أورينت 499 سحر الحِرف اليدوية البيروتية في أروع حي في دبي

حوار مع العقول الإبداعية وراء العلامة اللبنانية أورينت 499

قبل أن تصبح “الاستدامة” كلمة رائجة في عالم الموضة، كانت “أورينت 499” قد رسخت جذورها بالفعل في بيروت، مناصرةً الحِرف اليدوية والتراث الثقافي. والآن، تخطو هذه العلامة اللبنانية الشهيرة إلى حي السركال أفنيو في دبي، هذا المركز الثقافي العصري الذي يبدو كأنه بيتها الثاني المثالي.
تأسست “أورينت 499” في عام 2006 على يد الثنائي عايدة قواس وفرانك لوكا، وهي تعيد تعريف مفهوم الفخامة في عصر السرعة، بدمج الأزياء النسائية والرجالية مع منتجات المنزل في تصاميم يدوية خالدة. كل قطعة تُحكى من خلال أيادي الحرفيين الذين يستخدمون تقنيات تقليدية، لتروي قصة مميزة.
وقبل إطلاق العلامة المرتقب في دبي، التقينا بالمؤسسين لاكتشاف المزيد عن هوية “أورينت 499″، بدءًا من الفوضى الجميلة في بيروت وصولًا إلى سعيهم للتحديث الهادف.


مسيرتكِ المهنية تمتد لأكثر من 30 عامًا في عالم الموضة والحِرف. كيف أثرت هذه الرحلة في هوية “أورينت 499″؟

عايدة قواس: رحلتي كانت نسيجًا من تجارب متنوعة، وكل خيط منها ساهم في تشكيل فلسفة “أورينت 499”. الحياة اليومية حولي—من الطبيعة، والمعالم المعمارية، إلى حيوية الناس وفوضى بيروت الجميلة—تعد مصدر إلهام دائم لي. على سبيل المثال، الألوان والخامات التي ألاحظها في بيئتي كثيرًا ما تظهر في تصاميمي. علاوة على ذلك، حبي العميق للثقافة والتاريخ العربيين يُغذي رؤيتي، مما يضفي على كل قطعة قصة ترتبط بالتراث. السفر كان له تأثير كبير على رؤيتي في التصميم؛ استكشفت ثقافات وفلسفات تصميم مختلفة، بدءًا من الحِرف المغربية المعقدة إلى البساطة الإسكندنافية. كل تجربة توسع آفاقي، مما يسمح لي بدمج التقنيات التقليدية مع العناصر المعاصرة بطرق فريدة حقًا.

كيف تقومين بتحديث التقاليد الشامية دون فقدان جوهرها؟

عايدة قواس: ترجمة التقاليد الشامية الغنية إلى تصاميم حديثة هو توازن دقيق. أؤمن بأن “المعاصرة” تعني التفاعل مع العالم كما هو الآن، وليس مجرد إعادة إنتاج القطع التاريخية. بينما أستمد الإلهام من التقنيات التقليدية—مثل التطريزات المعقدة أو الأنماط الهندسية في الفن الشامي—أفسرها من خلال عدسة عصرية. على سبيل المثال، قد أستخدم فكرة draping التقليدية، لكن ألعب مع القصات غير المتماثلة والأقمشة الحديثة. هذا النهج يُكرّم الماضي ويجعل التصاميم أيضًا ذات صلة وقابلة للارتداء لجمهور اليوم. أسعى لدمج كل مجموعة بسرديات تحتفي بالماضي والحاضر معًا، لضمان بقاء روح الثقافة الشامية نابضة وحقيقية.

كيف تحافظ “أورينت 499” على طابعها الخالد مع مواكبة الحسّ المعاصر؟

عايدة قواس: في “أورينت 499″، نحرص على الابتعاد عن عالم الموضة السريعة. بدلاً من ذلك، نركز على إنشاء قطع تتجاوز الزمن، وتعكس الحِرفية المستدامة التي ميزت منطقتنا لقرون. نصمم قطعنا بعناية تامة، بحيث تكون ملائمة للحياة العصرية. على سبيل المثال، قد يكون القفطان اليدوي مستوحى من شكل تقليدي، لكنه مصنوع من أقمشة مستدامة ومريحة لسهولة الارتداء اليومي. من خلال التركيز على الجودة والفن بدلًا من الصيحات، نصنع قطعًا خالدة تروق للعملاء من جميع الأعمار. كل قطعة تصبح محط حديث، تشجع مرتديها على التواصل مع القصص والتقاليد وراءها.

كل قطعة تقومون بتصميمها تحمل قصة. هل يمكن أن تشاركينا واحدة مميزة؟

عايدة قواس: واحدة من أكثر اللحظات التي أعتز بها حدثت قبل عقدين في سوق دمشق الصاخب. أثناء استكشافي، اكتشفت ثوب زفاف قبلي قديم من أوائل القرن العشرين، مزين بتطريز مذهل يُحاكي تاريخ صاحبته. التفاصيل المعقدة والحِرفية الرائعة عبّرت عن الثقافة والقصص التي عاشها أصحاب هذا الثوب. هذا الاكتشاف أشعل في داخلي رغبة في تكريم هذا النوع من الحِرف اليدوية وتحديثها، لإعطائها حياة جديدة. ألهمتني هذه اللحظة لإنشاء مجموعة تجمع بين الأناقة القديمة واللمسات العصرية، لتُظهر أن جمال الماضي يمكن أن يتعايش بتناغم مع موضة اليوم.

كيف أثرت نشأتك في عائلة من تجار التحف على نهجك في الحِرف اليدوية؟

فرانك لوكا: نشأتي في عائلة من تجار التحف على مدار ثلاثة أجيال جعلتني غارقًا في عالم التحف النادرة منذ الصغر. هذا الجو كان نعمة وتعليمًا في آن واحد. التحف تجسد جوهر الفن والحِرفية، مما نمّى لدي عينًا ثاقبة لتمييز الأعمال الفنية. كل قطعة أثرية، صُنعت بأيدي أفضل الحرفيين—سواء من الخشب أو الزجاج أو النحاس—ساعدتني في تقدير مهارة الإتقان. كانت جدتي تأخذني للبحث عن التحف في المزادات، مما جعل هذا البحث مغامرة شيقة. عندما انتقلت إلى لبنان قبل 28 عامًا، أسرتني الفنون الإسلامية والتحف، وألهمتني لتحديث هذه القطع التقليدية، وهو ما شكل الأساس لمسيرتي الفنية.

كيف يدمج “أورينت 499” بين التراث والتصميم المعاصر؟

فرانك لوكا: تحديث الفنون الإقليمية هو جوهر مهمتنا في “أورينت 499”. هذا الدمج لا يُمكّن الأجيال الشابة من تقدير التقنيات التقليدية فحسب، بل يساعدهم أيضًا على دمج هذه القطع في حياتهم اليومية. هدفنا هو إنشاء تصاميم جميلة وعملية تتناغم مع الذوق المعاصر، مستوحاة من أناقة القطع القديمة ومكيفة لتناسب عالم اليوم. هذه هي قوتنا الفريدة.

ما هو الاكتشاف الأكثر إلهامًا الذي قمت به أثناء البحث عن المواد؟

فرانك لوكا: أثناء السفر حول العالم، من الغرب إلى الشرق، قمنا بعدد لا يحصى من الاكتشافات المدهشة، سواء في الأسواق أو المعارض الفنية أو عبر تجار التحف. كل رحلة تُغذي بحثنا عن الجمال والإلهام، حيث تبحث أعيننا المدربة عن الكنوز التي تعبر عن رؤيتنا. عندما وصلنا إلى فاراناسي بالهند، انطلقنا للبحث عن الأقمشة واكتشفنا النساجين المذهلين الذين يصنعون بعضًا من أجمل أقمشة البروكار الحريرية في العالم. هؤلاء الحرفيون يزودون الملوك بأعمالهم، وألهمتنا مهارتهم لدفع حدود التصميم لدينا، ودمج هذه الأقمشة الفاخرة في مجموعاتنا.

مع افتتاح المتجر الجديد في حي السركال أفنيو، تستعد “أورينت 499” لإحداث تأثير كبير. تقول عايدة: “السركال ليس مجرد مكان—إنه إحساس. إنه المكان الذي تتقاطع فيه الثقافة والفن والمجتمع، ونحن متحمسون لنكون جزءًا من ذلك.” ويضيف فرانك: “أملنا أن لا يكتفي الزوار بمشاهدة أعمالنا، بل أن يشعروا بها، ويتواصلوا مع الحرفيين والقصص وراء كل قطعة.”

شارك(ي) هذا المقال