العروض الأبرز من النسخة الثانية لأسبوع الموضة في الرياض

مراجعة صغيرة

شهدت النسخة الثانية من أسبوع الموضة في الرياض تطوراً ملحوظاً مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت التنظيمات أفضل، والعلامات المشاركة أكثر دقة، والمجموعات المعروضة أكثر تنوعاً. واحتضن الحدث جمهوراً دولياً كبيراً شمل مشترين من أمثال “هارفي نيكولز” و”فابريك أوف سوسايتي”، إلى جانب كبار الشخصيات الإعلامية وأسماء لامعة في عالم الموضة مثل عارضة الأزياء الشهيرة إلسا هوسك والشاعر مصطفى.

يقام هذا الحدث بتنظيم من مجلس الأزياء السعودي، الذي عمل منذ انطلاقته الأولى في عام 2023 على تعزيز دور الرياض كمركز رئيسي للموضة، ليس فقط على مستوى المنطقة، بل عالمياً. ومع انتهاء فعاليات الخمسة أيام، أكد هذا الحدث مجدداً على أن الرياض في طريقها لتكون قوة بارزة في عالم الموضة، مع أداء فاق التوقعات.

استمر الحدث من 17 إلى 21 أكتوبر، وأقيم في ثلاث مواقع رئيسية هي قصر طويق، المدينة الرقمية، حي جاكس. وشارك فيه 37 علامة أزياء، قدمت مجموعاتها من الملابس الجاهزة، الأزياء الراقية، وملابس الشارع من خلال عروض أزياء وجلسات عرض مميزة، إضافة إلى صالة عرض حصرية.

بخلاف معظم أسابيع الموضة العالمية التي تُخصص أحداثاً منفصلة للملابس النسائية والرجالية والأزياء الراقية، يتبع أسبوع الموضة في الرياض نهجاً موحداً يجمع جميع الفئات في حدث واحد على مدار خمسة أيام، مما يتيح عرضاً شاملاً ومتكاملاً ضمن أسبوع واحد.

1886

تأسست علامة الأزياء السعودية 1886 في غرفة سكن طلابي بلندن على يد فهد الجميعة وخالد الجمّاز، واستلهمت اسمها من أرقام الغرفتين اللتين أقام فيهما المؤسسان (18 و86). وتُعد العلامة من بين أشهر الأسماء المحلية في مجال أزياء الشارع. وتحت إشراف المخرج الإبداعي نيكولاس أوتيرستين، خريج كلية سنترال سانت مارتينز والذي عمل سابقاً في أكني ستوديوز وكينزو وأكسل أريغاتو، اختتمت العلامة أسبوع الموضة بعرض مدهش كان يمكن تصوره بسهولة على منصات باريس أو ميلانو.

عرض أوتيرستين الأول لـ 1886 أشبه بدخول إلى عالم مستقبلي متمرد في الموضة؛ تصاميم واسعة الحجم تمنح شعوراً بالقوة والحماية في آن واحد، وبدلات بكتف عريض تبدو وكأنها تحوم حول مرتديها، مع طبقات من الأقمشة تضفي لمسة فنية وإبداعية بارزة.

Kaf by Kaf

من بعيد، بدت وكأنها مجرد عارضة أزياء رائعة تسير على منصة العرض، ولكن مع اقترابها، أدرك الجمهور شيئًا غير عادي – لم تكن إنسانًا على الإطلاق. للمرة الأولى، افتتحت روبوتة عرض أزياء. سارة، الإنسانة الآلية فائقة الواقعية من السعودية التي تتحدث باللهجة المحلية، تستجيب للاستفسارات، بل وتؤدي الرقصات الشعبية، كانت تمحو الخط الفاصل بين الإنسان والآلة، مما أضفى طابعاً فريداً على عرض كاف باي كاف الذي لا يُنسى. المصممة كوثر الهريش، المعروفة بإنتاجها لمجموعات تتجاوز الحدود المألوفة وتحفّز الضيوف على التفكير والتأمل، قدمت مجموعة ربيع 2025 بروحها المبتكرة. استكشفت فيها الصراع بين الطبيعة والصناعة من خلال تصاميم يدوية الصنع مثل قطع منفصلة مزينة بالترتر، وفساتين قصيرة مغطاة بفراشات مطرزة يدويًا، وقطع فنية من القمصان والتنانير بالتعاون مع المصور عبد العزيز الشمري، تتميز بطبعات الجمال والواحات التي تتغير صورها مع حركة الناظر.

Hindamme

بين بحر من الجلود والفساتين الملتفة في عرض هندام للمصمم مؤيد خوجة، لفتت إطلالة واحدة الأنظار. اختتم المغني السعودي مشعل تامر وابنة عمه، عارضة الأزياء تليدة تامر، العرض بارتداء قمصان مطابقة تحمل عبارة “السعودية هي المستقبل”. تم تصميم هذه القمصان بالتعاون مع صانعة الأفلام والفنانة المحلية لينا مليكة، وكانت مدمجة مع قمصان ذات أكمام طويلة وقفازات بلون متناقض، وسراويل سوداء أنيقة، مما جعلها اللحظة الأكثر تداولاً على إنستغرام من العرض.

وقد عكس بقية العرض أيضًا التراث الغني للمملكة، وكان ذلك واضحًا في الطبعات الرسومية التي ضمت نقوشاً صخرية تذكر بتلك التي يمكن العثور عليها في مواقع أثرية قديمة مثل العلا ونيوم. تراث السعودية هو موضوع متكرر في أعمال خوجة، الذي يصف علامته التجارية بأنها “فخامة معاصرة مستوحاة من لقاء الشرق والغرب”. كان خوجة من أوائل المصممين الذين دمجوا أنماطاً مثل القط العسيري في أزياء جاهزة وعصرية.

KML

من كان يعلم أن مجموعة تتألف بالكامل من الأبيض والأسود فقط يمكن أن تكون بهذه الروعة؟ أحمد ورزان حسن، مؤسسا علامة KML، أثبتا أنهما من أمهر المصممين في الحرفية الدقيقة، التصاميم غير المتوقعة، والتوازن الدقيق بين الجرأة والبساطة. ظهرت العارضات حافيات الأقدام – وبعضهن بدون قمصان – على منصة العرض مرتديات سترات بليزر حادة، وسراويل وهيئات مهيكلة وقمصان مفصلة بدقة، بالإضافة إلى بناطيل وتنانير مرفوعة فوق الخصر. كانت المجموعة استكشافاً لتطور الموضة ودراسة في الحد من الزخرفة. لم تُستخدم أي زينة أو إكسسوارات، باستثناء الكورسيه الجلدي وومضات البيج التي كسرت نمط الألوان الأحادي. المواد كانت بسيطة – من البوبلين، والقطن، والجلد. ومع ذلك، كيف يمكن لشيء بهذه البساطة أن يكون ملفتاً للغاية؟ عملية التركيز على الدقة والتحكم في التفاصيل سمحت لنا بتقدير الحرفية والمهارة خلف كل قطعة.

نورة سليمان

في عام 2021، وصفت نورة سليمان بأنها واحدة من المصممات السعوديات الصاعدات اللواتي يستحقن المتابعة. وبعد مرور ثلاث سنوات، لم تكتفِ سليمان بتحقيق هذا التوقع فحسب، بل تجاوزته بشكل كبير. فقد تمكنت خلال هذه الفترة من ترسيخ مكانتها كإحدى المصممات الأكثر إبداعًا وتجديدًا في المملكة، مع أسلوب فريد يمزج بين الحرفية التقليدية والأناقة الحديثة. تطورت مجموعاتها باستمرار، حيث تميزت بتحديها للمعايير دون الابتعاد عن جذورها الثقافية. عرضها لمجموعة ربيع 2025 أثبت مرة أخرى أنها ليست مجرد مصممة صاعدة، بل هي قوة رائدة تُسهم في رسم مستقبل صناعة الأزياء في السعودية.

تتضمن أبرز قطعها تنانير السهرة المتلألئة التي تتفاعل مع الضوء عند كل خطوة، ومعاطف الخندق الجلدية الأنيقة، وسترات وقمصان مطرزة بنصوص عربية تضيف لمسة شخصية وثقافية إلى التصاميم البسيطة، وبالطبع، العباءات المصممة ببراعة، حيث يجسد كل منها الأناقة البسيطة والخالدة.

شارك(ي) هذا المقال