Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

في ذكرى انفجار بيروت المدمر: هذا ما يقوله الشباب اللبناني اليوم

بالرغم من مرور عام، لم تلتئم الجراح بعد وما زالت مشاعر الغضب في أوجها.

يعتقد الناس بأنّ الشعور بالانتماء إلى الوطن لا ينبع من المكان الذي نتواجد فيه جسدياً وإنّما من الشعور بالانتماء الوجداني إليه.

لقد مر عام على الحدث المدمر الذي هز بيروت، حيث شهد اللبنانيون المنتشرون في جميع أنحاء العالم مدينتهم وهي تعاني لحظات قاسية مليئة بمشاعر الحزن والألم. ففي الرابع من أغسطس من العام الماضي هز انفجار ضخم ميناء بيروت ليسجل حدثاً إضافياً في الشرق الأوسط ملطخاً بدماء الأبرياء، أسفر عن خسارة حقيقية للملايين من الناس.

بالرغم من انتشار الوباء العالمي الذي فرض المزيد من الضغط على هذا البلد الذي ما زال يكافح لبناء نفسه، إلا أنّ انفجار بيروت سجل حدثاً كارثياً لا يمكن نسيانه في التاريخ اللبناني.. 

ومن الجدير بالذكر أنّ الكميات الكبيرة من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في قلب العاصمة قد أودت بحياة مئات الأرواح في غضون ثوانٍ، ناهيكم عن ترك آثار نفسية مؤلمة لدى كثيرين ممن ما زالوا يجدون صعوبة في تخطي هذا الحدث حتى الآن.

وعلى هذا الصعيد، وفي الفترة المفضية إلى الذكرى السنوية لوقوع هذه المأساة، التقينا مع خمسة شبّان لبنانيين وتحدثنا باستفاضة عن مشاعرهم حيال هذه المأساة التي تتباين بين الغضب والشعور بالذنب والتوق الشديد لتحقيق العدالة والمساءلة.

إليسار حيدر، 23 عاماً.

بصراحة، كنا نعتقد بأنّ انفجار بيروت هو الحدث الكارثي الأكثر سوءاً على الإطلاق، إلا أنّ الأمور منذ ذلك الحين بدأت تتجه نحو الأسوأ، فلم نلبث أن عانينا من التضخم ونقص الوقود والوضع المصرفي السيء، حتى بات من الصعب العثور على حل يخرجنا من هذا المأزق. بالطبع تعتريني مشاعر الضغينة التي يشعر بها جميع اللبنانيين في أعماقهم، لطالما كنا نجهل أننا عشنا جميعاً لمدة 7 سنوات في ذلك الميناء بالقرب من نترات الأمونيوم التي تعتبر قنبلة موقوتة. لقد تسبب الإهمال الحكومي بهذه الكارثة التي كان من الممكن تجنبها. وبالرغم من أنّها أودت بحياة 218 شخصاً لم يتم تحقيق العدالة بعد، ولا تزال الشوارع تغص بعائلات الضحايا الذين يحتجون مطالبة بتحقيق العدالة أو على الأقل الحصول على إجابات.

أعتقد أن تضامن المجتمع المحلي الذي رأيناه مباشرةً بعد الانفجار هو الشيء الوحيد الذي يمنحني جرعة من التفاؤل. بالرغم من أننا لم نحصل على أيّ إجابة من السلطات اللبنانية، إلا أنّ الناس من جميع أنحاء لبنان قد نزلوا إلى الشوارع لتنظيفها وجمع التبرعات في محاولة لإعادة بناء ما قد دمر. لطالما كانت هذه المجموعات المجتمعية المحفّز الأساسي للتغيير المستدام وهي كل ما أثق به بشكل شخصي. من الواضح أننا نعيش في الوقت الراهن بلا دولة أو بنية أو نظام أو حتى أيّ نوع من الضمان الاجتماعي، لذلك فإن الناس هم كل ما لدينا، ومن وجهة نظري أنّ الشيء الوحيد الذي يمكن للبيروتي الآن أن يتطلع إليه هو تحقيق العدالة وإعادة هيكلة مشهدنا السياسي بالكامل.

كميل لورفينج، 23 عاماً.

اليوم وبعد مرور عام على هذه الكارثة، بات الشعور بالظلم والاضطهاد هو الشعور السائد عالمياً، فقد ازدادت الأمور سوءاً وكأن البلاد قد سقطت في الهاوية. كنّا نتوقّع أن تتغير الأمور وتتحسن تدريجياً، ولكن بدلاً من ذلك انخفضت قيمة الليرة اللبنانية وأصبح لبنان في مهب الريح في مواجهة أزمة اقتصادية مروعة.

