هل نسبة الحلال/ الحرام من أهم معايير المواعدة؟

الحب في العصر الحديث

بالنسبة لأولئك الذين لم يلاحظوا من مقالي الماضي عن المواعدة، فأنا الآن بعلاقة ملتزمة مع ذاتي ونفسي، فبعد قضاء بضع سنوات مع الشخص الذي اعتقدت أنه الشريك المثالي الذي كنت أبحث عنه، وجدت نفسي أبحث عن شريك جديد. لكن هذه المرة أصبحت أكثر خبرة وتبصراً من ذي قبل.

في مقالتي السابقة، تطرقت إلى مدى صعوبة دخول العربي بعلاقة حب مع شخص من خارج مجتمعه وتحدثت عن كونها مسألة مؤرقة ومزعجة، ولم أكن أدرك يومها بأن الوقوع في حب شخص من بلد قريب من موطنك هو أمر لا يقل إحباطاً.

في الواقع، بالرغم من صغر سني إلا أنني أمضيت معظم حياتي في الغرب، حيث وجدت نفسي عالقاً بين ثقافتين وتقاليد وأساليب حياة متناقضة تماماً. ناهيكم عن علاقتي بالإيمان والله، إذ لم أذهب يوماً للمسجد، كما لم يكن لديّ مجموعة كبيرة من الأصدقاء المسلمين، بسبب افتقار محيطي للأشخاص الذين ينتمون للمنطقة التي أنحدر منها. بالرغم من أنني لم أجد متسعاً من الوقت لأداء الصلاة والصوم بشكل صحيح أو حتى قراءة القرآن عندما يتوجب علي فعل ذلك، إلا أنني لا أرى نفسي أقل من أيّ مسلم آخر، يمكنني أن أقول بأنني شخص “يمارس الدين بشكل عملي”. أو شخص يبذل قصارى جهده لممارسة شعائر دينه.

أن تكون مسلماً على الورق، أفضل بكثير مما يستلزمه منك الإسلام فعلياً، وأجد نفسي عالقاً بين الأمرين. الذهاب إلى صلاة الجمعة ثملاً؟ قمت بذلك. ترفض أكل لحم الخنزير لأنّه محرّم، بالرغم من أنّك تفعل بعض الأمور الأخرى المحرمة؟ حدث ذلك أيضاً.

هل تفهمون قصدي؟ بالرغم من أنني أطمح لفعل ما هو أفضل، إلا أنّ الأيام تثبت أنني لن أكون متدنياً أبداً. من منظور الدين، أنا عالق في مكان ما بين الالتزام ببعض التعاليم وترك بعضها الآخر، وهذا معيار الحرام / الحلال بالنسبة لي، وهو معيار هام جداً بالنسبة لي فيما يتعلق بالمواعدة.

وبالرغم من أنّ الاعتراف بالحقيقة أمر صعب، إلا أن فكرة العثور على شريك لديه ذات المعايير الدينية التي لديك، هو بالتأكيد أمر مربك للغاية. أجل، أنا لست مسلماً مثالياً، إلا أنّ لدي معايير خاصة لما هو مقبول أو مرفوض. إنه أمر منطقي بالنسبة لي ويمنحني الشعور بالراحة والرضا. لذا من المنطقي بالنسبة لي أن يتمتع شريكي بنفس المعايير التي لديّ.

وكما يعلم معظم المسلمين، أنّه لا يوجد معيار حقيقي “للحرام” في الإسلام (باستثناء بعض الأمور) ولكل خطيئة عقوبتها. إذا كان هناك شيء حرام فهو حرام، وذات الأمر ينطبق على الأشياء الحلال. ومع ذلك هذا ليس أسلوبي الشخصي في كل الأوقات، فقد فعلت بعض الأمور رغم أنّها محرمة، في حين ابتعدت عن أمور أخرى لأنّها محرّمة، ولا مكان للمنطقية هنا. في الواقع هذا الكلام هو نتيجة تجربة شخصية ممزوجة بدروس الحياة، وبصراحة عندما يتعلق الأمر بالمواعدة، أجد نفسي في مواجهة مهمة إضافية تتمثل في العثور على شخص يفكر بنفس طريقتي.

لكلٍّ منا معيار مختلف للحلال والحرام، وبهدف الاستفاضة في هذا الأمر، تحدثت مع بعض الأصدقاء، وكان لدى أحدهم وجهة نظر مثيرة للاهتمام وتستحق المشاركة.

وفي هذا الشأن يقول صديقي “بالنسبة لي، يتعلق الأمر كله بالذنب والطمأنينة. كل ما أهتم به هو أن لا أكون وحدي من يفعل الخطيئة، وإذا انتهى بي الأمر في الجحيم فسأكون على الأقل مع نصفي الآخر. أنا أؤمن بمقولة “إن سقطت، نسقط معاً”.

ثم تابع “من وجهة نظري، هذا يرفع العبء عن كاهلي ويجعلني لا أشعر بأي ذنب تجاه أي شيء ما عدا الشيء الذي ألوم نفسي عليه. من المريح بالنسبة لك أن تعرف أن هناك شخصاً مثلك يتفق مع أفكارك دون الحاجة إلى تبرير موقفك”.

بالرغم من أن طريقته في التفكير مبالغ فيها، إلا أنّ وجهة نظره قد تبدو منطقية بطريقة ما. ثم تحدث عن المسؤولية التي تحملها على عاتقك تجاه أطفالك من وجهتي نظر دينية ومجتمعية:

حيث أردف قائلاً “إن تشابه وجهات النظر بين الوالدين تجاه الدين يُضفي على المنزل الشعور بالاستقرار والراحة، وهو أمر أساسي يجب أن تبني عليه أسرتك. تخيل أن ترى والدتك تفعل أمراً بذريعة أنّه حلال ومشروع في حين أنّ والدك يفعل عكسه، في الواقع لا أعرف كيف كنت سأنظر للأمر من وجهة نظر طفل. أنا متأكد من أن هناك الكثير من الأمور التي نجحت في تخطّيها، إلا أنّ هناك ذنوب لا زلت أعمل جاهداً للتخلص منها، فأنا لا أريد المخاطرة بمكاني في الجنة أكثر من ذلك (يضحك)”.

بالرغم من أن هناك عدد قليل من الناس الذين يمضون وقتهم في التفكير في معايير الحلال/ الحرام، إلا أنه أمر يستحق التفكير ملياً قبل الانتقال إلى المرحلة التالية من أي شيء، ومع ذلك يبقى من الصعب فعل ذلك. كيف يمكن أن تطرح على الناس هذا السؤال؟ كيف تسأل شخصاً عن معايير الحلال والحرام بالنسبة له دون أن تكون غريب الأطوار؟ وكيف لك أن تعرف مدى صدق هذا الشخص؟ كيف يمكنك أن تكون واثقاً من أنّك لن تتغير في المستقبل؟ ماذا لو أصبحت أكثر تديناً؟ أو أقل؟ أو ماذا لو فعل الشريك ذلك؟

اعتقد أن هذا هو سبب قولهم بأنّ التواصل هو أساس كل شيء. وإن لم تكن ماهراً في التواصل، فهناك موقع لحساب معايير الحلال/ الحرام سيجعل العملية سلسة للغاية، وهو موقع يقوم بالتحديد بما ذكرته. إنه “المقياس المسلم” (Muslim Ratio)، وهو يقوم بما يوحي به إسمه تماماً.

 

صورة مقدمة من “مجنون فرح” لليلى بوزيد

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة