منافقين أم مسلمين صالحين: نكشف لكم عن ظاهرة “مسلم رمضان”

إليكم هذا الاعتراف

قد لا نشاهد خلال شهر رمضان الكثير من الدخان المتصاعد أو روائح القهوة المنتشرة في شوارع المنطقة، إضافة لمحاولة الجميع في هذه الفترة أن ينتبهوا لألفاظهم وطريقة كلامهم والتصرّف بحسن السلوك والامتناع عن العادات السيئة.

وبالنسبة للبعض قد يكون بدء اليوم بفنجان من القهوة الدافئة وسيجارة بنفس أهمية الاستيقاظ والاستحمام، وعلى الرغم من أن هذا الشهر الفضيل يرتبط عموماً بإعادة الذات إلى الصراط المستقيم، يتعرّض الأشخاص غير المتدينين في هذا الشهر للكثير من النقد السلبي والآراء القاسية.

لا بدّ وأنّكم سمعتم عن ظاهرة “مسلم رمضان” هم أشخاص يهتمّون لدينهم فقط خلال هذا الشهر الكريم ويرفضون أكل لحم الخنزير ورغم أنّهم يذهبون للنوادي الليلية كل أسبوع لكنّهم يمتنعون عن ذلك خلال هذا الشهر، كما أنّهم نادراً ما يضعون رؤوسهم على سجادة الصلاة لكنهم يشقون طريقهم إلى التراويح كل ليلة خلال شهر رمضان.

قد يجد البعض أنفسهم في الطرف المتلقي للأحكام التي لا تنتهي، في حين يرى آخرون أن “مسلم رمضان” يمثّل وصمة عار، ولكن أليس الهدف الأسمى من هذا الشهر الفضيل هو التشجيع على ضبط السّلوك؟

إن ممارسة الدين بالنسبة لمسلم رمضان ليس بالأمر السهل، وقد يبذل معظمنا قصارى جهده للالتزام خلال شهر رمضان حتى لو سيجعلنا الأمر نبدو أشخاص مختلفين تماماً، ورغم أنّ فكرة الابتعاد عن العادات السيئة والحرام مهمة صعبة لكننا على استعداد للقيام بها حتى ولو كان ذلك فقط بهدف إثبات قدرتنا على ذلك وتحدّي أنفسنا.

r

لا يمكننا إنكار أن هذا الأمر يجعلنا نشعر بالرّضا، متجاهلين بذلك ردود الأفعال السلبية التي يواجهها البعض بسبب هذا التّغير المفاجئ في السلوك، حيث يتم وصف “مسلموا رمضان” بالمنافقين أو المخادعين، وأقول لكم عن تجربة إنها كلمات ثقيلة ولا تطاق أبداً.

 يقول يونس وهو طالب جزائري يعيش في القاهرة ويبلغ 22 عاماً: “عادة ما أحاول إعادة ضبط نفسي خلال شهر رمضان وأقلع عن التدخين نهاراً وعن الشرب ليلاً وأواظب على الصلاة على أمل أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي أدعي فيها لغسل ذنوبي، كما أتصرف بكل جدّية والتزم بالعادات التي أتخذها خلال شهر رمضان. بغض النظر عن مدى حماسي للالتزام فإن سماع الناس يصفوني بالمُدّعي لأنني لا التزم بهذه الأمور إلا في هذا الشهرالفضيل عادة ما يكون صعباً وقاسياً، وحين يستمرون في تكرار نفس الأسلوب والكلمات السلبية ستصلون في النهاية لمرحلة تصدقون فيها كلامهم عنكم وهذا ما يحصل معي في الوقت الحالي.”

إن الدين ليس مجرّد موضوع شخصي فحسب بل هو في الحقيقة مسألة خاصّة للغاية وعلاقة تتضمن طرفين فقط: أنت والله عزّ وجلّ نفسه ولا ينبغي لأي شخص آخر غير الله أن يتدخل في كيفية تصرفاتنا أو في الطريقة التي نعيش فيها حياتنا وذلك وفقاً للنصوص الدينية. فلماذا يصعب حقّاً إدراك هذه الحقيقة والعمل بها؟

بيت القصيد من شهر رمضان هو إعادة ضبط النفس وهذا يعني ضمنياً ومنطقيّاً أنه لا يوجد شخص كامل ومنه فإن أولئك الذين يغيرون سلوكياتهم بشكل جذري ليسوا منافقين، حيث يدور هذا الشهر الفضيل حول محاولة تغيير عاداتنا وسلوكياتنا بهدف أن نكون نسخة أفضل من أنفسنا لمدة شهر واحد بغض النظر عما يحدث بعد ذلك وكل ما نأمل به أن نتمكن من الالتزام بهذه الأمور لمرة واحدة ومن بعدها إلى الأبد.

يكمل يونس “أنا حقًا لا أفهم سبب تسرّع الناس في إصدار الأحكام والتسميات على الآخرين بسبب تصرفهم بشكل مختلف عما يفعلونه في العادة، فحتى لو كنا منافقين فإن من بين أسماء الله الحسنى الـ 99  اسم الـ “الغفور” وهذا يكفي حقيقةً. هنالك العديد من الأمور والروايات التي تثبت مدى رحمته تعالى فهو القاضي الوحيد، ما يجعلني لا أفهم سبب تدخل الآخرين في هذا الموضوع”.

“أعلم أنني لست مثالياً، ولكن أليس من المفترض أن يدفعنا مجتمعنا ويساعدنا على تحسين أنفسنا بدلاً من دفعنا إلى الأسفل وتذكيرنا بمدى بعدنا عن كوننا مؤمنين صالحين وملتزمين بالقرآن. أنا لا أفهم ذلك وبصراحة كل هذا يجعل محاولتي للحفاظ على قربي من الدين أكثر صعوبة.”

من المفترض أن يكون الصيام عملية سهلة يتم فيها إعادة النظر في كل ما نقوم به بطريقة سلمية ولكن يبدو أن الأيام التي نعيشها تجعل تطبيق هذا الأمر أكثر صعوبة مما هو عليه بالفعل. أليس المقصود من شهر رمضان أن نركز في هذه الفترة على ذاتنا وليس على الآخرين بكل الأحوال؟

شارك(ي) هذا المقال