مع تصاعد الأحداث الأخيرة في غزة والقدس الشرقية، تضافرت جهود النشطاء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مع نشر هاشتاغات مثل #SaveSheikhJarrah و#FreePalestine و#GazaUnderAttac في محاولة لنشر الوعي وتبادل المعلومات المتعلقة بالعنف الذي تمارسه القوات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.
ولكن مع تزايد الحملات المناهضة للهجمات الإسرائيلية على فلسطين وإطلاق منصّات لدعم الشعب الفلسطيني، أفاد العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بأنّهم يواجهون رقابة شديدة على المحتوى الخاص بهذا الشأن، متهمين فيسبوك وتويتر وإنستاغرام بحظر المنشورات المتعلقة بهذه الأحداث. كما تعرّضت حسابات الكثيرين منهم للإغلاق أو حذف منشوراتهم أو تقييدها، ناهيكم عن انخفاض عدد متابعي قصصهم عن العدد المعتاد.
وفي هذا السياق، صرّح الشاعر والكاتب محمد الكرد، الذي لم يتوانَ للحظة عن التصريحات المناهضة للأحداث المدمرة في قضية الشيخ جراح والدعوة لمناصرة فلسطين والتي بدأت تستحوذ على اهتمام أكبر، قائلاً “لقد أعلمني تطبيق إنستاغرام بأنّه قد يحذف حسابي لأنّ نشر مقاطع الفيديو التي تصور عملية التطهير العرقي الذي تجيزه الدولة يتعارض مع معاييرهم المجتمعية”.
Instagram just let me know they might delete my account :) because posting videos of state-sanctioned ethnic cleansing is against their community standards I guess :)
— #SaveMasaferYatta (@m7mdkurd) May 5, 2021
ومن الجدير بالذكر أنّ تطبيق إنستاغرام قد قام في أعقاب الاعتداءات العنيفة على المسجد الأقصى والتي أسفرت عن مئات الجرحى من الفلسطينيين بإخفاء هاشتاغ بعنوان #الأقصى.
منصة #إنستغرام تمنع تداول هاشتاق #الأقصى الآن على منصته وتظهر هذه الصفحة للمستخدمين عند دخولهم إلى الهاشتاق.#انقذوا_حي_الشيخ_جراح pic.twitter.com/HmYlaQIsZC
— Yasser Ashour (@yasserashour95) May 7, 2021
وفي هذا الصدد وفي ظل مواجهة الادعاءات التي تفيد بحظر وسائل التواصل الاجتماعي لبعض المنصّات وحذف المنشورات، ادعى تطبيق إنستاغرام في بيان رسمي بأنّ هذا الإجراء مجرد “مسألة خطأ تقني عالمي”، في حين أنّها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بحظر محتوى على هذه المنصّة. وفي هذا الشأن يخبرنا موظف سابق في إنستاغرام “في كل مرة نلاحظ فيها أنّ بعض المنشورات أصبحت أقل ظهوراً للعيان، تكون الاستجابة الرسمية بأنّه هناك عطل تقني.”
كما قال الباحث بجامعة هارفارد وأستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة واين ستيت خالد بيضون منتقداً سياسة الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد حذف حسابه على إنستاغرام “لقد قضيت العام الماضي في جامعة هارفارد مستغرقاً في دراسة ممارسات التحيّز الخوارزمي والتمييز عبر الإنترنت. وها أنا اليوم أصبح هدفاً لهذه الممارسات”.
ومن الجدير بالذكر بأنّ المنصّة قد حذفت يوم أمس حساب الصحفي المقيم في غزة عبد الرحمن الخالوط، في حين ذكر موقع تويتر في وقت سابق بأنّ تقييد حساب الكاتبة الفلسطينية مريم البرغوتي كان بمحض “الخطأ”.
ولكن بالنظر إلى طبيعة المحتوى المستهدف وانخراط إسرائيل عبر التاريخ مع شركات التواصل الاجتماعي لفرض رقابة على الأصوات الفلسطينية، فقد كان هنا تشكيك كبير بمضمون تلك الادعاءات ورافقه غضب عام. ومن الجدير بالذكر أنّ وزير العدل الإسرائيلي قد صرّح في عام 2016 بأنّ مواقع فيسبوك وغوغل ويوتيوب كانت “تمتثل لما يقارب 95% من الطلبات الإسرائيلية لحذف المحتوى” – الذ كان معظمه محتوى فلسطيني.
كما أن الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي تولي اهتماماً كبيراً بكل المحتوى المنشور عن كلمة “صهيوني” ويتبع فيسبوك قواعد سرية لمراقبته وهي مطبقة بحسب موقع The Intercept منذ عام 2019 على المنصّة وعلى التطبيقات التابعة لها مثل إنستاغرام، بالرغم من أنّ الشركة ذكرت في مارس الماضي أنّه لم يتم اتخاذ أيّ إجراء حيال التعامل مع مصطلح صهيوني على أنّه بديل لكلمة “يهودي” لدلا تحديد فيما إذا كان هذا المنشور “خطاب كراهيّة أم لا”.
قال داني نوبل (وهو مؤسس منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام “الذي اطلع على هذه القواعد السرية) لموقع The Intercept، “يزعم موقع فيسبوك بأنّ سياستهم المتعلقة بكلمة “صهيوني” موجودة للحفاظ على أمن اليهود”. ثم أضاف “ولكن بحسب مقتطفات من سياسة المحتوى الخاصة بهم، يبدو أنّ هدف صناع القرار في فيسبوك هو إيلاء الاهتمام الأكبر لحماية المستوطنين الإسرائيليين الصهاينة والحكومة الإسرائيلية من المساءلة عن هذه الجرائم”.
وغني عن القول بأنّ وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم الرقابة المنهجية في الوقت الحالي كسلاح لإسكات الأصوات الفلسطينية والحد من الزخم المحيط بالقضية. ولكن وبالرغم من كل هذه الإجراءات، لا يتوانى الناشطون عن التعبير عن مواقفهم الداعمة ومؤازرتهم للشعب الفلسطيني.
كما يتم الآن طرح دليل إرشادي لمواجهة هذه الرقابة، يتضمن مصطلحات تستخدم كبدائل عن كلمات أساسية (مثال: Pal-estine or S*eikh Ja**ah)، بالإضافة إلى مشاركة بعض القصص التي لا تمت للقضية الفلسطينية بصلة، وزيادة التفاعلات على المنصّات من خلال إضافة خيارات تصويت عديدة.