لعلّ الموسيقى التصويرية المصرية هي أكثر الأشياء أصالة في مسلسل Moon Knight

لقد اكتفينا من التصوير النمطي للشرق

لا نعلم ما الذي تنتظرونه في حال لم تشاهدوا مسلسل Moon Knight بعد، ربما كان الدافع لمشاهدته هو رؤية عالم Marvel بنسخة تشبهنا وأقرب إلينا، أو لمشاهدة تقنية التصوير الرقمي أو لتتبع الحبكة التي تعالج “اضطراب الهوية التفارقي” الحالة التي تتفكك فيها شخصية الفرد وإحساسه بذاته كنتيجة لضغوطات نفسية شديدة، ومنه نجد أن لكل شخص سبب يدفعه في النهاية لمتابعة هذه السلسلة من Disney+.

يبدو أن مسلسل Moon Knight الذي أخرجه محمد دياب يحتوي على مواضيع دسمة بما يكفي ليكون مستساغاً ومسلياً لأبعد حد، ولكن كل هذا لم يساعدني على تجاهل الصورة النمطية للشرق ولمصر بالتحديد التي عادةً ما تقدمها هوليوود على الشاشة.

إن تحفظي على مسلسل Moon Knight لم يكن بسبب نصه أو الـMise-en-scène الخاصة بمشاهده أو تقنية الـCGI البائسة التي تم استخدامها في مشهد مطاردة السيارات في الحلقة الأولى ولا حتى بسبب اللهجة البريطانية الغريبة، إن الأمر له علاقة بالتصوير النمطي للحضارة المصرية لتوجيهه نحو الجمهور الغربي، يعتمد المسلسل الفكاهي الأصلي لـMarvel بشكل كبير على الأساطير المصرية حتى لا يتم ظُلم دياب، ولكن المشكلة تكمن في الابتعاد عن الحقائق.

يبدأ المسلسل بظهور Steven Grant وهو مرشد سياحي غريب الأطوار يعمل في المتحف البريطاني لنشاهده في الحلقة الافتتاحية من Moon Knight وهو يشارك شغفه بالثقافة المصرية القديمة مع شاب لا يدرك شيئاً، لتتحول المعتقدات القديمة إلى “حقائق” وهذا أمر مُتوقع أن نراه في أي سلسلة مستوحاة من Marvel، ولكن تتجه الأمور نحو الأسوأ عندما تذهب شخصيتنا “متعددة الأوجه” إلى مصر في الحلقة الثانية.

actors egypt moon knight

(مصر لا تشبه هذا المنظر)

كما سيخبرك أي مصري فقد استخدمت هوليوود هذه الاستعارات أوالكليشيهات وأفرطت في استخدامها مرات لا تحصى لدرجة أنها أصبحت مثيرة للضحك كالشاب الذي يضع الكحل في عينيه، والأحذية المقيتة التي تشمل النعال أو فكرة أنه كلما قام فيلم أو مسلسل بذكر أم الدنيا سيكون هناك بطريقة ما علاقة بماضيها العتيق. لكن لا شك أن هناك سبب وراء استمرار هذه الكليشيهات التي لا تزال سائدة على الشاشة حتى اليوم.

إن التصوير النمطي للحضارة المصرية القديمة ليس شيئاً جديداً بكل الأحوال، فقد رأيناه عدة مرات عبر تاريخ السينما؛ ولنأخذ على سبيل المثال “المومياء”، فإضافة للطرح  المستمر لفكرة أن مقابر مصر القديمة ملعونة أو بها أرواح شريرة بداخلها (ثقوا بنا لا يوجد شيء من هذا) اختاروا أيضاً ألا يكون بطل هذه الحكاية مصرياً ولا شخصاً من المنطقة بل مستعمر أبيض عريض الفك واسمه Brandon Frazier.

egyptian actors moon knight

(هؤلاء الناس ليسوا مصريين)


(ولا هؤلاء حتى)

تتحمل كل من المعرفة العامة المحدودة والصحافة الأجنبية السيئة غالب المسؤولية فيما يخص معظم الأفكار التي كونتها الدول الغربية حول الثقافات الخارجية، وأرى أن سبب استمرار وجود هذه الكليشيهات حتى يومنا هذا هو أن الجمهور الغربي أصبح “يحبها” وهذا غير مقبول بالنسبة لي فنحن نعيش في عصر حديث حيث لا يتطلب منك التحقق من أي شيء يخص مصر سوى بحث سريع في Google أو تذكرة طيران. لقد حان الوقت لإخماد الخيال والتفكير كإدوارد سعيد.

