Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

هكذا أصبح البطيخ رمزا للمقاومة الفلسطينية

فاكهة ثوريّة

يُعرف البطيخ بأنه فاكهة نابضة بالحياة تروي العطش مثالية لأيام الصيف الحارقة، ربما مع طبق من جبن الفيتا. تحت مذاقها اللذيذ تكمّن قصة تاريخيّة عميقة. يعود تاريخ هذه الفاكهة الشهية إلى شمال شرق أفريقيا، حيث ازدهرت في مصر منذ 5000 عام. تنسج رحلتها عبر التاريخ، لتصل إلى فلسطين المحتلة، حيث لم يعد البطيخ مجرد مصدر لذيذ للتغذية، بل تحول إلى رمز قوي للاحتجاج.

تروي الفاكهة المنشطة قصة محنة الشعب الفلسطيني وفخره عبر الأجيال. وفي السنوات التي أعقبت حرب 1967، جرّم رفع العلم الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية. وفي تحدٍ للحظر المفروض على الألوان الوطنية، بدأ الفلسطينيون في حمل شرائح البطيخ عبر المنطقة لما تحمل الفاكهة من ألوان مشابهة للعلم الوطني، أي الأحمر والأبيض والأخضر والأسود. وهكذا، تحول البطيخ إلى منارة للمقاومة وأصبح يُطبع على الأعمال الفنيّة والقمصان والكتابة على الجدران والملصقات والرموز التعبيرية.

يكشف الفنان الفلسطيني الشهير سليمان منصور عن أصل رمزيّة هذه الرمزية في مقابلة مع AJ+. مُنع منصور من الرسم بألوان العلم الفلسطيني، وواجه مصادرة أعماله الفنية من قبل الجنود الإسرائيليين في عام 1980 في رام الله. وتلت هذه الأحداث ذلك مواجهة مع ضابط كانت سببًا في نشأة الفكرة حيث سأل الضابط منصور: «كان يحاول إقناعنا بعدم ممارسة أي فن سياسي. لماذا تمارسون الفن السياسي؟». ومع تصاعد الحديث، أخبر الضباط منصور إنه غير مسموح له بإقامة أي معارض في الضفة الغربية وغزة إلا إذا حصل على إذن من الرقابة العسكرية الإسرائيلية وختم موافقة على كل لوحة. سأل فنان فلسطيني آخر كان يرافق منصور في ذلك الوقت، عصام بدر، الضابط: “لو رسمت زهرة بهذه الألوان ماذا ستفعل؟” فيجيبه الضابط: “حتى لو رسمت بطيخة ستتم مصادرتها”. ومن المفارقات أن فكرة البطيخ جاءت من الجندي. 

ومن هنا، استوحى فنانون مثل خالد حوراني وغيرهم الكثير من قصة منصور فكرة استخدام البطيخ كأداة قوية للمقاومة، وتبعه العديد من الفنانين الآخرين. كانت للفاكهة أهمية كبيرة لدرجة أنه تم الإبلاغ عن اعتقال متظاهرين شباب ذات مرة بسبب رفعهم شرائح البطيخ. واليوم، تشبع الفاكهة وسائل التواصل الاجتماعي لاستباق أو التحايل على الحظر على المحتوى المتعلق بفلسطين ولإظهار التضامن مع الفلسطينيين وسط الإبادة الجماعية المستمرة. وعلى مدى شهر من القصف المتواصل على غزة، خلف ما لا يقل عن 10,569 قتيلاً، منهم 4,000 طفل على الأقل، و2,500 امرأة، و500 من كبار السن، وهو ما يمثل 70% من عدد القتلى.

الصورة: خالد حوراني

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة