اليوم هو يوم خاص – عيد الأم. إنه احتفال بالنساء القويات اللاتي ربّيننا، وأحببننا بدون شروط، وواسينا في أوقات الحاجة، ورعيننا في عالم قد يبدو أحيانًا مرعبًا.
يحتفل العرب بهذا اليوم تحديدًا، والسبب في أن هذا اليوم الخاص يتم الاحتفال به في 21 مارس يعود إلى زمن الفراعنة. في مصر القديمة، كان من المعتاد إقامة احتفالات تكريمًا للنساء ولدور الأمومة المتعددة. كانت واحدة من هذه المهرجانات السنوية تُقام في أول أيام الربيع للاحتفال بإيزيس، الإلهة التي ترمز إلى الأمومة والحياة الجديدة والخصوبة. كان يتم تزيين القوارب بالزهور وتسييرها في المدن المصرية. تم تبني هذا التقليد لاحقًا من قبل اليونانيين والرومان.
لكن مع تلاشي تلك التقاليد، ننتقل إلى العصر الحديث، حيث يمكن إرجاع أصول عيد الأم في العالم العربي إلى مصر عام 1943. وقد تم إطلاق الفكرة من قبل الصحفي مصطفى أمين، الذي ذكر هذا اليوم لأول مرة في كتابه “أمريكا الضاحكة”. ولكن لم يتم تنفيذ الفكرة حتى بعد 10 سنوات، عندما قدم أمين طلبًا رسميًا للحكومة وأطلق حملة للاعتراف به.
اهتم أمين بالموضوع بشكل خاص بعد أن طلبت منه امرأة لقاءً في جريدته، وأخبرته كيف قامت بتربية ابنها كأم عزباء ودفعته للتعليم حتى أصبح طبيبًا واشترى منزلًا ليتزوج فيه. للأسف، اعترفت المرأة بأنها بعد زواج ابنها توقف عن زيارتها، مما سبب لها ألمًا نفسيًا حيث وجدت نفسها بدون من يهتم بها. تأثر أمين بعمق بقصة هذه الأم، وسعى لتكريمها وتكريم جميع الأمهات بغض النظر عن ظروفهن. قدم طلبًا رسميًا للحكومة وبدأ حملة للاعتراف بهذا اليوم. وأخيرًا، أثمرت جهوده عندما وافق الرئيس جمال عبد الناصر على الاحتفال بعيد الأم في 21 مارس، وهو القرار الذي تبنته باقي الدول العربية. وبطريقة مشابهة لاحتفال المصريين القدماء بالنساء، تقرر بشكل مناسب أن يتزامن هذا اليوم مع أول أيام الربيع.

من المثير للاهتمام أنه عندما تم اعتقال أمين بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة، اختارت الحكومة المصرية إعادة تسمية اليوم إلى “يوم الأسرة”. ومع ذلك، سرعان ما تلقت العديد من الرسائل من أمهات مصريات يعبرن عن رفضهن لهذا القرار. ونتيجة لذلك، تم إعادة العيد إلى اسمه الأصلي “عيد الأم”.
في هذا اليوم الخاص بعيد الأم، وكما فعل أمين، نتوقف لنعبر عن تقديرنا ليس فقط لأمهاتنا، بل أيضًا للتضامن مع الأمهات اللواتي يعانين من معاناة شديدة – وخاصة الأمهات ومن هن في طريقهن للأمومة في غزة والسودان. هؤلاء النساء الرائعات يجسدن جوهر الأمومة وسط معاناة لا يمكن تصورها. لقد واجهن خسائر عميقة، حيث فقدن الأطفال الذين جلبنهم إلى هذا العالم بأمل وحب كبيرين. يواجهن تحديات الولادة بدون الراحة والموارد التي يعتبرها الكثيرون من المسلّمات، ويظهرن قوة لا مثيل لها. ولأولئك اللواتي انتُزِع أطفالهن من بين أذرعهن، وللأطفال الذين فقدوا أمهاتهم، نتوجه إليهم اليوم بأفكارنا وتعاطفنا.
صورة المقال: جيورجي بينخاسوف/ماغنوم فوتوز