني فنانًا فتح عيني بطرق عديدة. لقد علمني عن الصمود، عن قوة الصوت، وعن التأثير الذي يمكن أن تحدثه من خلال فنك. إنه دور لا أخذه بخفة، وأنا ممتن للمنصة التي منحتني إياها.
هل هناك مجالات فنية أخرى تهتم باستكشافها؟
نعم، بالتأكيد. الفن بأي شكل من الأشكال هو وسيلة قوية للتعبير. الانغماس في أشكال فنية مختلفة هو شيء أنا منفتح عليه. أعتقد أن هناك الكثير من الأراضي غير المستكشفة حيث تتقاطع الموسيقى مع أشكال أخرى من الفن. لقد بدأت أيضًا في تجربة الجانب المتعلق بالموضة في الموسيقى.