طارق المندلق، 27 عاماً.

بصراحة، ما زلنا نعاني من مشاعر القلق ولم نشعر بالراحة منذ حدوث الانفجار، أشعر بالحزن والأسى، فبالرغم من كل ما يحدث، إلا أنّ الشيء الوحيد الذي يؤرقني ويثقل كاهلي هو ما حدث في الرابع من أغسطس، فقد كان الحدث عنيفاً ومن الصعب جداً وصف هذا الشعور بالكلمات.

كما أنّ هناك أمر آخر يؤرقني وهو أن أجد الناس يطلقون الأحكام عليك فيما ما إذا كنت ستخرج للاحتجاج أم لا. أنا شخصياً لن أذهب، أنا لا أريد أن أتعرض للضرب أو لإطلاق النار – لا أريد أن أعاني المزيد. أعتقد أنني اكتفيت وسأعبر عن مشاعري بطريقتي الخاصة، . لا أحب أن يطلق عليّ أحد الأحكام أو ينتقدني، لأن لكل شخص طريقته الخاصة في التعبير عن مشاعره وحزنه واحتجاجه.

كل ما نتطلع إليه هو تحقيق العدالة، ورفع الحصانة عن المتورطين ومحاكمتهم، نطمح  لبعض التغيير أو تحقيق أيّ شيء مختلف، نحتاج للتخلص من هذه اللامبالاة التي اعتاد الناس عليها. كل ما نحتاج إليه هو جرعة من الأمل، بالرغم من أن ذلك قد يكون مستحيلاً في هذه المرحلة.

حسن طرابلسي، 22 عاماً.

بالرغم من مرور عام كامل، إلا أنني ما زلت لا أصدق ما حدث، لطالما عانى لبنان من أزمات جديدة تحول دون استيعاب ما يجري من حولك، أو ربما تجبرك على نسيان سابقتها لتتمكن من معالجة القضايا الجديدة الراهنة، أشعر الآن بالغضب والارتباك والعجز لمرور عام كامل بينما الأمور ما تزال على حالها، دون توفر إجابات تفسر ما حدث.

من الغريب أن أقول هذا، ولكن بعد حدوث الانفجار لمست وحدةٍ بين الناس جعلتني أشعر وكأنّ الانفجار كان بمثابة جرس إنذار للبنان، وتحذير بأننا في طريقنا لنشهد تغييرات كبيرة من شأنها تحسين حياة الناس. اليوم وبعد مرور عام على هذا الحدث نواجه أزمة اقتصادية ومالية كبيرة، أسفرت عن فقدان عملتنا لأكثر من 90٪ من قيمتها، وصار الناس في وضع أسوأ مما كنا عليه بعد وقوع الانفجار مباشرةً … نحتاج للكثير حتى نتنبه ونصل إلى نقطة التحول المطلوبة.

مايا عكرا، 30 عاماً.

كان من الصعب جداً اختبار هذه التجربة من بعيد والعجز عن تقديم المساعدة على الأرض، بالرغم من شعوري بالألم والأسى، إلا أنني لم اختبر الصدمة بنفس الطريقة التي عاش بها الناس في بيروت إثر الانفجار، لقد شعرت بالعجز لأنني لم أستطع فعل أيّ شيء.

في المرة الأولى التي مررت فيها بموقع التفجير في ديسمبر الماضي، صرخت بأسى لأنّ هذا الحدث المذهل كان يفوق قدرتي على التحمل، وخاصة وأنّ لبيروت مكانة عزيزة في قلبي، إنّ مجرد رؤيتها محطمة كان أمراً محبطاً ومؤلماً ولا يمكن تحمله، لطالما كنت أرى بيروت مدينة قوية، ورؤيتها بهذا الشكل كان أمراً محزناً للغاية.

عندما أكون في بيروت ينتابني الشعور بالقلق المستمر خشية حدوث أيّ شيء، إنّ مجرد ألا أكون في بلدي وعدم قدرتي على العودة إليه لافتقادي الشعور بالأمان – هو شعور صعب وقاس جداً، وأعتقد أنّ كل لبناني يعيش في الخارج قد اختبر هذا الشعور ايضاً.

أشعر برغبة عارمة بالخروج إلى الشوارع والاحتجاج، لاستعادة هذا الشعور الوطني الذي أتوق إليه، والذي فاتني في العام الماضي للمساعدة في إعادة بناء بلدي.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة