في عام 2014 وخلال فترة الحرب على غزة التي استمرت سبعة أسابيع، نفذت إسرائيل هجمات عسكرية وحشية في قطاع غزة أسفرت عن مقتل أكثر من 2,100 فلسطيني، كان معظمهم من المدنيين.
مما دفع ريهانا في 15 يوليو من نفس العام للمشاركة بتغريدة على هاشتاغ FreePalestine# عبر منصّتها على تويتر، والتي سرعان ما حذفتها في غضون 8 دقائق. في الأسبوع الماضي وبعد مرور سبع سنوات على هذا الحدث، قررت ريهانا أن تسلك الطريق الآمن من خلال نشر بيان على منصّتها على الإنستاغرام تعلن فيه عن تعاطفها مع “كلا الطرفين” الأمر الذي أثار استياء العديد من معجبيها الذين وجدوا في هذا التصريح المخيّب للآمال تجاهلاً واضحاً لواقع انعدام تكافؤ القوة بين إسرائيل وفلسطين.
إلا أنّ رفض المشاهير أمثال ريهانا التحدث عن فلسطين أو التراجع عن تصريحاتهم الداعمة لها، ليس بالأمر المفاجئ بالنسبة لنا، لطالما تم اعتبار أي محادثة إسرائيلية وفلسطينية أمراً مثيراً للجدل، ومحظور تداوله إلى حدٍ ما – خاصة داخل هوليوود التي تكنّ مشاعر الود لإسرائيل. وفي ظل تزايد شعبية المؤثرين على مر السنين، تكرر هذا السياق معهم أيضاً.
إن كنتم تتساؤلون عن السبب، فإن الإجابة واضحة جداً. يُعتبر دعم الحركة المؤيدة للفلسطينيين تهديداً لمكاسبهم المالية. فمعظمهم يخشى خسارة صفقاتهم مع العلامات التجارية والعقود وفرص العمل، في حين يتم إسكات بعضهم الآخر من قبل مدرائهم ورؤسائهم في العمل. قد يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه نظرية مؤامرة، إلا أنّ نظرة واحدة إلى قائمة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات كفيلة بإثبات حقيقة أنّ العديد من العلامات التجارية لديها علاقات وثيقة مع إسرائيل.
وبالرغم من ذلك أصبح الكثيرون وبمحض إرداتهم مستعدين لتحمّل المخاطرة بفقدان صفقات العمل مع العلامات التجارية، وعارضة الأزياء الفلسطينية بيلا حديد التي لا تتوانى عن التصريح بدعمها لوطن والدها الأصلي مثال على ذلك. وهي بالتأكيد ليست وحدها في ذلك.
فقد ارتفعت أصوات عدد كبير من المؤثرين والعارضين والمبدعين الفلسطينيين بتصريحات مناهضة لأحداث فلسطين المحتلة، وتحدثوا عن أهمية دعم بلدهم في أوقات الأزمات حتى لو كان ذلك على حساب حياتهم المهنيّة.
ومثال على ذلك، عارضة الأزياء والمؤثرة من أصل فلسطيني – بورتوريكي ماريا عليا المقيمة في نيويورك والتي لديها 418 ألف متابع على الإنستاغرام، ناهيكم عن أنّها عملت مع علامات كبرى مثل Burberry و Dior و Tiffany and Co و Nike وغيرها الكثير من العلامات الشهيرة، فهي لم تتوانَ عن التعبير عن دعمها وتأييديها لفلسطين على الأرض وعبر منصّاتها على الإنترنت.
وفي هذا السياق تقول لنا عليا “بالنسبة لي، لطالما كانت فلسطين حرة. أنا فلسطينية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لذا فإن هويتي وحق شعبي في الحرية وليس في ظل احتلال قمعي مسألة غير قابلة للنقاش”.
ثم تضيف شارحة “إنني أعمل في مجال الموضة، كما أنني شخصية مؤثرة/ ومبتكرة محتوى منذ خمس سنوات. أعتقد أنني بدأت مسيرتي المهنيّة في مرحلة مبكرة وكنت متهورة لدرجة أنني لم أدرك مع من أعمل، ولم أبذل جهداً للتأكد من أنني أتوافق مع من أعمل معهم. إلا أنني في هذه المرحلة، [لا أكترث] أبداً فيما إذا كانت العلامات التجارية أو المتابعين ينظرون إلى منشوراتي أو صوتي على أنّها “سياسية” للغاية. إذا كان دعمي للشعب الفلسطيني الذين هم شعبي وانتقادي لمضطهديهم سيفقدني عملي، فلا بأس بذلك، إنني أفضل أن يطردوني”.
بالنظر إلى خلفية عائلتها وكيف يؤثر ذلك اليوم في أفكارها ووجهة نظرها، أضافت ماريا “أنا محظوظة بما يكفي لأن أكون من عائلة نجت من نكبة عام 1948، وخرجت من مخيم للاجئين في لبنان وبطريقة ما وبعد أجيال تمكنت من الوصول إلى أمريكا. لا بد لي من استخدام امتيازي وحريتي في الكلام واستخدام منصتي لدعم شعبي ورفع أصواتنا عالياً، خاصة مع كل هذا الزخم والقدر الكبير من الاهتمام الدولي بهذه القضية”.
كما أنّ هناك مؤثرة فلسطينية أخرى وعارضة أزياء ومبتكرة محتوى أخرى لديها أكثر من 55 ألف متابع تفضل عدم الكشف عن هويتها، وقد شاركت بمجموعة مذهلة من الحملات ووقعت العديد من العقود مع الكثير من علامات التجميل والأزياء الفاخرة. إلا أنّها تعرّضت لضغوطات وتهديدات وكانت تخاف من التحدث علانية ضد معاملة إسرائيل غير العادلة للفلسطينيين.
وفي هذا الصدد تعترف قائلة “خلال مسيرتي المهنية تم تهديدي بالفصل نتيجة لنشر قصص على منصتي على إنستاغرام تدعم الشعب الفلسطيني وتنتقد إسرائيل”.
بعد تلك الحادثة لم أتمكن لفترة طويلة من الحديث عن الموضوع أو نشر أي شيء يدعم فلسطين وخاصة إن كان ضد إسرائيل. الآن، إنّه لأمر رائع أن تكون قادراً على التحدث عن هذه القضية مرة أخرى وبصراحة، كما أننا مدينون جداً لكل من شاركنا هذا الأمر، والأهم من ذلك حركة BLM التي جرت في العام الماضي والتي نشرت الوعي بين الناس وعلمتهم معنى الشعور بالخزي جراء اختيار الصمت في أوقات الأزمات”.
ثم هناك حنين بدر، وهي مؤثرة أزياء الشارع الفلسطينية ومصممة أزياء مقيمة في دبي، والتي لا تتوانى للحظة عن تمثيل بلدها بفخر وشجاعة.
وعندما يتعلق الأمر بالتحدث علناً ضد الاحتلال الإسرائيلي لبلدها الأم، فهي لا تكترث لخسارة فرص العمل مع أي علامات تجارية لديها مشكلة في التحدث بصراحة.
تعقيباً على ذلك تقول حنين “إنّ ما يحدث في فلسطين أمر مفجع ويفطر القلوب، إنها أرض تراثي وأجدادي. إن أي متابعة أو تقدير للمحتوى الخاص بي هو تقدير لكوني فلسطينية فخورة بانتمائي، ليس لمجرد أنها جزء مني، بل لأنّها أنا”.
ثم تتابع “إنّ خطر خسارة العقود مع العلامات التجارية أو حتى حظر العلامات التجارية العالمية لي بسبب دعمي الصريح والثابت لفلسطين لا يخيفني أبداً بل يجعلني أرغب في أن أكون أكثر صراحة عند التحدث عن الظلم الذي يواجهه شعبي. ما هي قيمة صوت يصل إلى الجمهور إذا كنت لا تقول ما تؤمن به حقاً؟ وبالنسبة لي، هكذا أدعم وطني، فلسطين”.
الصورة: ماريا عليا