منذ أن تخرجت من الجامعة وبدأت العمل بدوام كامل قبل ثلاث سنوات، اتجهت بشكل طبيعي نحو حياة الاستقرار والأمان. وعلى الرغم من أنني كنت دائماً منفتحة بطبيعتي، إلا أن الخروج كثيراً والبقاء مستيقظة لوقت متأخر في الحفلات أو وضع خطط كثيرة للأسابيع القادمة، لم يعد شيئاً أرغب القيام به بعد الآن.
لقد تعلمت كيف أقدّر لحظات الفراغ، أو بتعبيرٍ أدق فكرة عدم الاضطرار إلى استغلال الوقت بأكمله كل يوم. وخلال هذه الأوقات الصعبة، أعتقد أنه يجب علينا جميعاً تبني فكرة عدم القيام بأي شيء، دون الندم على ذلك.
وذلك لأن الرغبة المستمرة في القيام بالمزيد والعمل أكثر وشراء المزيد ونشر المزيد، تؤدي إلى شعور معظمنا بالمزيد من الإرهاق وعدم السعادة.
ربما مفهوم “أننا نعيش مرةً واحدة” هو السبب في فكرة “الاستفادة القصوى من كل شيء”. ولكن ما هو كل شيء؟ ومن الذي يحدده؟ فالإعلانات التجارية و قصص الإنستاغرام وغيرها تشجعنا باستمرار على فعل ما يفعله الآخرون أو القيام بالمزيد. وهذا ما يوهمنا بأننا ننجز الكثير في حياتنا ونعطيها قيمة أكبر، لينتهي بنا الأمر في الوقت نفسه إلى نسيان أنفسنا.
أصبح مصطلح JOMO أو “فرحة التغيّب عن شيءٍ ما” شائعاً ونوعاً من التحدي لمصطلح FOMO “الخوف من أن يفوتنا شيء”، وذلك من خلال اتخاذ قرارٍ بإلغاء كل خططنا، والتركيز على أنفسنا بشكلٍ أكثر صدقاً. حيث تبين أن البقاء في المنزل هو أمر بعيد عن الأنانية. فبرفض الانغماس المفرط في الاستهلاك والإنتاجية؛ أنتم لا تقدمون لأنفسكم معروفاً فحسب، بل ستنقذون الكوكب أيضاً.
في هذه الأوقات المليئة بالغموض والشك، فإن السؤال الذي يطرحه الكثيرون على أنفسهم هو “كيف يمكنني إصلاح هذا الوضع؟”
من الرائع أن نرى الناس متحمسين تجاه القيام بأشياء جديدة مثل سماع برامج البودكاست أو ممارسة الفن أو التأمل أو تعلم لغة جديدة… إلا أننا إذا أردنا حقاً إصلاح جشع مجتمعنا وبناء مجتمعات واعية للحدود البيئية لكوكبنا، فعلينا تعلم كيفية القيام بما هو أقل؛ وليس أكثر.