يصعّب موقف فرنسا المعادي للحجاب الأمور بشدة على النساء المحجبات، فما زال هذا البلد الذي يتبنى شعارات الحرية والمساواة والأخوة يتصرف عكس ذلك عندما يتعلق الأمر ببعض شرائح مجتمعه.
تعتبر النساء المسلمات أولى ضحايا التشريعات التمييزية في هذه الحكومة وذلك بسبب تقييد حرياتهن الفردية باستمرار سواء كان ذلك بقانون أو بإجراء أو بسياسة معينة، فإضافة للحقبة الاستعمارية حيث كان يتم محاربة الحجاب بوحشية تستمر اليوم موجة إصدار قوانين تحدد حقوق النساء المتدينات منذ دخول العالم القرن الحادي والعشرين، ففي عام 2003 مُنع ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية، وقبل ذلك بعام واحد مُنع ارتداء النقاب في الأماكن العامة، ليتم أيضاً في الآونة الأخيرة في عام 2021 حظر ارتداء الحجاب في المناسبات والمسابقات الرياضية. ألم يعد الموقف التي تتخذه هذه الدولة واضح وضوح الشمس؟
لا يشمل ما سبق كل ما يحدث فالمجادلات والفضائح المتعلقة بموضوع الحجاب تحدث بشكل شبه يومي، وواحدة من آخر الأحداث التي أحدثت ضجة مؤخراً تتضمن أمر حظر البوركيني الذي يحاول البعض الطعن فيه، ليصدر تطبيق المواعدة الخاص بالمسلمين Muzz والمعروف سابقاً باسم MuzMatch بياناً يوم الاثنين يتعهد فيه بتغطية الغرامات التي تتكبدها النساء في حال ارتدين ملابس السباحة المحتشمة وسط موجة الحر في البلاد.
أعلن المشرفون على التطبيق عبر موقعهم على الإنترنت عن رغبتهم في دعم النساء في ظل هذا الحر الشديد، فمع ارتفاع درجات الحرارة بشكل لا يحتمل يبحث الجميع عن أقرب حمام سباحة أو شاطئ للاسترخاء والإحساس بالبرودة، إلا أن هذا الأمر يكاد يكون مستحيلاً على النساء المحجبات في فرنسا، لذلك فقد كشف تطبيق Muzz عن “تخصيص 25000 يورو (25503 دولاراً أمريكياً) لدفع غرامات ارتداء البوركيني في فرنسا هذا الصيف” من خلال سداد مبالغ المخالفات، وذلك وفقاً لبيان كتبه منشئو التطبيق عبر الإنترنت يوم الاثنين.
لا يقتصر هذا العرض على المسلمات فقط حيث يرغب تطبيق المواعدة في “دعم أولئك الذين يريدون الاحتجاج على هذا الحظر الجائر” ومنه سيقوم التطبيق بتعويض كل النساء اللواتي يقررن ارتداء ملابس السباحة المغطاة بغض النظر عن دينهم.
رغم دعم الكثيرين لهذه الحملة، فقد لجأ البعض إلى Instagram للتعبير عن رأيهم بأن المبادرة تخدم مصلحة التطبيق قبل مصالح النساء. وفي الواقع، اعتبرت العديد من القصص كما هو موضح في لقطات الشاشة أدناه أن هذه الحملة تبدو “انتهازية”، مؤكدة أنه يتم يتجاهل صعوبة الوصول إلى حمامات السباحة العامة، على سبيل المثال كنساء محجبات.
“عليك قبل أن يتم تغريمك أن تكون قادراً على دخول هذه الأماكن وأن تتاح لك الفرصة بارتداء البوركيني. كان بإمكانهن استخدام مبلغ 25 ألف يورو لتمويل دخول النساء فقط إلى حمامات السباحة، فالأمر أشبه بحيلة دعائية.”
“رغم شعوري بالأسف إلا أن قصة الغرامة موجودة على الشاطئ منذ زمن بعيد. حاول الدخول إلى حمام سباحة عام وسترى أنك لن تتمكن حتى من عبور البوابات. وإذا حاولت أن تلح أكثر فسوف تُعامَل كمنبوذ أو ستتم إهانتك، حتى إذا تدخلت الشرطة فسينتهي بك الأمر بدفع غرامة، فالأمور أعقد بكثير مما قد تبدو.
“قبل نشر أي منشور على Instagram، يجب عليك استشارة المنظمات المتخصصة في الأمور أو على الأقل تلك المعنية بشكل أساسي.”
“قد يكلف استئجار مسبح لفترة بعد الظهيرة على تطبيق Swimmy 50 يورو، ومنه قد يخدم مبلغ 25000 يورو في الواقع غرضاً أفضل هنا.”
لا شك أن مبادرة Muzz على الرغم من الإشكاليات التي سببتها، لا تزال تستحق الثناء لأنها ستعود بالفائدة على الكثير من النساء. وفي حال أراد تطبيق Muzz أن يدعم قراره أكثر بالدفاع عن حقوق المرأة المسلمة في التستر، فقد يكون هنالك أمل في حصول تعديلات طفيفة على بعض الشروط والأحكام والنهج العام، إلا أنه في الوقت الحالي قد تكون جهودهم كافية لمواجهة هذه الموجة غير المسبوقة من الحرارة.