Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

ما سبب هروب الفنانين الأتراك الشباب إلى برلين؟

هل تصبح العاصمة الألمانية اسطنبول الجديدة؟

إذا كنتم تصدقون سكان برلين المحليين المتشائمين، فستصدقون أن هذه المدينة التي لطالما كانت وجهةً للغرباء والفنانين وأصحاب الأفكار الثورية الجديدة قد فقدت بريقها. بين المناطق العصرية للغاية، والمناطق الراسخة والكلاسيكية، يبدو أن عنصر المغامرة قد بدأ بالأفول، وهل غفلنا عن ذكر إيجارات المنازل الخيالية؟

 

ومن ناحيةٍ أخرى، سطع نجم اسطنبول التي كانت تتحضر لتصبح الوجهة الرئيسية لمبدعي العالم. إذ أصبحت المدينة معروفةً بمشهد الحفلات الصاخب والمعارض الفنية والمجلات التي بدأت تظهر في كل حدبٍ وصوب والأبنية الجميلة التي كان من المفترض تحويلها إلى نوادي ليلية ومساحات فنية واستديوهات وشقق للسكن.  

 

إذاً، ما الذي يدفع بالعديد من المبدعين الأتراك من المثقفين وأصحاب الخبرة الطويلة بحزم حقائبهم والتوجه شمالاً للاستقرار في العاصمة الألمانية؟ لقد مرت تركيا واسطنبول بالتحديد بسنواتٍ صعبة مؤخراً بسبب السياسات الصارمة وعددٍ من الهجمات الإرهابية المدمرة وانقلاب عسكري فاشل وكل هذا كان له أثر بالغ على السياحة والثقافة والفنون في البلد.

 

لا تجمّل الراقصة ومصممة الرقص Candaş Baş كلماتها لدى وصف الواقع المرير الذي يعاني منه الفنانون في الوقت الحالي: “تعمل بجدٍّ لخلق شيءٍ ما وتتوسل للجميع للحصول على ما يدينون لك به وفي أسوأ الأحوال لا يدفعون لك في نهاية المطاف.” وقد حصلت هذه الراقصة ذات الـ42 عاماً والتي تعمل في نفس الوقت كـ DJ ومعلمة يوغا على تأشيرة الدخول كفنانة إلى ألمانيا وهي تأشيرة يحلم بها الكثيرون وتأخذ وقتاً طويلاً ولقد ألهمتها هذه التجربة لتأليف رقصةٍ خاصة مستوحاة من البيروقراطية والانفصال واليأس. وعلى عكس أسلوب الحياة المسترخي الذي يعيشه سكان برلين المحليين تعيش Candaş Baş أسلوب حياةٍ مشحون، وهذا ما يدفعها للدفاع عن برلين قائلةً: “أنا آتي من مدينةٍ تملأ الشرطة والدبابات العسكرية شوارعها، وهذا ما يجعلني أرغب في معانقة كل شجرة وشخص في برلين.”

 

 

تماماً مثل Candaş، يبحث خبير الضيافة Göktan Bud في برلين عن أشياء فقدها في اسطنبول منذ زمنٍ طويل. ومنذ انتقاله إلى المدينة في يناير 2018 عمل مع شريكه على تأسيس فرعٍ لناديه الموسيقي الشهير في اسطنبول Arkaoda وذلك في منطقة Berlin-Neukölln، وهو يسعى من خلال ذلك إلى التواصل مع أشخاص يشاركونه ذات الشغف، ويقول: “أريد الشعور بنفسي وبالحرية”. لا يظن Bud أو Candaş أنهما سيفقدان أي شيءٍ من ناحية العمل بانتقالهما إلى المدينة الجديدة، ولكنهما سيفتقدان الطعام المحلي والعائلة والأصدقاء وكل ما جعل اسطنبول مدينةً رائعةً في يومٍ من الأيام.

 

كلاهما متحمسان لبدايةٍ جديدةٍ في برلين، وعندما سألتهما عن قرارهما بالانتقال أجابت Candaş بجوابٍ كفيلٍ بإسكات جميع منتقدي برلين: “لطالما كنت مغرمةً ببرلين، أحب الأشجار، الحدائق، السلام، الموسيقى، الفن، الجنون والهدوء في نفس الوقت.” أما Göktan فيصف نبض المدينة بقوله أن برلين ترحب بكل من يقضي فيها وقتاً كافياً للشعور بروحها، ويضيف: “برلين في حالة حركةٍ دائمة، وتحولٍ مستمر.” وبفضل أشخاصٍ مندفعين ومليئين بالحياة مثلهما لا يرون المدينة كمكان لمغامرةٍ سريعةٍ ورخيصة، وإنما على حقيقتها: ملاذ للتعبير عن النفس والإبداع، ستبقى برلين وجهةً لكل الحالمين ولن تردّهم بل ستفتح ذراعاها لهم كعادتها.

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة