«كل ما خسِرَتْ» لدلال معوض هو قصة مؤثرة عن قدرة المرأة اللبنانية على الصمود

By women for women

اتسم تاريخ لبنان الحديث بالحرب والمآسي والانهيار الاقتصادي الحاد. قبل ثلاث سنوات فقط، تعرضت بيروت للدمار جراء انفجار كارثي في ميناء في 4 أغسطس / آب 2020، لا تزال البلاد تعاني من نتائجه. فقد الآلاف أحباءهم ووجد الكثيرون أنفسهم بلا منزل، علاوة عن صراعهم مع التدهور الاقتصادي المستمر والتعامل مع الدمار الذي لحق ببلدهم. تروي  دلال معوض، وهي صحافية لبنانية حائزة على جوائز وأستاذة لبنانية، قصة لبنان في أحدث إصدار لها بعنوان «كل ما خسِرَتْ» ، وهو كتاب من تأليف “نساء من أجل النساء”.

نحن معتادون على رؤية رجال في مناصب قوة وامتياز يروون روايات التاريخ ويصفون الفظائع في الشرق الأوسط. في كثير من الأحيان، يكون السرد بعيد المنال يتخلله مشاعر البطولة والانتصار ليغيّب صوت من هم في أمس حاجة إليه. وهذا ما يجعل كتاب «كل ما خسِرَتْ» مميزًا للغاية حيث تروي معوض قصة لبنان من منظور نسائي بالكامل. يجمع الكتاب مجموعة من الشهادات النسائيّة، تعرض بالتفصيل قصصًا عن الناجيات والألم المستمر الذي يتعرضن له.

يعود الكتاب  إلى زمن الحكم العثماني حتى الانهيار الاقتصادي الأخير وكفاح الشعب اللبناني لتقديم المسؤولين عن انفجار ميناء بيروت عام 2020 إلى العدالة ، لتقدم معوض تحليلاً تاريخيًا وسياسيًا شاملاً للبنان الحديث. تقدم دلال أيضًا ملخصًا عن الفصائل الطائفية في بلاد الشام والتمييز العنصري الذي تواجهه المرأة ، من قوانين الزواج والميراث الجائرة إلى الحالات القصوى التي يخطف فيها الرجال أطفالهم لتولي الحضانة الكاملة في أوقات الطلاق. كما تقدم أمثلة من الحياة الواقعية عن كيفية تهميش النساء في لبنان والتمييز ضدهن باستمرار من خلال القوانين التي يسيطر عليها نظام أبوي لا يمكن إنكاره.

تأتي النساء التي تحدثت معوض معهنّ من جميع مناحي الحياة ، ومنهن عاملات منازل ومحاميات ولاجئات. يتحدثن جميعهنّ عن الألم والحزن والخسارة التي تحملنها قبل الانفجار وبعده. يسلط الكتاب الضوء على أوجه عدم المساواة المنهجية الصارمة التي تعاني منها النساء باستمرار من قبل الرجال في مناصب السلطة. «كل ما خسِرَتْ»  هو كتاب قوّي وشخصي، تكشف  فيه معوّض من خلال كل قصة عن جزء بسيط من صدمتها الشخصيّة بعد الانفجار.

تقول معوض في إحدى مشاركاتها على إنستجرام: “هذا الكتاب لكل امرأة وأكثر من ذلك ه ، لكل امرأة فتحت لي قلبها في السنوات الثلاث الماضية ؛ لنساء لبنان والعالم العربي اللواتي يترنحن من أزمة إلى أخرى، للواتي لم يشفين بعد ، وتلك محكومات عليهن بالعنف الذي طال أمده ومع ذلك ما زلن أحياء وقويّات. أرجو أن تجدنّ السلام والعدل “.

كانت معوض ، التي كانت تعمل في وكالة أسوشيتيد برس آنذاك ، من أوائل من غطوا آثار الانفجار. بعد الانفجار ، انتقلت إلى باريس على أمل تربية ابنتها في ظروف أقل خطورة –  وهي الآن تعمل كمنتجة لشبكة سي إن إن. كما أنها ستستضيف سلسلة وثائقية مع Kerning Cultures بعنوان The Lebanon Heist – وهي عبارة عن بودكاست من ستة أجزاء تبحث في الأسباب الجذرية للأزمة المالية المدمرة في لبنان ، وهي من بين الأسوأ عالميا منذ منتصف القرن التاسع عشر وأدت إلى حرمان ملايين المواطنين اللبنانيين من مدخرات حياتهم.

شارك(ي) هذا المقال