نطرة على التحدي اليومي التي تواجهه المرأة في مصر

لماذا على الأنثى أن تدفع الثمن؟

عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة، فلا أحد يُضاهي تاريخ مصر الحافل بالأحداث المظلمة والقاتمة. بالرغم من أنّ تلك الدولة المعروفة بأم الدنيا قد وضعت أسس كثيرة للحركة النسوية في المنطقة، إلا أنها غير قادرة بعد على أن تكون ملاذاً آمناً لنصف سكانها.

وبالرغم من أنّ هذه البلاد قد شهدت ظهور شخصيات أنثوية جريئة مثل هدى الشعراوي أو الراحلة نوال السعداوي وغيرهما من الشخصيات التي عبرت عن حبها لوطنها الأم وتركت بصمة قوية وثابتة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وتحدي سلطة الرجل، إلا أنّ على المرأة المصرية اجتياز مرحلة طويلة من النضال قبل أن تنال حقها في المساواة.

وعلى هذا الصعيد، أظهرت دراسة بحثية أجرتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2013 بأنّ أكثر من 99.3٪ من الفتيات والنساء المصريات اللاتي شملهن الاستطلاع كشفن عن أنهن تعرضن لشكل من أشكال التحرش طوال حياتهن، في حين أعربت 82.6٪ من إجمالي المستجيبات للاستطلاع عن افتقادهن الشعور بالراحة والأمان أثناء التجول في شوارع مصر.

وغني عن القول بأنّ هذه الأرقام المثيرة للقلق تجعلنا نفكر بأنّ مجرد كونك امرأة في مصر يجعلك عرضة للكثير من التحديات. إن كان العيش بسلام يعتبر امتيازاً بحد ذاته، إذن علينا التفكير في الضغط والعبء اللذين يتعين على هذه الشريحة من المجتمع تحملهما.

كرميلا  كامل، 23 عاماً

بدءاً من التحديق المستمر بينما تسير المرأة في أي مكان عام، وتوجيه كلمات الغزل أو الشتائم، إلى المضايقات الجسدية الفعلية، فإنّ كل أشكال التحرش موجودة وبكثرة في مصر، ولسوء الحظ فقد اختبرت الكثير منها. لقد كنت في حفل موسيقي منذ 3 أسابيع وتعرضت لتحرش جسدي من قبل شخص غريب لم أتمكن من تحديد هويته بسبب الازدحام.

في الآونة الأخيرة، شهدنا الكثير من التطورات فيما يتعلق برفع صوت المرأة والتحدث عن الاعتداء، فقد لعبت منصّة @assaultpoliceعلى الإنستاغرام دوراً كبيراً في تشجيع العديد من الضحايا للتحدث عن تجاربهن، كان هناك المئات من الضحايا اللواتي شاركن قصصهن دون الكشف عن هويتهن، وبالطبع ما كنّ ليفعلن ذلك بطريقة أخرى. لقد كانت هذه بداية حركة عملاقة لضحايا الاعتداء للكشف عن هكذا قضايا في محاولة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعتدين.

يجب البحث في جذور هذه القضايا ومعالجتها: قد يكون الجهل وقلة الثقافة أحد أسبابها، حيث تقوم الكثير من المدارس بتعليم الأيديولوجيات الخاطئة المتعلقة بالمرأة ودورها في المجتمع، لذا يعتبر الافتقار إلى احترام المرأة وتقديرها أحد الأسباب الرئيسية التي تعزز لدى الرجال الشعور بتفوقهم على الجنس الآخر ويتوقعون من النساء الطاعة والخضوع لهم. وهذا أمر علينا التخلص منه بشكل جذري وكامل.

هيا محمود، 20 عاماً

يعدّ التحرش الجنسي أمراً طبيعياً هنا، بالطبع لا أقول إنني لم أتعرض للتحرش في الخارج، إلا أنّ هذا ليس أمراً اعتيادياً نواجهه يومياً في الدول الأخرى. باعتباري امرأة مصرية، فإنّ التحرش أول شيء يتبادر إلى ذهني قبل أن أفكر في ارتداء البلوزة المفضلة لدي أو التخطيط للذهاب إلى مطعم أو حتى قبل القيام بنزهة مع الأصدقاء. ناهيكم عن صورة المرأة النمطية والتي يعززها حتى الرجال المثقفون عن طريقة المزاح باستخدام عبارة “أصلاً مكانك في المطبخ”.

مريم أحمد، 21 عاماً

لطالما كان للتحرش وجميع أشكال الإساءة أثراً كبيراً على الحالة النفسيو، ويمكن أن تسبب هذه التجارب المؤلمة صدمة تستمر معك مدى الحياة ويمكن أن تؤثر على كل جانب من جوانب حياتك، حتى يصبح مجرد الذهاب للتسوق من البقالة أمرأً مربكاً للغاية. وبالطبع لا يمكنك تجاوز هذه الحالة النفسية حتى مع وجود المساعدة النفسية الصحيحة.

هنا عبيد، 20 عاماً

أشعر اليوم بالفخر كوني امرأة مصرية، ولدي أمل في حدوث تغيير جذري في القوانين والوعي … فقد تم اليوم تغيير بند جديد في القانون وهو الأمر الذي منحني جرعة من الشعور بالأمان والراحة. وبالرغم من وجود التحرش بجميع أشكاله، إلا أنّ النساء في مصر يرتقين بأنفسهن أكثر من أي وقت مضى سواء في تبوئهن مناصب مؤثرة أو كقائدات لصفحات التواصل الاجتماعي التي ترفع الوعي حول قضية التحرش وتشجع الفتيات الأخريات على التحدث.

تزخر مصر بالأماكن الآمنة، وفي الواقع أنا لا أعتبر مصر مكاناً خطراً، إلا أنني أتخذ الاحتياطات اللازمة (اختيار ملابس معينة) لتجنب تحويل المكان الآمن إلى مكان خطير، وأنا أعلم أن مجرد قول هذه الكلمات أمر محزن.

أعتقد أننا اليوم بحاجة لتطبيق القواعد والقوانين أكثر من أيّ وقت مضى، ووضعها شيئاً فشيئاً قيد التنفيذ وليس الاكتفاء بتغييرها.

بصرف النظر عن الطبقة الاجتماعية أو لون البشرة أو الخلفية الاجتماعية التي تنحدر منها المرأة، أصبحت قضية حقوق الإنسان جزء لا يتجزأ من حياة ملايين النساء في جميع أنحاء العالم العربي، بالرغم من أنّ الأمر قد يبدو دعوة لتحقيق المساواة بين الجنسين، إلا أنّ السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف يمكننا تحقيق العدالة والمساواة دون الوقوع في شرك تعريف أحادي الجانب في محاولة للتحرر والحرية؟ إنّ ما نعرفه اليوم عن الحركة النسوية هو مجرد تعريفات مستمدة من الحركات الغربية، لكن ما هي رواياتنا العربية؟ ما هي سمات الحركة النسوية العربية؟ وانطلاقاً من حرصنا على البحث والاستفاضة في معنى الحركة النسوية وتحديد سماتها العربية، ندعوكم لمتابعة المواضيع الأخرى التي سنطرحها في هذا السياق قريباً.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة