أفضل ما حصل في عرض السوبر بول لكندريك لامار؟ المحتج الذي يلوح بعلم فلسطين والسودان

بطل

“يا لها من مفارقة! 8 ملايين دولار ثمناً لإعلان مدته 15 ثانية في السوبر بول، بينما حظيت غزة والسودان بلحظات مجانية لا تقدر بثمن. ففي ليلة الأحد المشتعلة، وخلال عرض الفنان “كندريك لامار” في السوبر بول “LIX”، حدث ما لم يكن في الحسبان: اقتحم أحد النشطاء المتضامنين مع فلسطين أرض الملعب، متخفيًا بزي الراقصين، ثم ما لبث أن انفصل عنهم ليشهر علمًا وحد ألوان فلسطين والسودان، منقوشًا بكلمتي “السودان” و”غزة”. للحظات، تجمدت أنفاس العالم قبل أن تتدخل قوى الأمن وتطيح به.
هوية البطل المجهول لم تُكشف، لكنه نجح في مهمته أيما نجاح، فقد أوصل صرخة مدوية وهو يعتلي سقف إحدى السيارات في العرض، ملوحًا براية العزة قبل أن يسقط في قبضة القانون. رابطة دوري كرة القدم الأمريكية (NFL) أكدت أن هذا المحتج كان جزءًا من فريق العرض المؤلف من 400 شخص، وأنه سيُمنع منعًا باتًا من دخول أي ملعب تابع للدوري مدى الحياة. أما العقوبات القانونية التي تنتظره، فتبقى طي الكتمان.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by MILLE (@mille_world)

هذا المشهد الجريء يأتي في خضم أزمات طاحنة تعصف بكل من غزة والسودان، وهما منطقتان ترزحان تحت وطأة صراعات مدمرة وتبعات إنسانية لا تطاق. غزة، تلك البقعة الصغيرة المكتظة بالسكان والتي لا تتجاوز مساحتها 360 كيلومترًا مربعًا، تحولت إلى ساحة حرب ضروس خلال عدوان 2023 بين إسرائيل وحماس، مخلفة وراءها دمارًا شاملًا وخسائر بشرية فادحة، قبل أن يلوح في الأفق شبح هدنة هشة. تصريحات الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” خلال السوبر بول حول “شراء غزة وامتلاكها” صبت الزيت على النار، لتزيد الجدل حول مستقبل القطاع.
أما السودان، فالأزمة هناك أكثر تعقيدًا وتشابكًا. فمنذ الإطاحة بنظام “عمر البشير” في 2019 والانقلاب العسكري في 2021، انزلقت البلاد إلى أتون صراع دموي بين الجيش وقوات الدعم السريع. المعارك الطاحنة حصدت أرواح أكثر من 28 ألف شخص، وتسببت في أزمة إنسانية كارثية، حيث يكابد الملايين ويلات الجوع، حتى أنهم اضطروا لأكل الحشائش للبقاء على قيد الحياة في ظل مجاعة مدمرة.
ما رأيناه في السوبر بول هو تذكير صارخ بكيفية اقتحام القضايا السياسية لأهم الفعاليات الثقافية، وتحويلها إلى منابر للاحتجاج والتعبير عن الرأي. هذا الناشط استغل واحدًا من أكثر الأحداث الرياضية مشاهدة في العالم لتسليط الضوء على مآسي غزة والسودان، موحدًا بين قضيتين متشعبتين في لحظة تحدٍ واحدة.
وبالرغم من أن وسائل الإعلام ركزت على عنصر المفاجأة، إلا أن القضايا الأساسية التي أثارها هذا العمل البطولي تستدعي منا وقفة تأمل أعمق. هذا الحدث يفتح الباب أمام نقاش جاد حول دور الفعاليات الجماهيرية في إبراز الأزمات العالمية التي قد لا تحظى بالاهتمام الكافي، ومدى تأثير هذه الاحتجاجات في تشكيل الرأي العام والسياسات الدولية.
يبقى تداخل عالم الترفيه والرياضة بالسياسة موضوعًا خلافيًا لا ينتهي. فالسوبر بول، بصفته حدثًا رياضيًا ضخمًا، قدم لنا صورة جلية عن التناقض الصارخ بين الاحتفال الجماهيري والجدال السياسي، ما يعكس التداخل العميق بين الشؤون العالمية والثقافة الشعبية.
ما حدث خلال عرض “كندريك لامار” لم يكن مجرد لحظة عابرة في ليلة صاخبة، بل كان مرآة تعكس صراعات أكبر يعيشها الملايين في غزة والسودان. ففي عالم تهيمن فيه وسائل الإعلام والرياضة على سرد الأحداث، تبرز مثل هذه اللحظات كتذكير صارخ بقوة المنصات الجماهيرية في إيصال الرسائل السياسية وإثارة النقاش حول القضايا التي لا يمكن تجاهلها.”

اقرؤوا أيضا

بالنسبة للفنانة المقيمة في غزة ريم حزارين، الفن هو أداة للمقاومة

كورتيز تجمع أكثر من 200,000 دولار لدعم غزة والسودان والكونغو

 

شارك(ي) هذا المقال