Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

لقد سئمنا من السعي للحصول على مصادقة الغرب: بيان صادر عن الفريق

حان الوقت لرفع أصواتنا عالياً

يعتبر الأديب إدوارد سعيد من أبرز من حلّل علم الاستشراق تحليلاً علمياً، وغالباً ما كانت توصف نظريته بأنها العدسة التي ينظر من خلالها الغرب إلى ما يسمى بالشرق، وبناءً على ذلك يمكن فهم الاستغراب (وهو الميل نحو الغرب والتعلق به ومحاكاته) على أنه نقيض الاستشراق. في الواقع لعبت بضعة بلدان على مدى قرون دوراً ديكتاتورياً في تحديد ما هو مقبول ورائج ونشر الأفكار الغربية وجعلها مبادئ أساسية راسخة في ثقافة العالم، وغني عن القول بأن منطقتنا قد تأثرت بشكل ملحوظ بهذه الظاهرة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ تقبل الشيء أو رفضه بات مرهوناً بشكل وثيق بنظرة الغرب تجاهه، وقد أصبح هذا الأمر متأصلاً في ثقافتنا ومجتمعاتنا المحلية (حتى وقت قريب على الأقل). إن هذه النظرة التي ننظر بها إلى الغرب قد تسببت مع مرور الوقت بجعلنا نقلل من شأن المواهب من المنطقة. وربما هذا متعلق بسنوات الاستعمار الغربي لمنطقتنا.

بالرغم من أن الكثيرين قد حاولوا الاندماج مع هذا الفكر، إلا أنّه من الأهمية بمكان تذكر حقيقة أنّ “التكيف مع مجتمع سقيم لا يعتبر أمراً سليماً” وقد تكون المصادقة الغربية بنية اجتماعية استعمارية تهدف إلى استغلال العقول المبدعة التي يزخر بها العالم غير الأوروبي.

وبهدف الاستفاضة في هذه القضية الهامة، قمنا بالتحدث مع فريق العمل، وهذه كانت وجهات نظرهم.

عمر

قصتي ليست بهذا التعقيد، فقد كنت مجرد طفل شديد الفضول، وكنت أبحث باستمرار عن وسائل إعلامية يمكن الوصول إليها بسهولة. من الواضح أن الغرب قد هيمن على وسائل الإعلام التي أثّرت بشكل كبير على مدى شعوري بالانتماء وعلى شعوري بذاتي. ناهيكم عن أنني كرهت الظلم من حولي وانتهى بي الأمر بأن أصبحت مفتوناً جداً بعالم ما وراء البحار والذي يبدو أنه أكثر تساهلاً مع شخصٍ مثلي.

ولكن مع مرور السنوات، بدأت أشعر أن تلك البيئة التي كانت في الواقع بيئتي لم تعد تلائمني، مما دفعني للابتعاد عن ثقافتي المحلية، وبدأت أشعر برغبة عارمة بأن أكون شخصاً آخر في مكان آخر. في الحقيقة في تلك المرحلة من العمر وبالرغم من أنني لم أكن أدرك طبيعة الشخص الذي أريد أن أكون، إلا أنني لم أكن مرتاحاً للشخص الذي كنت عليه.

بصراحة، لقد بذلت قصارى جهدي في محاولة لاستبدال الأشياء التي لم أكن أتقبلها بذاتي وكنت أفعل ذلك بالخفاء، لقد كانت رغبتي بالتخفي نابعة من شعوري بأنه لا مكان لشخص مثلي في المجتمع.

باختصار، لم أحظَ في أعماق نفسي بالشعور بالأمان تجاه هويتي، لطالما كنت قلقاً جداً حيال مواجهة رفض العالم لي، ذلك العالم الذي نشأت فيه والذي كنت أعتقد أنه يميز بين الأشخاص تبعاً للبلد الذي ولدوا فيه لا غير، خاصةً إذا ما كان بلداً له تاريخ مع الاستعمار.

لكن في النهاية، تحطمت تماماً، الأمر الذي دفعني لأخذ استراحة وجودية كبيرة من الحياة في محاولة للشعور بالراحة، وها أنا الآن أرى الأشياء بمنظار مختلف، وبالرغم من أنني أصبحت شخصاً ناضجاً، إلا أنني لا أعتقد أنّ الأمر كان بهذا السوء، لأنّ هذه التجربة قد جعلتني أصبح ما أنا عليه اليوم، ولم أعد مضطراً لإثبات نفسي لا من خلال نظرة والداي، ولا من خلال نظرة الغرب.

أمينة

عندما انتقلت إلى الغرب وأنا طفلة صغيرة، كنت اخطط للاندماج مع ذلك المجتمع – تماماً مثل معظم الأطفال الذين يضعون “التكيّف” في مقدمة أولويتهم. إلا أنني لم أدرك ما المجتمع الذي كنت على وشك الانصهار فيه – إلى أن وجدت نفسي في مجتمع معظمه من البيض، ناهيكم عن التاريخ الاستعماري لبلدي الأم، ولم يكن أمامي سوى طريق واحد فقط يمكن لأي شخص اختبر تجربتي أن يسلكه.

ولكن كما قد يخبركم أي شخص اختبر هذه التجربة: ستواجهون في النهاية معركة داخلية: تقارن بين الشرق الكلاسيكي والغرب، كما ستواجهون عبئاً في بذل قصارى جهدكم في تحليل وفهم واقعكم، ولكن الأهم من ذلك هو النجاح في توحيد هويتكم.

نور

لقد توفيت نوال السعداوي في وقت مضى في هذا العام وبطريقة ما اكتشفت تشبيهها بشخصية نسوية أخرى هي سيمون دي بوفوار، كان الأمر كما لو أن وكالات الإعلام الغربية لا تستطيع التحدث عن نوال دون تشبيهها بالنسوية الفرنسية. لم أستطع أن أفهم لماذا لا يمكنهم منح أيقوناتنا المبدعة حقهن من التقدير والتحدث عنهن وعن إرثهن العريق دون تحويلهن إلى نسخة شرق أوسطية مصغرة عن أيقوناتهم البيضاء. لقد كان الأمر شخصياً بالنسبة لي، لطالما كانت نوال قدوة لي، وقد ساعدتني كتبها كثيراً كطفلة وشابة في مواجهة مجتمعنا العربي والمسلم، لقد غيرت هذه الكتب حياتي، وأكدت كلماتها صحة كل المشاعر التي كنت أعاني منها جراء الأسئلة التي كانت تراودني حول هويتي. في الواقع إنّ وصفهم لنوال بأنها سيمون دي بوفوار العالم العربي لم  يكن أمراً مؤذياً، إلا أنّه كان نوعاً من إلغاء تجربة نوال الخاصة ومساهمتها في النظرية النسوية التي تأثرت بشكل كبير بهويتها وبيئتها، وبالتالي هو انتقاص من تجربة كل الفتيات العربيات. بصراحة لم تكن سيمون دي بوفوار قادرة على كتابة ما كتبته نوال لأنها كانت من بيئة مختلفة عنها تماماً: كانت امرأة بيضاء ولدت في مجتمع برجوازي وقد حظيت بدعم محيطها… لذا دعونا نحافظ على أيقوناتنا، فنوال السعداوي هي نوال السعداوي العربية ولا شبيه لها. 

شارك(ي) هذا المقال

مقالات رائجة