تقدم لنا شخصية كارما في برنامج “حب أعمى، حبيبي” على نتفليكس نسمة جديدة: امرأة عربية تتحدى الصور النمطية التي لطالما سيطرت على تمثيل النساء العربيات. لعقود، تم حصر النساء العربيات في إطارين متطرفين: إما أن يكن “غامضات” ومبالغ في تأججهن، أو مكبوحات ويفتقرن إلى الإرادة. ولكن مع كارما، نشهد نموذجًا جديدًا لامرأة قوية ومستقلة، لا تخاف من اتخاذ قراراتها، حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن علاقة لا تحتضنها بالكامل.
علاقتها القصيرة مع طبيب الأسنان السوري عمار تعكس هذا الديناميكية بوضوح، كما تكشف عن المعايير المزدوجة التي تواجهها العديد من النساء العربيات في حياتهن اليومية. عمار يتحدث عن القيم التقليدية ويتوقع من شريكته أن تتوافق معها، لكنه يختار كارما – الراقصة الناجحة والطموحة. بدلاً من احترام شغفها بالرقص كجزء من هويتها، يسعى عمار إلى تغييرها، ويضع أمامها خيارًا صعبًا: إذا أراد أن يكونا معًا، فعليها التخلي عن الرقص. هذه الديناميكية مألوفة جداً، حيث تسلط الضوء على التناقض الذي تواجهه الكثير من النساء الطموحات: رجال يقولون إنهم يريدون شريكة “تقليدية”، لكنهم ينجذبون في الواقع إلى النساء الناجحات وذوات الثقة، بشرط ألا يهدد ذلك إحساسهم بالسيطرة. وفي النهاية، انفصل الثنائي بعد أن أوضح عمار أنه لن يحضر أي من عروض رقص كارما.
تتعمق مشكلة النفاق عندما تتحدث كارما بصراحة عن معايير عمار المزدوجة. في إحدى اللحظات، يعبّر عمار عن عدم ارتياحه للرقص، لكنه لا يتردد في استعراض جسده العاري أمام الكاميرا. لا تتردد التونسية البالغة من العمر 30 عامًا في الإشارة إلى هذا التناقض، مسلطة الضوء على القاعدة غير المعلنة التي تواجهها الكثير من النساء: يبدو أن معايير الحشمة والتوقعات الثقافية تنطبق بشكل انتقائي. في العديد من الحالات، يشعر الرجال أنهم أحرار في تجاوز الحدود، في حين يُتوقع من النساء الالتزام بقواعد معينة. كارما تتحدى هذا النظام، مؤكدةً أن النساء يجب أن يتمتعن بالحرية في التعبير عن أنفسهن دون خوف من الحكم أو الانتقادات.
يمكنني أن أشبه قصة كارما برحلة هانا نيلمان، المعروفة باسم “باليه فارم” لملايين متابعيها، وهي شخصية أمريكية على وسائل التواصل الاجتماعي وراقصة سابقة، تم قبولها في مدرسة جوليارد، التي تقبل فقط حوالي 12 راقصة في السنة. ومع ذلك، رفضت هذه الفرصة الفريدة لأن زوجها الآن أراد “زوجة تقليدية”. على الرغم من أن قرارها كان خاصًا بها، إلا أنه يعكس التوقعات السائدة بأن النساء يجب أن يكن مستعدات للتضحية بطموحاتهن من أجل تفضيلات شركائهن. أما كارما، فقد اختارت طريقًا مختلفًا، مفضلة نفسها وشغفها بالرقص على علاقة لا تستطيع قبولها بالكامل. إنها رسالة قوية للنساء العربيات، تُظهر أن كونك صادقًا مع نفسك لا يعني التخلي عن ثقافتك أو قيمك.
وفي حلقة إعادة لم شمل برنامج “حب أعمى، حبيبي” التي عُرضت في 2 نوفمبر، برزت كارما كقوة دفاع عن النساء. عندما تعرضت نور لهجوم من عدة رجال في الطاقم، بما في ذلك عمار، كانت كارما أول من دافع عنها، حتى قبل المقدمين الذين تدخلوا لاحقًا. من خلال كسر الصمت الذي يحيط غالبًا بالنساء في مواجهة الانتقادات العامة، خاصة في وجود الرجال، أكدت كارما أن لدى النساء الحق في الدفاع عن أنفسهن وعن بعضهن البعض. في النهاية، أثبتت أن كارما ليست كما يُشاع عنها، بل هي رمز للقوة والدفاع عن حقوق المرأة.