أعتقد أن المخرج المصري دياب حاول جاهداً تجنب المزيد من الاستخدام الصارخ للكليشيهات في مسلسله، فقد كان صريحاً في أهدافه وسبق وصرح حول كيف يتم تمثيل المصريين في مقابلات سابقة له حيث قال: “غالباً ما تتم رؤيتنا من خلال هذه النظرة الاستشراقية التي تصورنا بشكل غريب ومختلف تماماً، حيث النساء خاضعات والرجال أشرار، إضافة لمسألة كيف يتم تصوير البلد في كثير من الأحيان بطريقة تجعله يبدو غريباً للغاية وكأنه من أرض الخيال أو الأحلام.

ولكن من الصعب التقليص من تلك الصورة النمطية عندما نكتشف أن تصوير الفيلم تم في بودابست والإنتاج كان على يد شركة Disney.

إن التعويض الوحيد بالنسبة لي حقاً كان الموسيقى التصويرية، وبشكل أكثر تحديداً الأغاني التي تم تشغيلها في نهاية كل حلقة. لم أكن لأتخيل أبداً أنني قد أستمع لموسيقى مهرجانات في مسلسل تابع لـDisney+، مما جعلني أتفاجأ بسرور عندما بدأت سماع إيقاع Bass مألوف بالنسبة لي في نهاية الحلقة الثانية لتظهر أغنية “الملوك” لأحمد سعد والتي يشاركه فيها كل من عنبة ودبل زوكش.

في حال تجاهلنا موضوع ولعي الشديد الذي قد يكون غير صحي بالموسيقى الشعبية، سنجد أنفسنا مع ذلك مذهولين بموسيقى المسلسل نفسه التي ألفها هشام نزيه الملحن المصري الذي يملك أكثر من 20 عاماً من الخبرة في هذا المجال، حيث أغنت موسيقاه العديد من الأفلام التي كان من بينها فيلم Blue Elephant (الفيل الأزرق) إضافة لتأليفه لموسيقى حفل موكب الموميات الملكي.

استطاع نزيه من خلال موسيقاه أن يضفي على Moon Knight نكهة فريدة لا تشبه الأسلوب المعتاد لـMarvel. اشتملت الموسيقى التصويرية بالإضافة إلى الفنانين المصريين على ملحنين وفنانين قادمين من الماضي والحاضر ومن العالم العربي  لتكون المغنية الجزائرية وردة  التي ظهرت أغنيتها بتونس بيك في الحلقة الثالثة من بين هذه الأسماء، أما عن الحلقة الرابعة فقد كانت أغنية ساعات ساعات للأيقونة اللبنانية صباح مرافقة للأبطال الرئيسيين وهم يعبرون الصحراء.

وأخيراً تحمل أغنية DJ KABOO الرائعة من مجموعة Arab Trap والتي كان لها سحر خاص، فهي قادرة على أن تشعرك بحماس شديد لا يمكن تفسيره، وقد تستمعون لـHabibi Funk وهو يلعب هذه الأغنية عندما يقدم وصلة الـBass الموسيقية الخاصة به.

أعلم أن أرائي متضاربة فيما يخص تجربتي الصوتية والبصرية من Moon Knight، فمن الواضع أنني مولع أكثر بالشكل الصوتي المسلسل وليس المشاهد. يمكنكم مناداتي بالعاشق الموسيقي وسأعترف أن الموسيقى قادرة أن تؤثر بي أكثر من المؤثرات البصرية خصوصاً عندما يضاف إلى ذلك رؤيتي للاستعارات المصرية في مسلسل بدون مبرر. نحبك هوليوود لكن أرجوك اتركي لنا مهمة تمثيل المنطقة!

 

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة