نادراً ما تكون مهنة التمثيل تُمنح على طبق من فضة، إلا إذا كنت محظوظاً بما يكفي لأن تكون قد وُلدت في عائلة فنية. في الواقع، النجاح في هذه الصناعة يتطلب سنوات عديدة من التدريب المكثف، وعدد لا يُحصى من الساعات التي تُقضى في التدريبات، بالإضافة إلى التحلي بالمرونة الكبيرة في مواجهة الرفض. ولكن أحياناً، كل ما يحتاجه الأمر هو ضربة حظ. فقط اسأل عارض الأزياء المصري البالغ من العمر 25 عاماً، عمر شريف، الذي حصل على أول دور تمثيلي كبير له دون حتى أن يسجل شريط اختبار.
عمر، الذي يقود إحدى أحدث إصدارات MBC، مسلسل “بطن الحوت” على منصة “شاهد”، وُلد في القاهرة (لا يجب الخلط بينه وبين النجم المصري الراحل عمر الشريف). في المسلسل، يلعب عمر دور “كاش”، اليد اليمنى لزعيم مخدرات محلي يُدعى مروان، يساعده في أعماله اليومية بينما يصارع مع بوصلته الأخلاقية. وبشكل مفاجئ، وجد نفسه يتصدر الساحة الفنية في المنطقة، في وقت يتمتع فيه بالفعل بشعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي. شرح عمر أن انتقاله إلى عالم التمثيل كان مصادفة، وربما حتى نتيجة القدر. بينما يعتقد البعض الآخر أنه كان في المكان المناسب في الوقت المناسب.
قال عمر لـ “MILLE”: “أتذكر أنني كنت أجلس في مطعم وأنا أرتدي ملابس سوداء بالكامل، ما لفت انتباه المخرج أحمد فوزي”. وأضاف: “يبدو أنه لم يكن يعلم من أنا، أو أن لدي عدد كبير من المتابعين عبر الإنترنت. شعرت وكأن أسلوبي كان كافياً ليعتبرني لدور ما. من هنا بدأ على الفور يخبرني عن الدور وكيف سيكون له علاقة بعالم المافيا، وهو أمر يميل الناس لربطي به بسبب مظهري”.
بعد انضمامه إلى طاقم العمل الرسمي، شارك عمر في مسلسل يضم مجموعة من الأسماء البارزة في المنطقة، مثل أحمد فهمي، سمية الخشاب، وأسماء أبو اليزيد. كانت تجربته الأولى في التمثيل التلفزيوني سلسة نسبياً، بفضل التوجيه الذي حصل عليه من زملائه في موقع التصوير.
اعترف عمر قائلاً: “هذا كان أول دور كامل لي، ولم أجد صعوبة كبيرة فيه، لأن التمثيل شيء يبدو طبيعياً بالنسبة لي”. وأضاف أن شخصيته في المسلسل تشبه إلى حد كبير شخصيته الحقيقية، مما جعل انتقاله إلى هذا الدور أمراً سهلاً. وأثناء تفكيره في ذلك، تساءل عما إذا كان سيناريو مختلف أو طاقم عمل آخر قد جعل تجربته الأولى أكثر تحدياً.
أشار عمر إلى الدعم الذي حصل عليه من فريق الإنتاج، قائلاً: “أعتقد أن أهم مصدر للتوجيه يأتي من المخرج”. وأضاف: “لحسن الحظ، أصبحت صديقاً لمخرجنا، مما جعل العملية بأكملها أكثر سلاسة ومتعة. لا أستطيع أن أتخيل كيف سيكون الحال مع شخص لا يتوافق مع رؤيتي الإبداعية”.
ومع ذلك، وكما يُقال، “ليس كل ما يلمع ذهباً”. في حالة عمر، كادت المشاكل التي وقعت خلف الكواليس أن تفسد تجربته العامة. بعد عرض “بطن الحوت”، تم تغريم صناع المسلسل مبلغ 100,000 جنيه مصري (3,236 دولار) من قبل نقابة الممثلين المصريين، الذين زعموا أن اختيار صانع المحتوى على تيك توك، كروان مشاكل، يتعارض مع مبادئ وقيم النقابة. علق عمر على هذه القضية قائلاً إنه لم يفهم أو يتفق مع القرار، وهو موقف يتماشى مع صعوده كمشهور على إنستغرام أولاً.
قال عمر: “أرى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي وكالة كبيرة لاختيار الممثلين”. وأضاف: “بصراحة، إذا كنت مخرجاً ورأيت شخصاً ما على خلاصة حسابي، لا أرى سبباً لعدم النظر فيه”. وتابع قائلاً: “العديد من صانعي المحتوى عبر الإنترنت يُنظر إليهم على أنهم ‘مهرجون’ من قبل المجتمع، وهذا يجعلني أضحك. إذا كان شخص ما لديه الدافع للتمثيل، والتصوير، وتحرير الفيديو، ثم نشره، لماذا نحاول إيقافه؟ إذا كانوا يرون أنفسهم فنانين، حتى لو لم يصدقهم أحد، من أنا لأقول إنهم ليسوا كذلك؟”.
وأضاف: “دور النقابة مهم، هذا لا شك فيه، لكنني أجد أنه من غير المجدي عدم جلب أشخاص من تيك توك، إنستغرام، أو يوتيوب – من يدري؟ قد تكون النتائج أفضل من جلب شخص تم تدريبه بشكل كلاسيكي”.
بفضل مسيرة غنية في عالم الأزياء، الموسيقى (كموسيقي هارمونيكا)، والآن التمثيل، يمتد نطاق مواهب عمر إلى ما هو أبعد مما يبدو لأول وهلة. يتمتع بقدرة غير عادية على التنقل بين مجالات فنية مختلفة، ويعكس ذلك فهمًا عميقًا للطيف الإبداعي. وعلى الرغم من صعوبة التنقل بين ثلاثة مجالات مختلفة، لا يُظهر عمر أي علامات للتراجع، حيث يرى في التحديات فرصاً للنمو.
قال عمر: “قبل ‘بطن الحوت’، كنت أركز أكثر على الموسيقى، وأتمنى أن أتمكن من ممارستها أكثر”. وأوضح أن الاستقبال الإيجابي الواسع للمسلسل دفعه لمواصلة مسيرته الجديدة في التمثيل. وكشف أيضاً عن مشاركته في فيلم جديد يُدعى “رمل”، إلى جانب التزامات أخرى ستملأ جدول أعماله المزدحم. واختتم قائلاً: “من المهم أن تكون واعياً بالمكان الذي تتواجد فيه والفرص التي تأتي معه”.
وأضاف: “النمذجة، التمثيل، والموسيقى تتكامل معاً. أرغب في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وأحد هذه المجالات سيسلط الضوء على الآخر، وسيكون كل منها مفيداً في مواقف مختلفة”. وأضاف: “إذا كنت جيداً في شيء ما، يجعلني ذلك أرغب في العمل أكثر، وفي النهاية يمكن أن يساعد في تغيير العقليات والأفكار في البلاد وربما حتى في المنطقة”.