مضى وقت طويل كانت فيه مغادرة المنزل دون ارتداء العباءة أمراً مستحيلاً في السعودية. كذلك كان الأمر بالنسبة لركوب سيارة دون أن يرافقني رجل. لقد كانت الحفلات الموسيقية والمهرجانات مفهوماً أجنبياً بكل معنى الكلمة، وكأنّها أشياء موجودة في عوالم أسطورية فقط.
واليوم نجحت المملكة في تحقيق ما كان مستحيلاً إنجازه على أرض الواقع. منذ أن دخلت رؤية عام 2030 حيز التنفيذ في عام 2016 بدأت المملكة العربية السعودية بالتطور تدريجياً لتصبح واحدة من أكبر المراكز المعاصرة في الشرق الأوسط.
مع توجه البلاد نحو تطوير قطاعي الصناعة والسياحة، وإلغاء الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة، والسماح لها بدخول دور السينما، شهدت الحياة في المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر التغييرات المجتمعية جذرية في العالم المعاصر. ولمعرفة ما آلت إليه الحياة اليومية الآن في السعودية، وكيف يراها الشباب من منظوره الخاص، التقينا بثمانية شباب سعوديين لاستكشاف الأمر:
فيصل، 22 عاماً
قبل إجراء كل هذه الإصلاحات، كانت الطريقة الوحيدة للتواصل الاجتماعي هي اللقاء في المنازل، حيث لم يكن لدينا الكثير من الخيارات أو الأماكن التي من الممكن الذهاب إليها أو حتى الأشخاص الذين من الممكن أن نلتقيهم، خاصة إن كان لديك أصدقاء من الجنس الآخر. بعد أن بدأت الإصلاحات لم يعد تواجد الرجال والنساء معاً في حفل موسيقي بالأمر الهام. أصبح أخيراً بإمكاننا مخالطة الناس والتعرف على أشخاص جدد في المعارض الفنية والحفلات الموسيقية والمهرجانات وضمن المئات من المطاعم الفاخرة الجديدة والكثير من الأماكن الأخرى. بات الآن بإمكاني الالتقاء والتواصل مع الأشخاص الذين لديهم نفس اهتماماتي. لقد منحت هذه الإصلاحات الفئات السكانية الأصغر سناً فرصة أكبر للاستمتاع بالتغييرات من الفئات الأخرى.
سعود، 22 عاماً
شهدت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية العديد من التغييرات، منها ما أثر بي بشكل كبير ومنها ما لم يكن له أثر على الإطلاق. يُعتبر النهوض بحقوق المرأة واحداً من الإصلاحات التي لاقت ترحيباً كبيراً. لم يكن يسمح للمرأة سابقاً بقيادة السيارة أو إشغال وظائف معينة. كما تطورت العديد من الصناعات لتتكامل مع العالم المعاصر، بما في ذلك صناعة التكنولوجيا حيث يمكن للسعوديين أخيراً الاستثمار في المستقبل الرقمي. لقد أدركت السعودية أخيراً ضرورة إجراء التغيير فيما إذا أرادت منافسة بعض الاقتصادات الرائدة في العالم.
عبد الله، 26 عاماً
كانت الإصلاحات الشيء الوحيد الذي لطالما حلمت أن يتحقق في السعودية. على الرغم من أنّ هذه الإصلاحات خطوة جريئة ومفاجئة كان الكثيرون في الماضي يخشون القيام بها؛ إلا أنّ المجتمعات من حولي أبدت تكيّفها مع هذه التغييرات؛ لطالما كانوا يتطلعون لحدوثها وهم بالفعل مستعدون لتقبلها. ومع ذلك، قد يكون التغيير عملية غير مريحة للبعض وقد تواجه حتماً بعض العقبات والممانعة، حيث أنّ هذه الأمور لا تحدث بين ليلة وضحاها. تعتبر “الإصلاحات” مرحلة انتقالية لطالما كنت أتطلع إليها، والتي سرعان ما ستندمج مع الثقافة بأسلوب يشبه تأثير لعبة الدومينو على المجتمعات، ولكن الأهم من ذلك هو الحفاظ على قيمهم وهوياتهم.
نوف، 23 عاماً
أنا فخورة جداً بأن أشهد مرحلة أصبح فيها تمكين المرأة أمراً غاية في الأهمية. أنا شخصياً لمست التغيير في كل مكان سواء كان ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي أو في العمل أو خلال التجول في المدينة؛ أصبح صوت المرأة أعلى من ذي قبل. ستكون هذه التغييرات الجذرية بمثابة قاعدة للأجيال الشابة وهذا هو الهدف في النهاية؛ تكمن الفكرة الأساسية في تأكيد أنّ المرأة قوية ومستقلة وقادرة على فعل أي شيء وكل شيء. بعد عودتي إلى الرياض بعد أن عشت بالخارج لفترة طويلة، يمكنني القول بأنني فخورة برؤية النساء السعوديات يشغلن جميع أنواع المجالات والمناصب، سواء كانت رئيسة تنفيذية لشركة أو سائقة سيارات سباق محترفة. إنني مذهولة من المكان الذي وصلت إليه النساء السعوديات ومقدار الإمكانات المتاحة أمامهن والتي تمكنهن من الوصول إلى أبعد الحدود.
يارا، 23 عاماً
قبل 5 سنوات كانت حياتي اليومية مرهونة بالاتصال بسائق ذكر لاصطحابي من وإلى أي مكان، سواء كان المدرسة أو محل البقالة أو بيت صديقتي. ولكن في عام 2020 تمكنت أخيراً من الجلوس وراء مقود سيارتي وأنا أحمل بفخر أول رخصة قيادة لي صادرة عن المدرسة السعودية لتعليم قيادة السيارات. أشعر بكامل الحرية والاستقلالية في الذهاب إلى أي مكان وفي أي وقت. بدءاً من افتتاح المطاعم المشهورة عالمياً في جميع أنحاء مدينة الرياض إلى مشاهدة ديفيد غيتا وهو يؤدي في حفل موسيقي مع مجموعة من الأصدقاء، يمكنني القول بفخر بأن التحول في هذا البلد قد غير حياتي بشكل جذري. بالنظر إلى مقدار التغيير الذي حدث على مدار العامين الماضيين، أشعر بالاعتزاز بالعيش والعمل في بلد يتطور يومياً نحو الأفضل.
تصوير: MDL Beast