في الأسبوع الماضي ، حضرت أحد العروض الموسيقية الأكثر إثارة واستثنائية في حياتي حيث يتناوب منسقو الأغاني السعوديون Bluepaper و Agha و Fulltone لتحريك القرص الدوار في مساحة حميمية مضاءة بأشعة الليزر والأضواء الساطعة. حضر الحفل مئة شخص وتواصل حتى الساعة الواحدة صباحا.
هذا هو الجزء المثير في الحفل. ماذا عن الجزء الاستثنائي؟ أقيم الحفل في مستودع يقع في عاصمة المملكة العربية السعودية والتي لطالما كانت الحفلات المختلطة فيها تُسبب تغريم المشاركين فيها أو إلقائهم في السجن.
تأتي هذه الأمسية في إطار Xchange وهي سلسلة من ثلاث ورش عمل مركزة تهدف إلى معالجة القضايا المتعلقة بصناعة الموسيقى في المنطقة. وصرحت ندى الحلبي ، مديرة برنامج XP في MDLBEAST بأن : ” يعيش المشهد الموسيقي السعودي فترة من الازدهار ، ونحن بحاجة إلى التفكير في كيفية الاستمرار في دعمه وتنميته بالاضافة الى ضمان سلامة واستدامة الصناعة”.
لطالما كانت الحفلات شأناً سرياً في المملكة العربية السعودية ، حيث كان الالتزام الصارم بالطائفة الوهابية يعني أن الموسيقى تثير استياء المتدينين المحافظين على الرغم من عدم منعها قانونيا بشكل صريح . بعد سلسلة من المراسيم الملكية التي قادها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتي تهدف إلى تخفيف القيود كجزء من خطة التنويع الاقتصادي للبلاد لعام، بدأت الأمور تتغير ببطء في البلاد 2030 وعادت الموسيقى بهدوء إلى الدولة الخليجية المحافظة.
قبل عام، أعلنت هيئة الموسيقى في المملكة العربية السعودية عن إطلاق أول استراتيجية للموسيقى في المملكة. من المقرر أن تشمل الاستراتيجية إنشاء أكثر من 130 استوديو تسجيل، بما في ذلك أكبر استوديو تسجيل في العالم في الرياض، ومجموعة من معاهد الموسيقى الجديدة ومرافق تدريب في جميع أنحاء المملكة.
وقبل 3 سنوات أي في عام 2019 ، استضافت البلاد أول مهرجان للموسيقى الإلكترونية على الإطلاق وتم إطلاقه من قبل شركة الترفيه المحلية MDLBEAST. تواصل حفل التكنو لمدة ثلاثة أيام ونُضمت خلالها عروض في ضواحي الرياض من بعض أفضل الفنانين في العالم ، بما في ذلك ستيف أوكي ، DJ Snake ، Tiesto ، و Swedish House Mafia ، من بين آخرين.
وفي الأثناء، يحاول الجيل الجديد من منظمي الحفلات والمرتاديين المتوافقين ثقافيًا المساعدة في تشكيل حياة ليلية جديدة في المملكة أين يمكن للمطلعين حضور الحفلات المؤقتة والهذيان تحت الأرض.
يمكن القول أن الدولة المحافظة قد قطعت شوطًا طويلاً. حيث اعتادت في السابق هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو “الشرطة الدينية” القبض على الأشخاص لمجرد رقصهم في حفلات أعياد الميلاد. لكن، لا يزال الطريق طويلا عندما يتعلق الأمر بمشهد موسيقى تحت الأرض مزدهر.
وثقافة الحفلات من الازدهار. حيث يواجه صانعو الحفلات العديد من العقبات عندما يتعلق الأمر بالحصول على تصريح وإيجاد مكان مناسب في ظل عدم وجود نوادي ليلية مرخصة في المملكة رغم ازدياد الاهتمام بموسيقى الالكترونية وظهور فنانين محليين موهوبين. حتى، أن الوضع قد يدفع الكثيرين لاحياء حفلات في فيلا أحد الأصدقاء بشكل غير قانوني كما كان الحال في عام 2016 أي قبل فترة طويلة من تقديم رؤية 2030.
ولهذا السبب بالذات أطلقت MDLBeast مهرجان Xchange: دعم ثقافة متنوعة في وقت متأخر من الليل مع منع السلوك المحفوف بالمخاطر وتعزيز السلامة بين رواد الحفلات وعشاق الموسيقى الاندرقراوند.
كانت قد أقيمت النسخة الأولى في وقت سابق من هذا العام في جدة، بينما بدأت الجلسة الثانية في الرياض في 15 سبتمبر حيث تم دعوة صانعي السياسات والفنانين ومروجي الحفلات إلى منطقة “جاكس” الصاخبة لإجراء محادثة صريحة حول كيفية رعاية الموسيقى المزدهرة في البلاد. كما حاول المشاركون التعرف على كيفية توسيع المشهد الاندرقراوند من خلال الحفلات والمناسبات الصغيرة ، مع الحفاظ على بيئة آمنة ومستدامة لجميع الحاضرين.
شارك في الجلسة الأولى الأميرة فهدة بندر عبد الله آل سعود ، المؤسس المشارك لـ Travelling Panther و TTP Retreats و بندر التونسي، شريك مؤسس وشريك في LYMM. ماثيو ديكس ، مدير الموسيقى والمواهب في MDLBEAST RECORDS ؛ وريان الرشيد ، مدير العمليات MDLBEAST. وناقش المتدخلين كيفية إضفاء الشرعية على المشهد الموسيقي السعودي قبل تقسيم الحاضرين إلى أربع مجموعات مختلفة لاستكشاف طرق تحسين النظام البيئي للموسيقى الاندرقراوند في المملكة العربية السعودية.
من بين الأسئلة التي تم طرحها خلال الجلسة التي استمرت ساعة كاملة: ما هي المعوقات الحالية لتنظيم الحفلات في السعودية؟ كيف نحافظ على أصالة المشهد عند تنفيذ السياسات والتدابير؟ كيف تسمح الحفلة بتمكين المشهد الموسيقي من التوسع؟. ومن المقرر أن يتم عرض النتائج في تقرير صناعة الموسيقى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي سوف يصدره XP ، بعد انتهاء أعمال ورشة العمل الثالثة والأخيرة في دبي في أكتوبر.
من الممكن أن نرى تحولًا وإعادة تشكيل للحياة الليلية المحلية والمشهد الموسيقي يجعل الحفلات التي تستمر الى الساعة 1:00 صباحًا أمرا عاديا، خاصة بتواجد صانعي السياسات الذين يعملون مع الحكومة السعودية في ورشة العمل للاستماع إلى التعليقات والمخاوف التي أثارها الفنانون ومنظمو الحفلات.