احتدام الجدل بين هاني شاكر وشباب مصر

إصرار على الحد من ازدهار المشهد الإبداعي في البلاد

إن كنتم من عشاق الموسيقى المصرية، فلا بد وأنّكم تعرفون المغني هاني شاكر الذي سطع نجمه في السبعينيات من القرن الماضي، والذي شغل في الآونة الأخيرة منصب نقيب الفنانين للمهن الموسيقية.

إلا أنّ الرجل الذي ظهر لأول مرة على المسرح جنباً إلى جنب الأسطورة عبد الحليم حافظ، يأخذ على عاتقه مهمة مختلفة اليوم. فبدلاً من السير على خطى أسلافه في دعم وتحفيز المواهب المصرية الصاعدة، يبدو أن المغني يتخذ موقفاً مناهضاً لهذا الجيل الجديد. وهنا نقدم لكم التفاصيل.

كان الهدف من هذا المنصب المرموق الذي شغله الفنان صاحب الصوت الجميل الترويج للمشهد الموسيقي المزدهر في مصر، والعمل بشكل حثيث على توحيد المشهد بأكمله وإضفاء الصبغة الشرعية عليه في محاولة للارتقاء به إلى أعلى المستويات. وغني عن القول بأن أنواع الغناء التقليدية تحظى بتقدير النقابة واهتمامها بشكل كبير، في حين أنّ الأنواع الموسيقية المفضلة لدى الشباب، مثل المهرجانات والهيب هوب شهدت مقاومة كبيرة من شاكر في العامين الماضيين.

وعلى هذا الصعيد، شهد فبراير 2020 واحداً من أكثر قرارات الفنان إثارةً للجدل، ومفاده حظر أغاني المهرجانات ككل بسبب طبيعة كلماتها الفظة والمسيئة، بزعم منه أنها “تروّج للسلوك غير الأخلاقي”، الذي لا يمثل الثقافة المصرية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ رأي شاكر قد حظي في ذلك الوقت بتأييد واسع النطاق من البرلمان المصري، حيث وصف متحدث رسمي هذا النوع من الكلمات بأنّه “أكثر خطورة وضرراً من مرض فيروس كورونا”. وبالرغم من دخول القرار حيّز التنفيذ، إلا أنّ هذا الفنان قام في الآونة الأخيرة بزيادة الضغط عليهم من خلال منع الفنان المصري مروان بابلو من الغناء على المسرح جراء التعليقات المزعومة المسيئة التي أدلى بها على خشبة المسرح مع مغني الراب الفلسطيني شابجديد.

في الواقع، لا يعترف شاكر بالأنواع الموسيقية الأخرى ولا يتردد أبداً في انتقادها وفرض العقوبات عليها بالرغم من أنّ قرار معاقبتها لمجرد وجودها ليس بالحل المستدام. كما تجدر الإشارة إلى أنّ قرارات شاكر قد أسهمت في تعزيز مكانة هذا النوع من الموسيقى الشعبية، وأكسبتها شهرة واسعة النطاق في شوارع القاهرة، إذ لطالما كان انجذب الناس بطبيعتهم إلى كل ما هو ممنوع ومحظور، خاصة عندما لا يقترن الحظر بسبب وجيه.

ونحن هنا لمناقشة أهمية وجود أغاني المهرجانات وموسيقى الهيب هوب باعتبارها مصدر فخر للبلاد. فقد نجح فنانو هذا النوع من الموسيقى في بناء قاعدة جماهيرية لا يستهان بها، وحققوا نسبة مشاهدات كبيرة على قنوات البث عبر الإنترنت، سواء كان ذلك على يوتيوب أو على منصات البث الرئيسية، ناهيكم عن أنّ أسلوبهم وطريقتهم الفريدة، قد أسهمت في ترسيخ إسم مصر على الخارطة الفنية، وهو أمر يستحق التقدير وليس فرض العقوبات.

وغني عن القول أنّ شعبية هذه الموسيقى قد أسهمت في الترويج للمشهد الموسيقي في البلاد، وفي تطوير الأنواع الأخرى من الموسيقى والارتقاء بمشهد البلاد الفني إلى أعلى المستويات، وكشفت عن أنّ زيادة الإيرادات يؤدي إلى توفر المزيد من وسائل التطور والتقدم بطريقة احترافية وعملية.

 في الواقع، إنّ إعادة إحياء المشهد الموسيقي المصري بات أمر غاية في الصعوبة، إلا أنّ الموجة الجديدة من المبدعين قادرة على أن تعيد لمصر عصرها الذهبي وتعيد إرساء نفسها كنبراس للثقافة في المنطقة. قد لا تنسجم كلمات هذه الأغاني مع لغة الأجيال الأكبر سناً، ولكن بحسب منطق شاكر الذي يقول بأن “ليس كل ما هو على يوتيوب جيد”، يمكننا القول بأنّه ليس من الضرورة تلميع صورة كل شيء ليكون جيداً أو ذا قيمة.

ناهيكم عن أنّ إرغام الناس على تغيير طريقتهم الأصيلة في التعبير عن ذوقهم وإبداعاتهم يبعدهم عن الناس، ولطالما كانت الموسيقى المرآة التي تعكس رأي وأفكار المجتمع بطرق قد تختلف عن طريقتك، لذا يجب عدم المساس بهذا الأمر.

ببساطة: هاني شاكر، إن كان من الصعب عليك وضع تحيزك الشخصي جانباً، فربما عليك التنحي.

شارك(ي) هذا المقال