يمكن القول إن واحدة من أكثر الطرق فعالية لإعادة قضية تغير المناخ إلى عناوين الأخبار هي برش الأعمال الفنية المرموقة بسائل من نوع ما. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة مثيرة للجدل وغالبًا ما تُعتبر وسيلة متطرفة لجذب الانتباه، إلا أن تغطية الأعمال الفنية الشهيرة بالطلاء أو الحساء أو الكعك أصبحت استراتيجية يتبناها العديد من الناشطين البيئيين الذين يسعون إلى المطالبة باتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من الاحتباس الحراري. وعادت هذه التكتيكات الملفتة للأنظار إلى الواجهة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
في 28 يناير، تم تصوير اثنين من المحتجين على تغير المناخ وهما يرشّان لوحة الموناليزا الشهيرة بحساء اليقطين في متحف اللوفر بباريس. وسرعان ما أعلنت مجموعة “ريبوس آلمنتير” البيئية، التي يُترجم اسمها بشكل فضفاض إلى “الرد الغذائي”، مسؤوليتها عن الحادثة عبر حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن هذا الفعل كان جزءًا من حملة أوسع تهدف إلى تسليط الضوء على هدر الطعام والممارسات الزراعية غير المستدامة.
لحسن الحظ، لم تُصَب اللوحة التي تعود إلى القرن السادس عشر بأي ضرر، حيث كانت محمية بزجاج واقي. ويُظهر مقطع فيديو للحادثة المتظاهرين وهم يرشّون الحساء قبل أن يواجهوا زوار المعلم الباريسي بالسؤال: “ما الأهم؟ (…) الفن أم الحق في نظام غذائي صحي ومستدام؟”
🦺 ACTION EN COURS – PARIS
Dimanche 28 janvier. 10h00
2 citoyennes engagées avec la nouvelle campagne Riposte Alimentaire ont aspergé de soupe le tableau “La Joconde” mondialement connu, exposé au Musée du Louvre. [1]#RiposteAlimentaire #A22Network #Joconde #Louvre pic.twitter.com/wfdUhf6K5G
— Riposte Alimentaire (@riposte_alim) January 28, 2024
في الماضي، شهدت أحداث مشابهة استهداف لوحات لفان جوخ وبيكاسو بنفس الطريقة، ولكن نظرًا لمدى خطورة الوضع الذي نعيشه جميعًا، يمكن للمرء أن يتساءل كم عدد الأعمال الفنية الأخرى التي يجب أن تُشوه قبل أن ندرك جميعًا ونتعامل مع خطورة هذا الصراع الملح.
نعم، قد لا تكون الاستفادة من الصدمة لجذب الانتباه هي الطريقة المثلى لنقل الرسالة، حيث يميل الناس إلى التركيز أكثر على الوسيلة بدلاً من الهدف. ومع ذلك، يبدو أن هذه الوسائل أصبحت الطريقة الوحيدة لاختراق الضجيج وجذب الانتباه الكافي للقضايا المطروحة. ومع تزايد تكرار هذه الأحداث، لماذا يبدو من الصعب علينا تحديد القاسم المشترك بينها ومعالجته؟
لنكن صريحين، لا يمكن لأي شخص عاقل أن يُلحق ضررًا بقطعة أثرية قديمة عن طيب خاطر، أو يقضي ساعات في الاحتجاز، ويواجه محاكمة طويلة في المحكمة. ومع ذلك، إذا أصبح اللجوء إلى مثل هذه التطرفات ضروريًا لكي يُسمع صوت شخص ما، ألا يشير ذلك إلى مستوى عميق من الإهمال تجاه قضية تستحق بوضوح اهتمامًا أكبر؟ وبصراحة، يبدو أن هذه الأساليب بالكاد تكفي، حيث تظهر المؤسسات المعنية وكأنها تبذل جهودًا قصوى لحماية أعمالها الفنية بدلاً من توجيه كل جهودها ومواردها نحو معالجة الأسباب الجذرية وراء مثل هذه الممارسات.
ومع تحمل القطع الأثرية الثقافية العبء الأكبر من هذه الاحتجاجات الرمزية، يستحق الأمر التساؤل: كم مرة أخرى يجب أن يلجأ فيها المحتجون إلى هذه التدابير القصوى، وتكرار وسائل الإعلام تقاريرها عنها، قبل أن نقرر أخيرًا أن نفعل شيئًا حيال ذلك بدلاً من المشاهدة المتواطئة على سقوطنا المحتمل؟